تزامناً مع منتدى دافوس، تتسابق الدول والقطاع الخاص على توثيق الثقة في قدرتهما على مواجهة التغير المناخي والحد من الانبعاثات الملوثة. فالدول تقف امام معضلة تأمين الأموال اللازمة لتمويل الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، فيما القطاع الخاص يريد أن يكون لاعباً رئيسياً في حماية المناخ.
وبشرت انطلاقة هذا العام بالخير. فمنذ الأسبوع الأول للعام الجديد، تسابقت المبادرات من قبل الحكومات والشركات لنقل قضايا المناخ نحو الممارسات والتطبيق، وذلك لتبرئة أنفسها من اتهامها بعدم الاكتراث او التقصير.
القصة تبدأ في الولايات المتحدة. إذ أعلنت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكول أخيراً عن برنامج الحد الأقصى والاستثمار على مستوى الاقتصاد الذي يضع سقفاً متناقصا ًلانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويشارك العائدات مع سكان نيويورك من المجتمعات المحرومة للمساعدة في تغطية فواتير المرافق وتكاليف النقل وجهود إزالة الكربون.
وبذلك تكون ولاية نيويورك قد انضمت للولايات الأميركية الأخرى والتي يبلغ عددها نحو 11 ولاية تطبق هذا البرنامج.
ويتضمن هذا البرنامج إلزام المنشآت المسببة بانبعاثات الغازات الملوثة وموزعي وقود التدفئة والنقل شراء بدلات للانبعاثات تحتسب على كل طن متري من انبعاثات الكربون التي تتسبب فبه. وستستثمر الموارد المالية المحصلة في تقليل اكلاف التحول المناخي وخلق الوظائف والاستثمار في المجتمعات المحرومة.
وتندرج عملية شراء بدلات الكربون ضمن سياسات ولوج الحياد الكربوني التي تلزم الشركات بدفع تعويضات او مبادلة كمية الانبعاثات التي تسببها .
ويمهد هذا القانون الطريق نحو المزيد من الخطوات في توفير المزيد من الاعتمادات لمواجهة تمويل تغير المناخ. وستعلن ولاية نيويورك قريباً عن تشريع قانون خاص بإنشاء برنامج خصم عالمي لقضايا المناخ Climate Action Rebate والذي من المتوقع أن يوفر نحو مليار دولار سنوياً ويحفز اقتصاد الطاقة النظيفة.
وتماشياً مع هذا التوجه، أعلنت السوق المالية الأوروبية Euronext تطبيق مؤشر الاستثمار المعروف بـ« FIT 1.5 درجة مئوية« لأعمالها ولقاعدة شركائها وعملائها. وهذا إجراء لتفعيل استراتيجيات الاستدامة والنمو المؤثر.
وفي السياق نفسه، كانت لجنة أسواق راس المال الخليجية قد أطلقت مطلع هذا العام أيضا حزمة موحدة من معايير الإفصاح البيئي والاجتماعي والحوكمة للشركات المدرجة. وتضم الحزمة 29 معياراً يتماشى وأهداف الإتحاد الدولي للبورصات ومبادرة الأمم المتحدة للأسواق المالية المستدامة.
..والقطاع الخاص
ينشط القطاع الخاص عبر شركات ستغير مستقبلاً قواعد لعبة تغير المناخ، وذلك من خلال ابتكار حلول أو تقنيات تساعد على تحقيق أهداف الاستدامة، منها تقنيات استخلاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة وتخزينه او حقنه في تكوينات جيولوجية.
وساعدت التكنولوجيا في دعم هذا التوجه من خلال توفير البرمجيات اللازمة لقياس الانبعاثات وتخزينها وتقف اثارها وإصدار تقارير حولها.
فمن غير الممكن تحقيق اهداف صفر حياد في العام 2050 دون تفعيل عجلة استخلاص الكربون.
ومنذ أيام، أعلنت شركة كلايم ورك انها استطاعت استخراج انبعاثات الكربون من الجو بشكل كامل . وكانت الشركة قد دخلت العام الماضي في تحالفات استراتيجية مع كبريات الشراكات كـ«مايكروسوفت» و«شوبيفاي» و«سترايب» و«أل جي تي» و«يو بي أس».
اما «تشوز» المنصة النروجية لتعقب وإدارة وتوثيق اندماج عمل الشركة مع أهدافها المناخية، فاستطاعت الحصول على تمويل بقيمة 15 مليون دولار من عدة مستثمرين كـ«ساون فوتشر» التي أسسها الممثل الشهير آستون كاتشر، و«شل فانتشر» و«فينيل كابيتال» ومجموعة «الاتصالات أمادايوس ».
كما أعلنت كل من «أل جي» وهوندا البدء بإنشاء مصنع خاص لبطاريات الليثيوم قرب مدينة كولومبس الأميركية باستثمارات تصل إلى 4 مليارات دولار وخلق ألفي وظيفة جديدة.
واطلقت شركة «دي لويت» أخيرا مبادرة« تكنولوجيا الفضاء الأخضر «استكمالا للمبادرة التي كانت قد أطلقتها العام الماضي حول الممارسات المطلوبة في الفضاء البيئي المستدام بتكلفة مليار دولار لتسريع عملية إزالة الكربون و تسهيل عملية التكيّف من قبل الشركات التي تبحث عن حلول مستدامة .
وكانت وكالة الطاقة الدولية قدرت الاستثمارات الإجمالية المطلوبة لتطوير تقنيات خاصة بإزالة الكربون بقيمة 5 تريليونات دولار حتى العام 2030.