استغرقت سوق الأوراق المالية في اليابان أكثر من ثلاثة عقود من الزمن كي تستعيد بريقها، إذ وصلت مؤشرات الأسهم الرئيسية في البلاد إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1990.
قفز مؤشر «توبكس» بنحو 14 في المئة حتى الآن، هذا العام، كما صعد مؤشر «نيكاي 225» بنسبة 17 في المئة، متجاوزاً مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» في الولايات المتحدة ومؤشر ستوكس 600 الأوروبي، اللذين ارتفعا بنحو 8 في المئة خلال الفترة نفسها.
قال جيفري أثيرتون، مدير الاستثمار في «مان جي إل جي»، التابعة لمجموعة «مان غروب» لصناديق التحوط «بعد نحو 33 عاماً من عملي في السوق، تبدو الأمور أكثر إيجابية الآن مما كانت عليه في أي وقت مضى طوال تلك الفترة».
ويرى المستثمرون أن الأسهم اليابانية قد استفادت من التقييمات «الرخيصة نسبياً»، وعودة التضخم التي طال انتظارها وأيضاً ضعف العملة، ومن المحتمل أن دعم المستثمر الأسطوري وارن بافيت أفاد البورصة أيضاً، فقد كشف لموقع «نيكي» الإخباري في أبريل نيسان أن شركته الاستثمارية «بيركشير هاثاواي» تعتزم زيادة حصصها في خمس شركات يابانية.
اشترى المستثمرون الأجانب أسهماً في الشركات اليابانية بقيمة 15.6 مليار دولار خلال الشهر الماضي، وهي أعلى مشتريات منذ أكتوبر تشرين الأول 2017 ، وفقاً لبيانات مجموعة بورصات اليابان.
لطالما كان المستثمرون يأملون أن تتحول الارتفاعات المتواضعة في الأسهم اليابانية خلال السنوات الماضية إلى انتعاش مستدام لبورصة ثالث أكبر اقتصاد في العالم، الذي يضم عدداً من كبرى شركات الإلكترونيات وصناعة السيارات.
التغيير من أعلى
أجبرت إصلاحات حوكمة الشركات في اليابان المديرين التنفيذيين على تحسين عوائد المساهمين، قال محللو «جيه بي مورغان» الأسبوع الماضي إن «التغيير الهيكلي» الذي بدأ يترسخ في اليابان قد يجعل ارتفاعات السوق الحالية مستدامة.
تبلغ معدلات السعر إلى القيمة الدفترية لنحو نصف الشركات المدرجة في بورصة طوكيو أقل من واحد صحيح، وفقاً لبيانات «مان غروب» في فبراير شباط، مقابل 3 في المئة فقط من الشركات المدرجة على مؤشر «ستاندارد آند بورز 500».
وأشار أثرتون إلى وجود الكثير من الشركات مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية منذ فترة طويلة في اليابان.
دفعت الشركات المدرجة على مؤشر «نيكاي» توزيعات أرباح قياسية في عام 2022، كما ساعدت سلسلة من عمليات إعادة شراء الأسهم على ارتفاع أسعار الأسهم.
وفقاً لفرانك بنزيمرا، رئيس وحدة الأسهم الآسيوية في بنك سوسيتيه جنرال، أعادت الشركات اليابانية شراء أسهم بقيمة 9.7 تريليون ين ياباني (7 مليارات دولار) خلال السنة المالية المنتهية في مارس آذار 2022، وهي الأكبر منذ 24 عاماً.
عودة التضخم
رفعت الموجة الأخيرة من البيانات الاقتصادية الإيجابية في اليابان معنويات المستثمرين، كما أن ضعف العملة عزز تنافسية صادرات البلاد، ارتفعت أسعار المستهلكين في اليابان في يناير كانون الثاني بأسرع وتيرة سنوية منذ 41 عاماً بعد عقود من الانكماش.
ومع ذلك، فقد أبقى البنك المركزي الياباني على سعر الفائدة دون الصفر، بينما رفعت البنوك المركزية في الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي تكاليف الاقتراض لإبقاء الأسعار تحت السيطرة.
التحديات
لا يزال الاقتصاد الياباني يواجه بعض التحديات، مثل شيخوخة السكان -نحو ثلث سكان البلاد تزيد أعمارهم على 65 عاماً- وانخفاض القوة العاملة في ظل قيود الحكومة على الهجرة إلى البلاد.
ويرى إيدي تشينغ، رئيس إدارة المحافظ العالمية في «أولسبرنغ غلوبال إنفستمنت»، أن انتعاش سوق الأسهم اليابانية قد ينتهي فوراً إذا قرر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) وقف رفع أسعار الفائدة.
وأضاف تشينغ أنه إذا بدأت البنوك المركزية حول العالم في خفض أسعار الفائدة، فإن قيمة عملاتها ستضعف، وبالتالي فإن الين الياباني لن يكون رخيصاً.
(آنا كوبان – CNN)