تشهد سوق العملات المشفرة تذبذباً مستمراً بسبب التأثير المتداخل للعوامل الاقتصادية والسياسية والتنظيمية، وقد كان للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، والقادم لتولي السلطة الشهر المقبل، دور في تسليط الضوء على هذا القطاع، حيث أصبحت تصريحاته ذات تأثير قوي على توجهات السوق والمستثمرين، خاصة بعد ارتفاع البيتكوين إلى 108.300 ألف دولار في 17 ديسمبر 2024.
دعم ترامب للبيتكوين
دعم ترامب للعملات المشفرة أثار جدلاً واسعاً، حيث اعتبره البعض مؤشراً إيجابياً يعزز ثقة المستثمرين في هذا القطاع، وأبرز ترامب أهمية دور الولايات المتحدة في قيادة الابتكار في مجال العملات الرقمية، مشيراً إلى أن هذا المجال يحمل فرصاً اقتصادية كبيرة، بشرط وجود سياسات تنظيمية مرنة تشجّع الاستثمار والتطوير.
على الرغم من هذا الدعم، فإن تأثيره لا يمكن اعتباره ضماناً لارتفاع الأسعار؛ فالأسواق المشفرة تعتمد على عوامل أخرى مثل العرض والطلب، والتطورات التكنولوجية، والوضع الاقتصادي العام، ومع ذلك فإن التصريحات الإيجابية من شخصيات سياسية بارزة مثل ترامب، قد تسهم في خلق زخم قصير الأمد ينعكس على الأسعار.
وبحسب يويا هاسيجاوا، المحلل في بورصة العملات المشفرة اليابانية «بيتبانك»، فإن البيتكوين تواجه ثلاثة عوامل تأثير رئيسية في عام 2025،وهي سياسة التشفير لإدارة ترامب، والسياسة النقدية الفيدرالية، وديون الحكومة الأمريكية، ومع تراجع البيتكوين إلى 94000 دولار، فإن العوامل الثلاثة الرئيسية المؤثرة في سوق العملات المشفرة لعام 2025 كالتالي:
أولاً،
سيهيمن اتجاه سياسة العملات المشفرة لإدارة ترامب على معنويات السوق.
ومن المتوقع أن تؤثر خطة الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين التي اقترحتها والتقدم المحرز في تعيين المرشحين المؤيدين للعملات المشفرة بشكل مباشر على اتجاهات أسعار العملات المشفرة السائدة بما في ذلك بيتكوين وXrp وDogecoin.
ثانيًا
، ستستمر السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في التأثير على سوق العملات المشفرة.
وأشار هاسيغاوا إلى أن السياسة النقدية التيسيرية كانت دائمًا إيجابية لأسعار البيتكوين، في حين أن العكس سيكون له تأثير سلبي.
وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة بإجمالي 100 نقطة أساس هذا العام، بسبب خطة ترامب لفرض تعريفات بنسبة 10٪ -20٪ على جميع السلع المستوردة، مع وصول التعريفات الجمركية على السلع الصينية إلى 60٪، فإن هذا قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية، مما يجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على الحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة نسبيًا.
ثالثًا
، قد تصبح قضية ديون الحكومة الأمريكية محورًا جديدًا للسوق. وأكد هاسيغاوا أن بيئة أسعار الفائدة المرتفعة ستزيد من عبء ديون الحكومة. إذا أثارت المخاوف بشأن استدامة الديون مخاوف السوق، وإذا تم تنفيذ خطة الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين الأمريكية بنجاح، فإن سمة الملاذ الآمن للبيتكوين باعتبارها الذهب الرقمي ستحظى بمزيد من الاهتمام، مما قد يدفع تقييمها إلى الارتفاع.
وبين دعم ترامب للعملات المشفرة وانتقاداته للنهج التنظيمي الصارم الذي تبناه رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية السابق، جاري غينسلر، تبرز أهمية السياسات الحكومية في تشكيل مستقبل هذا القطاع.
التصريحات الداعمة قد تخلق زخماً مؤقتاً للأسعار، لكنها ليست كافية لضمان استدامة النمو.. التحدي الرئيسي يكمن في إيجاد توازن بين الحماية التنظيمية وتشجيع الابتكار، بما يضمن ازدهار قطاع العملات المشفرة ويعزز مكانة الولايات المتحدة كقوة رائدة في هذا المجال.
انتقاد ترامب لرئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات السابق
انتقادات ترامب لرئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية السابق، جاري غينسلر، جاءت لتُسلّط الضوء على الاختلاف في الرؤى بينهما بشأن كيفية تنظيم العملات المشفرة.
-
النهج التنظيمي الصارم:
اتهم ترامب غينسلر بتبنّي سياسات تنظيمية صارمة تعوق الابتكار في قطاع العملات المشفرة، وقد أدّت هذه السياسات إلى دفع شركات ومؤسسات إلى التفكير في نقل أعمالها خارج الولايات المتحدة.
-
تقييد الابتكار:
أشار ترامب إلى أن اللوائح التي وضعها جينسلر أسهمت في تقييد الابتكار، ما أضر بتنافسية السوق الأميركية مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى.
-
الحاجة إلى التوازن:
أكد ترامب أهمية إيجاد توازن بين حماية المستثمرين وتشجيع الابتكار، مشيراً إلى أن القوانين الحالية غير ملائمة لتطور قطاع العملات المشفرة وتكنولوجياته المرتبطة مثل البلوكشين.
-
التشكيك في الدوافع:
أشار ترامب إلى أن جينسلر بالغ في استخدام القوانين القائمة دون تقديم حلول مرنة تتناسب مع طبيعة هذا القطاع المتغير بسرعة.
التأثير في السوق
تصريحات ترامب ضد جينسلر لم تكن مجرد انتقادات، بل حملت رسالة واضحة لدعم سياسات تنظيمية أكثر انفتاحاً، ما أثار اهتمام المستثمرين ودفع البعض إلى توقع تغييرات إيجابية محتملة في بيئة العمل داخل الولايات المتحدة.
وكشف ترامب النقاب عن خطته لبناء احتياطي استراتيجي من البيتكوين لأول مرة في خطاب ألقاه في شهر يوليو تموز 2024، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستكون نقطة البداية، لكن لا يزال من غير الواضح ما هي العملية القانونية التي ستعتمدها إدارته لتنفيذ ذلك.
ماذا يعني الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين؟
عادة يكون الاحتياطي الاستراتيجي للدول عبارة عن مخزون من الموارد الحيوية بما في ذلك السلع والمعادن والعملات التي يمكن إطلاقها في أوقات الأزمات أو انقطاع الإمدادات.
المثال الأكثر شهرة هو احتياطي النفط الاستراتيجي الأميركي، وهو أكبر إمدادات العالم من النفط الخام في حالات الطوارئ، كما تمتلك كندا الاحتياطي الاستراتيجي الوحيد في العالم من شراب القيقب، في حين تمتلك الصين احتياطيات استراتيجية من المعادن والحبوب وحتى منتجات لحم الخنزير.
الترخيص الأمريكي لصناديق البيتكوين المتداولة (ETFs): دفعة جديدة لعالم العملات الرقمية
حققت العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين، تقدمًا بارزًا في مجال التمويل التقليدي مع موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) في 10 يناير 2024 على 11 صندوقًا متداولًا للبيتكوين (ETFs). هذا القرار التاريخي شكّل لحظة محورية لدعم شرعية العملات الرقمية وتعزيز الثقة بها بين المستثمرين المؤسسيين.
بداية التداول ودعم السيولة
بدأت هذه الصناديق التداول في 11 يناير 2024، ما أتاح للمستثمرين الأفراد والمؤسسات الاستثمار في البيتكوين دون الحاجة لامتلاكها مباشرة. هذه الخطوة زادت من السيولة في السوق، حيث شهدت صناديق مثل «بلاك روك» وصناديق أخرى تدفقًا كبيرًا للأموال، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على البيتكوين بشكل ملحوظ.
المزيد من الفرص مع خيارات بورصة نيويورك (NYSE)
في أكتوبر 2024، خطت البيتكوين خطوة إضافية نحو السوق المالية التقليدية بعد أن منحت هيئة SEC موافقة معجلة لبورصة نيويورك لإدراج خيارات تداول مرتبطة بثلاثة من صناديق البيتكوين ETFs. هذه الخطوة أتاحت للمستثمرين المؤسسيين أدوات إضافية لإدارة المخاطر، مثل التحوط وزيادة تعرضهم للسوق، مما ساهم في جذب سيولة إضافية من المؤسسات الكبرى.
البيتكوين والاستجابة السعرية
بعد ترخيص هذه الصناديق، شهدت البيتكوين ارتفاعات ملحوظة في الأسعار نتيجة زيادة الطلب المؤسسي. ومع ذلك، لم يكن التأثير طويل الأجل مضمونًا، إذ تتأثر الأسعار أيضًا بعوامل خارجية مثل التنظيمات الإضافية، وسياسات الفائدة، وتحركات السوق العالمية.
التوقعات المستقبلية
مع دخول كبرى المؤسسات الاستثمارية إلى سوق البيتكوين عبر صناديق ETFs، تزايدت الآمال بأن يصبح الأصل الرقمي جزءًا أساسيًا من المحافظ الاستثمارية العالمية. ومع ذلك، تبقى تحركات السوق عرضة للتقلبات بناءً على عوامل العرض والطلب بالإضافة إلى القرارات التنظيمية المستقبلية.
ويرى المحللون أن الخطوات التنظيمية الأخيرة مثل ترخيص صناديق البيتكوين المتداولة في البورصات تضفي مزيدًا من الشرعية على العملات الرقمية، وتفتح الباب أمام موجة جديدة من الاستثمارات المؤسسية. ومع استمرار التطورات في هذا المجال، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستقود هذه السيولة الإضافية إلى مرحلة جديدة من الازدهار للبيتكوين والعملات الرقمية؟
– محطات مهمة منذ تأسيس البيتكوين (2008-2009)
2008: نشر ساتوشي ناكاموتو الورقة البيضاء بعنوان Bitcoin: A Peer-to-Peer Electronic Cash System، موضحاً فكرة نظام مالي رقمي لا مركزي.
2009: إطلاق شبكة البيتكوين وبرمجة أول كتلة (Genesis Block) في 3 يناير 2009، مع مكافأة 50 بيتكوين.
أهم المحطات التاريخية للبيتكوين
2010:
أول معاملة تجارية باستخدام بيتكوين، حيث اشترى مبرمج 2 بيتزا مقابل 10,000 بيتكوين.
إنشاء أول بورصة لتداول البيتكوين (Mt. Gox).
2011:
وصل سعر البيتكوين لأول مرة إلى 1 دولار.
بداية ظهور العملات الرقمية البديلة (Altcoins).
2013:
ارتفاع سعر البيتكوين إلى 1,000 دولار للمرة الأولى.
إغلاق سوق «Silk Road» بعد استخدام البيتكوين فيه.
2017:
تسجيل البيتكوين رقماً قياسياً جديداً حيث وصل إلى حوالي 20,000 دولار.
بدأ الانتباه الحكومي العالمي إلى العملات الرقمية.
2020:
البيتكوين يعبر حاجز 30,000 دولار مدفوعاً بزيادة تبني المؤسسات الكبرى.
ظهور استخدامات جديدة مثل التمويل اللامركزي (DeFi) والعملات المستقرة (Stablecoins).
2021:
تجاوز البيتكوين حاجز 60,000 دولار.
اعتماد السلفادور البيتكوين كعملة قانونية.
عمليات التنصيف (Halving) التنصيف هو عملية تقليل مكافأة تعدين البيتكوين إلى النصف كل 210,000 كتلة (تقريباً كل 4 سنوات)، مما يقلل المعروض الجديد ويزيد من ندرة البيتكوين.
– أهمية التنصيف
يساهم التنصيف في الحفاظ على محدودية البيتكوين عند سقف 21 مليون وحدة.
يدفع التنصيف بأسعار البيتكوين إلى الارتفاع بسبب انخفاض العرض الجديد وارتفاع الطلب.
يعتبر عنصراً أساسياً في اقتصاديات البيتكوين، حيث يعزز من قيمة العملة ويضمن استدامة النظام على المدى الطويل.
2012 (التنصيف الأول):
خفض المكافأة من 50 بيتكوين إلى 25 بيتكوين.
السعر قبل التنصيف: حوالي 12 دولار.
السعر بعد عام: حوالي 1,000 دولار.
2016 (التنصيف الثاني):
خفض المكافأة من 25 بيتكوين إلى 12.5 بيتكوين.
السعر قبل التنصيف: حوالي 650 دولار.
السعر بعد عام: حوالي 2,500 دولار.
2020 (التنصيف الثالث):
خفض المكافأة من 12.5 بيتكوين إلى 6.25 بيتكوين.
السعر قبل التنصيف: حوالي 9,000 دولار.
السعر بعد عام: حوالي 64,000 دولار.
التنصيف الرابع (2024): الأخطر على الإطلاق
يُعد تنصيف البيتكوين، حدثاً مهماً يصقل قيمة العملة المشفرة، ويعزز مكانتها كسلعة نادرة في الأسواق العالمية.
وشهد أبريل 2024 التنصيف الرابع للبيتكوين وهي ظاهرة تحدث بعد كل 210 آلاف كتلة يتم إنشاؤها (أي كل أربع سنوات تقريباً)، لتهبط مكافأة المعدنين (القائمين على تعدين البيتكوين) إلى النصف من 6.25 بيتكوين إلى 3.125 بيتكوين لكل كتلة.
وكان التنصيف الأخير بعد أن وصلت عملة البيتكوين إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 73.80 ألف دولار في مارس آذار، واليوم 23 ديسمبر تبلغ 95 ألف دولار فيما قفزت في 17 ديسمبر 2024 إلى 108.300 دولار.
ويعد التنصيف بمثابة تغيير في تقنية سلسلة الكتل الأساسية للبيتكوين والمصممة لتقليل معدل إنشاء عملات البيتكوين الجديدة تدريجياً، حتى يتم وقفه بشكل كامل عند بلوغ مستوى 21 مليون بيتكوين، وبمجرد الوصول لهذا الحد، لن يتم إنتاج المزيد من هذه العملة المشفرة التي حققت مكاسب بالمليارات للمستثمرين حول العالم.
فعند كتابة الأكواد الخاصة بالعملة المشفرة في بداية إطلاقها، حرص المصمم الأصلي للبيتكوين -والمعروف بالاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو- على وضع حد أقصى لعمليات الإصدار الجديدة حتى لا تقع الأسواق فريسة للتضخم.
وحتى الآن، تم إصدار نحو 19 مليون بيتكوين.
وتم تصميم البلوك تشين الخاص بعملة البيتكوين بحيث يحدث التنصيف في كل مرة تتم فيها إضافة 210 آلاف كتلة إلى السلسلة (كل أربع سنوات تقريباً)، وعند التنصيف، يتم تخفيض كمية البيتكوين المتاحة كمكافآت لعمال المناجم إلى النصف، وهذا يجعل التعدين أقل ربحية ويبطئ إنتاج عملات البيتكوين الجديدة.