ارتفعت فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الأول، مؤكدة قوة جانب الطلب على العمالة رغم ارتفاع أسعار الفائدة ومخاوف الركود المتزايدة، الأمر الذي قد يبقي الاحتياطي الفيدرالي على مسار السياسات المتشددة.
وأظهرت البيانات الصادرة يوم الأربعاء عن مكتب إحصاءات العمل الأميركي، زيادة عدد الوظائف الشاغرة بمقدار 572 ألفاً وصولاً إلى أعلى مستوياتها خلال خمسة أشهر، مسجلاً 11 مليون وظيفة في اليوم الأخير من ديسمبر كانون الأول من عام 2022.
وقاد قطاع خدمات الإقامة والغذاء الزيادات في فرص العمل، إذ ارتفعت الوظائف الشاغرة في هذا القطاع بواقع 409 آلاف، كما ارتفعت فرص العمل في قطاع التجزئة إلى 134 ألف وظيفة شاغرة جديدة، و82 ألف فرصة عمل إضافية متاحة في قطاع التشييد.
وقال كريستوفر روبكي، كبير الاقتصاديين لدى «إف دابليو دي بوندز»، في بيان نقلته «CNN»: «يستمر سوق العمل في تحدي توقعات الخبراء بشأن الركود»، مضيفاً، «قد يكون هذا هو الركود الأول في التاريخ دون خسائر محققة في عدد الوظائف».
الطلب على العمالة قوي.. ولكن
ورغم تدهور الظروف الاقتصادية عالمياً، واستمرار الاحتياطي الفيدرالي في زيادة أسعار الفائدة لمجابهة ارتفاع معدلات التضخم، إلا أن الشركات لا تقوم بتسريح الموظفين بأعداد كبيرة كما هو متوقع.
وعزز ذلك البيانات الصادرة مؤخراً، والتي كشفت ارتفاع معدل تسريح العمال في الولايات المتحدة ليصل إلى 1.5 مليون في ديسمبر كانون الأول، من 1.4 مليون في نوفمبر تشرين الثاني، إذ ارتفع معدل تسريح العمال بمقدار 0.1 نقطة مئوية فقط على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.
كما واصل العمال ترك وظائفهم طواعيةً في ديسمبر كانون الأول، إشارةً إلى ثقتهم في الحصول على فرص عمل أفضل، بينما لم تتغير معدلات الاستقالة، واستقرت عند 2.7 في المئة.
وقال جون لير، كبير الاقتصاديين لدى شركة الاستشارات «مورنينج كونسلت» لشبكة «CNN»، «أما فيما يتعلق بالأفراد العاملين ولديهم وظائف، فإنهم على علم بوجود طلب حالي، ويحاولون بذل كل ما في وسعهم للحصول على وظيفة برواتب أعلى».
وتشير بيانات الوظائف الشاغرة -التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ يوليو تموز من عام 2022- إلى أن الطلب على العمالة يفوق العرض بدرجة كبيرة، ويعد دلالة على مرونة سوق العمل الأميركي مقارنةً بمستويات جائحة كورونا التي شهدت ارتفاعاً مطرداً في معدل تسريح العمالة، وفي المقابل انخفاض حاد في عدد الفرص المتاحة والتعيينات الفعلية.
ومع ذلك، أشار لير إلى أن الشركات بدأت تشعر بضغط أسعار الفائدة المرتفعة، واحتمالية تراجع طلب المستهلكين، ما قد يؤدي إلى تقليص خطط التوظيف الخاصة بهم.
وقال «عندما أضع هذه الاعتبارات معاً، فإن احتمالية تباطؤ الطلب على العمالة يزداد بشكل كبير خلال الربع الأول»، مرجحاً انكماش نمو الوظائف في الربع الثاني أيضاً.
ماذا يعني ارتفاع فرص العمل للفيدرالي؟
تسهم بيانات ارتفاع عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة في احتمالية استمرار الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة دون إحداث ارتفاع لاحق في معدل البطالة.
ورفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الثامنة على التوالي بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء، لتصل إلى النطاق 4.5-4.75 في المئة، وأكد رئيس البنك جيروم باول أن اللجنة لم تتخذ في الوقت الحالي قراراً بعد بشأن التوقف عن زيادة أسعار الفائدة.
وتُتابع الأسواق غداً الجمعة صدور تقرير الوظائف الأميركية لشهر يناير كانون الأول، لمراقبة مدى تأثير السياسات المتشددة للبنك المركزي على سوق العمل ومعدلات البطالة والأجور في الولايات المتحدة.