تضررت العديد من صادرات الطاقة الروسية المتنوعة جراء العقوبات الغربية بعد أن شنت موسكو غزوها الشامل على أوكرانيا، لكن تلك العقوبات استثنت قطاع الطاقة النووية الروسية بشكل يثير الدهشة.
ولكن هذه الدهشة قد تختفي إذا علمت أن شركة «روساتوم» الحكومية الروسية تحتكر قطاع الطاقة النووية عالمياً، إذ تصدر اليورانيوم وتخصبه وتبني محطات الطاقة النووية في جميع أنحاء العالم، كما تمكنت من السيطرة على أكبر محطة نووية في أوروبا في منطقة «زابوريزهزهيا» بأوكرانيا، منذ أن استولت عليها القوات الروسية قبل عام.
ورغم نداءات كييف المتكررة لفرض عقوبات على «روساتوم»، إلا أن الشركة الروسية لم تطلها العقوبات الغربية، وجرى اتخاذ بعض الخطوات الفردية مثل معاقبة المملكة المتحدة إدارة الشركة العليا والعديد من الشركات التابعة لها في الشهر الماضي، كما أنهت فنلندا صفقة محطة توليد كهرباء في مايو أيار الماضي.
روسيا تحتكر الطاقة النووية
يرى خبراء أن شركة «روساتوم» ستظل محمية نظراً لدورها الحيوي في مجال الطاقة النووية العالمية، وحقيقة أنه لا يمكن استبدالها بسهولة.
في السياق ذاته، يوضح بول دورفمان، مؤسس مجموعة الاستشارات النووية والمستشار لحكومة المملكة المتحدة والقطاع النووي، أن قطاع الطاقة النووية العالمي يتسم بعلاقات متشابكة مع روسيا يصعب حلها بسهولة.
فمن ناحية، «روساتوم» هي مصدر رئيسي للوقود النووي؛ ففي عام 2021 اعتمدت الولايات المتحدة على المحتكر النووي الروسي لتوفير 14 في المئة من اليورانيوم اللازم لتشغيل مفاعلاتها النووية، بينما اشترت المرافق الأوروبية ما يقرب من خُمس ما يلزمها من الوقود النووي من «روساتوم»، ووفقاً لدورفمان، فإن الاتحاد الأوروبي أحرز تقدماً ضعيفاً منذ أن حاول أن يستغني عن الصناعة النووية الروسية.
ومن ناحية أخرى، فالأمر لا يتوقف عند حد التزويد بالوقود النووي، فشركة «روساتوم» تقدم أيضاً خدمات تخصيب اليورانيوم، إذ زودت الولايات المتحدة بنحو 28 في المئة من خدمات التخصيب التي طلبتها في عام 2021.
وقامت أيضاً ببناء العديد من المحطات النووية حول العالم، وفي بعض الأحيان مولت بناءها، ففي نهاية عام 2021 كان نحو واحدة من كل خمس محطات طاقة نووية في العالم تقع في روسيا أو روسية الصنع، وتبني «روساتوم» 15 محطة أخرى خارج روسيا، وفقاً لمركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية.
لماذا لا تُبنى محطات بديلة؟
يقول كاسبر سزوليكي أستاذ الأبحاث في المعهد النرويجي للشؤون الدولية، إن تكلفة بناء محطة للطاقة النووية عالية جداً، إذ لا يمكن تمويلها إلا من قبل الحكومات، وفي بعض الأحيان، لا تستطيع الحكومات حتى تحمل تكاليفها، ولذلك غالباً ما تتدخل «روساتوم» في حال عدم قدرة الحكومات على تحمل التكاليف، وتقدم حلولاً ائتمانية مضمونة من قبل الحكومة الروسية، وأحياناً تبرم عقوداً طويلة الأجل لتوفير الوقود أو حتى تشغيل المحطة.
وكانت المجر من أشد المعارضين في الاتحاد الأوروبي للعقوبات المفروضة على شركة «روساتوم»، كما أنها إحدى دول الاتحاد الأوروبي العديدة التي تعتمد على الطاقة النووية لأكثر من 40 في المئة من الكهرباء، وعقدت صفقة تمويل طويلة الأمد مع «روساتوم» لبناء محطة للطاقة النووية.
ويعتقد خبراء أن العثور على موردين جدد كبدلاء لشركة «روساتوم» في القطاع النووي العالمي قد يستغرق سنوات.
كتبت- كلير سباستيان (CNN)