تعتبر الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة و الصين أحد أبرز المواجهات في عالمنا الرقمي الحديث، ومنذ بداية الصراع الذي أشعلته إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، زادت الحدة بمرور الوقت، خاصة خلال ولاية دونالد ترامب، واستمر الصراع ليصل إلى ذروته تحت إدارة جو بايدن، الذي فرض في أكتوبر تشرين الأول 2022 عقوبات تقيد تصدير التكنولوجيا المتقدمة لأشباه الموصلات ومعدات الرقائق إلى الصين.

هدف هذه المواجهة يبدو أنه يرتكز على توسيع الهوة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين.

القوة الرئيسية في هذا المجال تُحدَّد بالقدرة على إنتاج الرقائق الدقيقة والتحكم في سوقها، رغم أن الولايات المتحدة، بفضل شركات مثل « إنتل» و«ايه ام دي»، لديها قوة كبيرة في هذا المجال، فإن الصين تظهر أيضاً كقوة جديدة في هذه المعادلة، وذلك بفضل استراتيجيتها الرامية للاعتماد على الذات في مجال التكنولوجيا.

على الرغم من الأهمية الاستراتيجية للنجاح في هذه الحرب التكنولوجية، فإن النتائج المحتملة لهذا النوع من التصعيد قد تكون ضارة.

فقد خططت الصين ببراعة للتحول نحو الاكتفاء الذاتي في صناعة أشباه الموصلات، إذ قامت بضخ استثمارات بقيمة 143 مليار دولار في الصناعة المحلية، وتذهب إلى أبعد من ذلك، حيث وضعت خططاً لإعفاءات ضريبية وحزم حوافز لمدة خمس سنوات، بالإضافة إلى تقديم منح وقروض لدعم أبحاث وإنتاج أشباه الموصلات، ولا ننسى أيضاً الشركات العملاقة في الصين مثل «هواوي» التي تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير في هذا المجال.

على الرغم من الأهمية الاستراتيجية للنجاح في هذه الحرب التكنولوجية، فإن النتائج المحتملة لهذا النوع من التصعيد قد تكون ضارة.

أكبر خطر يتمثل في أن التصعيد قد يؤدي ليس فقط إلى مزيد من التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بل يمكن أن يسبب أيضاً أزمة عالمية مشابهة لتلك التي تسببت بها جائحة كورونا.

لن يكون الفائز في هذه الحرب الذي يمتلك الرقائق الأكثر دقة فقط، بل الذي يستطيع استخدامها بشكل أكثر فاعلية لبناء مستقبل مستدام ومبتكر.

وإذا تم تقييد تجارة الرقائق الدقيقة، التي يعتمد عليها العديد من القطاعات في العالم، فالتأثير قد يكون هائلاً، حيث تتراوح الصناعات المعتمدة على هذه الرقائق من الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية إلى الأجهزة الطبية وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة المنزلية الذكية.

وفي الوقت الحالي، يجب أن يكون الهدف الرئيسي هو تجنب هذه الأزمة من خلال الحوار والتفاوض، بدلاً من التصعيد، ويتطلب ذلك تعزيز التعاون بين الشركات والحكومات في هذا القطاع الحيوي، مع التركيز على تعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية.

لن يكون الفائز في هذه الحرب الذي يمتلك الرقائق الأكثر دقة فقط، بل الذي يستطيع استخدامها بشكل أكثر فاعلية لبناء مستقبل مستدام ومبتكر.

هذا يشير إلى أن التكنولوجيا وحدها ليست كافية، بل يتعين على الدول أن تبتكر طرقاً لاستخدام التكنولوجيا لتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية بشكل أكثر فاعلية.

* آمال هشام السعدي خبيرة في التحول الرقمي، وهي المؤسسة والرئيسة التنفيذية للتكنولوجيا في شركة «VineTechs».

** الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».