قلّل عدد من الاقتصاديين وصانعي السياسات من شأن ارتفاع معدلات التضخم الذي ضرب العالم بأسره عام 2021، لكن مع وصول التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً ورفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة في عام 2022، بات العديد من هؤلاء المحللين متشائمين تماماً وتوقعوا أن الركود أصبح أمراً لا مفر منه.
لكن في ضوء أداء عام 2023 الأكثر إشراقاً، يبدو أن المتفائلين -أولئك الذين وصفوا التضخم بأنه «مؤقت» ومرحلي وأن الفدرالي قادر على القيادة نحو النجاة- كانوا على حق طوال الوقت.
فعلى سبيل المثال؛ جاء تقرير الوظائف الأميركي يوم الجمعة بمثابة المفاجأة الكبرى، إذ كان يتوقع الاقتصاديون إضافة نحو 185 ألف وظيفة فقط في يناير كانون الثاني، لكن تمت إضافة 517 ألف وظيفة، أما فيما يتعلق بمعدل البطالة، فقد سجل انخفاضاً طفيفاً من 3.5 في المئة إلى 3.4 في المئة، في حين أنه كان من المتوقع أن يرتفع قليلاً.
وتشير مؤشرات سوق العمل إلى صلابة السوق، الأمر الذي يجعل احتمالية حدوث ركود أمراً مستحيلاً وغير وارد في المدى القصير.
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين يوم الاثنين في برنامج «صباح الخير يا أميركا» على قناة CNN «لا يمكن أن يكون لديك ركود عندما يكون هناك 500 ألف وظيفة وأقل معدل بطالة منذ 50 عاماً»، ورأي الوزيرة ليس الوحيد في هذا الشأن.
• قال مارك زاندي كبير الاقتصاديين في «موديز أناليتيكس» لشبكة «CNN» يوم الجمعة « هذه الأرقام كفيلة أن تمحو أي هواجس حول دخول الاقتصاد في حالة ركود أو حتى الاقتراب من الركود».
• وكتب كريستوفر روبكي، كبير الاقتصاديين في «فود بوندز» للأبحاث أن «الاقتصاد بعيد عن الركود أكثر من أي وقت مضى».
وإيجازاً، فإن التضخم يتجه نحو الهبوط، وسوق العمل أقوى مما كان عليه منذ أكثر منذ نصف قرن، ولا يزال النمو الاقتصادي إيجابياً، وإن كان أقل قوة في الربع الرابع.
ماذا حدث إذن؟
بادئ ذي بدء، فقد أتت الجائحة على الكثير من النماذج التي اعتمد عليها الاقتصاديون تاريخياً للتنبؤ، إذ إنه ليس بالعمل الهين في الأوقات العادية، فما بالك بالسنوات الثلاث الماضية التي كانت بعيدة كل البعد عن المعتاد، إلا أن التكهنات الجماعية تجاه حدوث الركود الاقتصادي جاءت نتيجة الوضع القاتم الذي لاح في الأفق مؤخراً.
فبعد ثلاث سنوات من انتشار الوباء، وارتفاع أعداد الوفيات وحالات العزل، والذعر الذي خيم على العالم، بات توقع الأسوأ هو المرجح لدى معظم الأشخاص.
قال الخبير الاقتصادي جاستن ولفرز، الذي كان من بين حفنة من المحللين البارزين الذين رجحوا أن الولايات المتحدة لم تكن قريبة من حدوث ركود اقتصادي، في سلسلة يوم الجمعة «شهد العام الماضي أكبر قراءة خاطئة للاقتصاد.. تفسيري هو أن العديد من الاقتصاديين (والصحفيين الاقتصاديين) غير قادرين على الاعتراف بأنه يمكن للأشياء الجيدة أن تحدث».
وعلى الرغم من أن الاقتصاد في حالة أفضل بكثير مما كان متوقعاً، فإننا لم نتجاوز بعد مرحلة الخطر، إذ إن أسعار الفائدة المرتفعة تجعل من الصعب اقتراض الأموال، وهي أخبار سيئة لأي شخص يأمل في تمويل شراء منزل أو الحصول على قروض طلابية بهدف الدراسة أو بدء مشروع خاص، وقد بدأ الإنفاق الاستهلاكي، المحرك الأكبر للاقتصاد الأميركي، في العودة مرة أخرى.
كتب سونغ وون سون، أستاذ التمويل والاقتصاد في جامعة لويولا ماريماونت وكبير الاقتصاديين في إس إس إيكونوميكس، في مذكرة يوم الجمعة «الركود المتناوب -حيث تتناوب قطاعات مختلفة من الاقتصاد على الانكماش بدلاً من الانكماش في وقت واحد- يحرز تقدماً».
رقم اليوم القياسي: 59 مليار دولار
كان غوتام أداني رابع أغنى شخص في العالم حتى وقت قريب، بثروة شخصية تقدر بنحو 120 مليار دولار، إلا أن نصف هذا المبلغ، 59 مليار دولار، تبخر في غضون أسبوعَين.
يسعى رجل الأعمال الهندي أداني، الذي يعمل بمجالات متعددة منها الطاقة والخدمات اللوجستية، جاهداً إلى درء اتهامات شركة هيندنبورغ للأبحاث التي اتهمته بارتكاب أكبر عملية احتيال في تاريخ الشركات.
(أليسون مورو -CNN)