يختتم المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا أعماله يوم الجمعة بالتشديد على الحاجة لضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، على وقع دعوات للدعم العسكري الإضافي للحكومة الأوكرانية في حربها مع روسيا التي قاربت العام.
وشارك في المنتدى أكثر من 1500 من صناع القرار والخبراء وقادة الأعمال والصحفيين من مختلف أنحاء العالم.
وتحت شعار «التعاون في ظل عالم مجزأ»، تناولت النقاشات آفاق الاقتصاد العالمي وتبعات الحروب والأوبئة والتغيّر المناخي على فرص النمو والازدهار وشبح الركود الاقتصادي.
وتكرر في دافوس هذا العام تقليد التظاهرات ضد عدد من القضايا الإنسانية والبيئية، خاصةً من نشطاء معنيين بتغير المناخ، احتجاجاً على دور شركات النفط الكبرى في الاحتباس الحراري.
واستخدم المشاركون خلال عشرات جلسات النقاش عبارة «الأزمات المتعددة»، للإشارة إلى مجموعة من حالات الطوارئ العالمية، التي تشمل الركود وتغيّر المناخ وغزو أوكرانيا.
وبرزت دعوات إلى حاجة النظام الدولي الحالي إلى الإصلاح، خاصةً مع تزايد التأثيرات المناخية السلبية وبمعدلات متتالية، فضلاً عن احتدام أزمات العالم -من الغذاء والوقود والمال- وتركها آثاراً متلاحقة تمس كل جانب من جوانب الحياة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكثر المتحدثين في المنتدى صراحةً، لا سيما حول مسائل تغيّر المناخ، إذ وصف العالم بأنه في «حال مؤسفة يرثى لها» بسبب عدد لا يحصى من التحديات «المتداخلة».
وقال «إن بعض منتجي الوقود الأحفوري كانوا مدركين تماماً منذ سبعينيات القرن الماضي، أن منتجهم الأساسي كان يحرق كوكبنا»، وأشار إلى تغيّر المناخ باعتباره «تحدياً وجودياً»، وقال «إن الالتزام العالمي بالحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية يتحقق بالكاد».
أما مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري قال إن “الوقت ينفد أمام العالم لمكافحة تغيّر المناخ، مشككاً في إمكانية الوصول إلى اقتصاد منخفض الكربون في الوقت المناسب لتجنب أسوأ الآثار بالنسبة لبعض الفئات الأكثر ضعفاً وعرضة لآثار تغير المناخ”.
وقال «إن أكثر ما تشتد الحاجة إليه للتصدي لتغيّر المناخ وتحقيق اقتصاد منخفض الكربون هو المال».
كما برز حديث للمدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، حول إمكانية أن تشهد أسواق الطاقة نقصاً أكبر في الإمدادات خلال عام 2023، متمنياً ألا يترافق ذلك مع ارتفاع في الأسعار حتى يقل الضغط على الدول النامية المستوردة للطاقة.
وربط بيرول توقعاته بتعافي الاقتصاد الصيني الذي سيضغط على الأسواق وأيضاً بتراجع روسيا عن التصدير بسبب العقوبات الغربية.
وقال «صادرات النفط الروسية تتراجع الآن وسوف تنخفض أكثر في الربع الأول من هذا العام وما يليه».
بدوره، توقع الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص، أن ترفع الصين من الطلب على النفط بمقدار نصف مليون برميل يومياً، بعد تخفيفها القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وأضاف الغيص أن طلب الهند والصين على النفط قد يعوّض الانكماش المتوقع من الدول المتقدمة.
وفيما يتعلق بروسيا وتأثير العقوبات على نفطها، قال الغيص لوكالة «رويترز» إنه «من السابق لأوانه معرفة مدى تأثير العقوبات على إمدادات النفط الروسية».
ورجّحت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، أن يبلغ تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي مداه عام 2023 على الرغم من استمرار الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة.
وأكدت توقعات صندوق النقد الدولي بتباطؤ النمو العالمي إلى 2.7 في المئة هذا العام، منخفضاً من نحو 3.2 بالمئة العام الماضي.
وحصرت جورجيفا التحديات العالمية في ثلاثة: الروسية الأوكرانية وأزمة تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الفائدة لمستوى غير مسبوق منذ عقود، داعية العالم للتكيّف بذكاء لتحقيق المزيد من أمن الإمدادات.
وتناول التقرير السنوي للمخاطر العالمي الصادر عن منتدى «دافوس» الحالات غير المستدامة من المديونية ودخول العالم «حقبة جديدة» من انخفاض النمو والاستثمار والابتعاد عن العولمة، وتراجع في نمو رأس المال البشري بعد عقود من التطور، وارتفاع معدلات تطوير للتكنولوجيات ثنائية الاستخدام، مدنياً وعسكرياً.
كما تطرق إلى تبعات التغيّر المناخي وتقهقر الطموحات فيما يخص خفض حرارة العالم بمقدار 1.5 درجة مئوية.
ورجّح التقرير أن تواصل أسعار الطاقة والغذاء ارتفاعها خلال العامين المقبلين، ما قد يضرّ بالجهود العالمية لمكافحة الفقر وأزمة المناخ.
وحذّر من أن التفتت الاقتصادي العالمي والتوترات الجيوسياسية والتعثر في إعادة الهيكلة، يمكنها مجتمعة أن تسهم في تعميق ضائقة الديون على نطاق واسع في السنوات العشر المقبلة.