في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، ثمة جيل جديد من قادة الأعمال التجارية والشركات العائلية يوشك أن يتولى زمام الأمور.
حَظِي ذلك الجيل بمستوى متميز من التعليم، بما يؤهلهم لأن يكونوا الجيل الأكثر استعداداً لنقل شركاتهم العائلية إلى مستويات نجاح جديدة.
وتملك تلك المجموعة من قادة الجيل القادم عدة سنوات من الخبرة في الإدارة العليا، كما أن طموحاتهم في النمو واضحة، وأثبتوا خلال الجائحة قدرتهم على إطلاق المشاريع الجديدة، والمساعدة في توجيه الشركات العائلية في خضم الأزمة العالمية.
هذه إذاً هي اللحظة المناسبة لطرح السؤال عن أولويات هذا الجيل الجديد من قادة الأعمال، وعن الاختلاف بينهم وبين الأجيال السابقة وطريقة استجابتهم للتحديات الجديدة، بدءاً من التوقعات الاجتماعية التي تشهد تطوراً سريعاً داخلياً، وانتهاءً بالقضايا العالمية الكبرى مثل تأثير التقنيات الجديدة وتغير المناخ.
ونحن هنا نسأل لنعرف، في ضوء مركزية الشركات العائلية في اقتصادات الشرق الأوسط، ماذا تقول لنا طموحات قادة الجيل القادم عن المرحلة التالية من التنمية الإقليمية؟
أولويات الأجيال المقبلة
كشف «استطلاع الجيل القادم في الشرق الأوسط للعام 2022»، الذي أجرته «بي دبليو سي الشرق الأوسط»، أن الملاك الحاليين وجيل الشباب يتفقون على أن النمو بعد الجائحة هو الأولوية الأولى لشركاتهم.
وعندما سألنا الجيل القادم عن أولوياته في العامين القادمين، كان تركيزهم الأكبر على استراتيجيات النمو مثل التوسع في أسواق جديدة، وصقل المهارات، واستخدام التقنية.
وعلى الرغم من اتفاق جميع الأجيال على الرغبة في تحقيق النمو، تختلف وجهات نظر أفراد العائلة المنتمين للجيل القادم عن أسلافهم في كيفية تحقيق ذلك، وفي ما يتعلق بأفضل الاستراتيجيات لحماية إرث الشركات العائلية وضمان استمراريتها.
تتجلى هذه الاختلافات تحديداً في وجهات النظر حول أهمية الاستدامة والقضايا البيئية، وحول معدل اعتماد التقنيات.
ففي استطلاع هذا العام، على سبيل المثال، قال 64 في المئة من المشاركين من الجيل القادم إنهم يشعرون بمسؤولية كبيرة لمكافحة قضايا تغير المناخ وريادة ممارسات الأعمال المستدامة، مقارنة بنسبة 34 في المئة من الجيل الحالي من القادة الذين يتشاركون معهم في وجهة النظر.
مشاريع التحول التقني
أظهر الاستطلاع أيضاً اختلافات مهمة في المواقف تجاه التقنية، ففي حين يشعر 44 في المئة من القادة الحاليين بالرضا عن القدرات الرقمية لشركاتهم، تنخفض تلك النسبة إلى 33 في المئة فقط بين أبناء الجيل القادم.
وطُلب من الكثيرين من جيل الشباب قيادة مشاريع التحول التقني خلال الجائحة، وهم حريصون على بذل المزيد من الجهد.
ويرى قادة الجيل القادم فرصاً تجارية ناشئة في التزام حكومات دول الخليج بتنويع موارد الاقتصاد والاستعانة بالتقنيات الجديدة، فعلى سبيل المثال، تستثمر السعودية 500 مليار دولار في مدينتها المستقبلية «نيوم»، بينما تهدف الإمارات إلى خلق 40 ألف فرصة عمل في تطبيقات «الميتافيرس» خلال السنوات الخمس المقبلة، وبالفعل، أعلنت شركة «داماك» الإماراتية للتطوير العقاري، عن خطط لاستثمار 100 مليون دولار في الميتافيرس.
ويتأهب قادة الجيل القادم لفترة أكثر ديناميكية في المستقبل تتميز بالتحول الرقمي، والبحث عن فرص جديدة في مجال الأعمال، والتركيز بشكل أكبر على تدريب الكوادر ورعايتها، وتعزيز المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية داخل شركاتهم.
وسيكون التحدي الأكبر أمامهم هو تحقيق التوافق في وجهات النظر بين أجيال العائلة المختلفة حول هذا الطريق الجديد وإدارة التغيير بدبلوماسية، وبأقل قدر من الاضطراب.
* عدنان زيدي المدير المسؤول عن قطاع ريادة الأعمال والشركات الخاصة في «بي دبليو سي الشرق الأوسط».. عمل زيدي بخبرة تفوق 25 عاماً في الشرق الأوسط وبريطانيا، ويستكمل اليوم دوره في تطوير استراتيجية «برايس واتر هاوس» للقطاع الخاص وتحقيق النمو، لا سيما للشركات العائلية من أجل تحقيق الحوكمة والحفاظ على مزاياها التنافسية.
** الآراء الواردة في المقابل لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».