يقول الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إن البنوك بخير، وهو ما تؤكده أيضاً وزارة الخزانة.
وتقول البنوك «إننا بخير».
لكن «وول ستريت» ترى أن الجميع يبيعون والبنوك تحترق.
عندما انهار بنك «سيليكون فالي» في العاشر من مارس آذار كانت أزمة كبيرة، إذ سارع المودعون لسحب أموالهم لتنفد السيولة من البنك، كان ذلك إفلاساً كلاسيكياً لبنك، وعلى الرغم من تدخل الحكومة لدعم المودعين وتقديم الائتمان للبنوك، ترسّخت حالة من الذعر في وول ستريت بعد سبعة أسابيع.
بعد أن أصبح «فيرست ريبابليك»، يوم الاثنين، ثالث بنك أميركي يشهر إفلاسه هذا العام، تحول قلق المستثمرين إلى بنك «باكويست بانكورب»، وهو بنك إقليمي آخر في ولاية كاليفورنيا، وانخفض سعر سهمه إلى النصف يوم الخميس، بعد أن أعلن أنه يستكشف «خيارات استراتيجية».
وتراجع سهم «ويسترن ألاينس» -بنك إقليمي ومقره ولاية أريزونا- أيضاً يوم الخميس الماضي، بعد أن ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أنه كان يستكشف مشترياً، لكن البنك نفى الخبر، ليعوض السهم بعض الخسائر، وفقد سهم البنك أكثر من 65 في المئة من قيمته هذا العام.
ما الحل؟
لطالما طالب المستثمر الملياردير بيل أكمان وآخرون الحكومة الأميركية بالتدخل ورفع الحد الأقصى للتأمين على الودائع، والذي يصل حالياً إلى 250 ألف دولار، وهو مبلغ أقل مما يجب أن تحتفظ به بعض الشركات في أرصدتها لتشغيل عملياتها اليومية، لكن مثل هذه الزيادة ستتطلب دعم الحزبين -الجمهوري والديمقراطي- في الكونغرس.
وتواجه البنوك أيضاً ركوداً محتملاً ومزيداً من رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، لكن يمكن التغلب على حاجز نفسي عملاق إذا خففت أميركا من أزمة سقف ديونها.
حذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين في وقت سابق من الأسبوع الماضي من أن الحكومة ستصل إلى سقف الديون في الأول من يونيو حزيران ما لم يرفع الكونغرس سقف الاقتراض، من الصعب المبالغة في تقدير كارثية التخلف عن السداد، قد تكون بحجم الانهيار المالي العالمي عام 2008، أو ربما أسوأ.
كيف ستنتهي الأزمة؟
يبدو مستقبل البنوك الإقليمية سيئاً بدون تدخل من الحكومة، يسود التشاؤم في أروقة وول ستريت من أن الأزمة ستسحق البنوك الصغيرة، وبنك «باكويست» لا يعاني بسبب قرارات سيئة أو سوء إدارة، سبب تعثّره الوحيد أنه التالي في قائمة السقوط، كما يقول المحللون.
وسيكون لدمار البنوك الإقليمية تداعيات هائلة على الاقتصاد الأميركي، إذ تقدم تلك المؤسسات الصغيرة خدمات ذات طابع خاص لقطاع الأعمال لا يمكن الحصول عليها من كبرى بنوك وول ستريت مثل «جيه بي مورغان تشيس» أو «بنك أوف أميركا».
قال أستاذ القانون وخبير المالية العامة في جامعة كورنيل روبرت هوكيت «نحاول إنعاش القطاعات الإنتاجية للاقتصاد، والتي تتميز عن القطاعات المالية»، وأوضح هوكيت أن القطاع المصرفي الإقليمي في صميم كل هذا، لافتاً إلى أن بنوك وول ستريت تركز بشكل أساسي على الاقتصاد العالمي.
لكن هناك مشكلة أخرى، فمن يريد أن يشتري بنكاً متعثراً، حتى ولو بسعر بخس، إذا كان بالإمكان الحصول عليه مقابل سنتات قليلة بعد أن يفلس مع ضمان ضد الخسائر مدعوم من الحكومة الفيدرالية؟
وذلك يعني أنه من المتوقع المزيد من حالات إفلاس البنوك والمزيد من الذعر في وول ستريت في الأسابيع والأشهر المقبلة.
(أليسون مورو – CNN)