يشهد العالم تغيرات جوهرية تستدعي تطوير قطاع التعليم لمواكبتها، ما يفرض على الجامعات تركيز جهودها في مجالات تعزيز مفهوم التعليم المستمر وتطوير المهارات اللازمة لطلبتها، وذلك لتمكينهم من تلبية الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل.

وما تزال المؤسسات التعليمية اليوم تنتهج الأنظمة التعليمية التقليدية، التي تقف عائقاً في وجه تقدمها لتكون مستعدة للواقع الجديد وجزءاً من المستقبل والعالم المتغير من حولنا.

تشير الإحصائيات إلى أن الفرد يغير مهنته ​​12 مرة في المتوسط خلال حياته المهنية، ما يؤكد على الحاجة الملحة لتزويد طلبة الجامعات بالمهارات اللازمة.

أما في ما يتعلق بالطلبة، ولضمان تزويدهم بالمهارات اللازمة لتحقيق النجاح في سوق العمل بعد التخرج من الجامعة بدلاً من أن تقيدهم شهادتهم بعدد محدود من المهن التي سيختفي بعضها في المستقبل، فعلى مؤسسات التعليم العالي اتباع نهج جديد يولي الأهمية للدراسات متداخلة التخصصات.

تشكل منهجية التعليم التقليدية عائقاً أمام التعامل مع التحديات وتلبية متطلبات فرص العمل الجديدة، وهنا يكمن الدور الأساسي للجامعات في تعزيز القدرة على التكيف مع هذه التغيرات المتسارعة، وتشير الإحصائيات إلى أن الفرد يغير مهنته ​​12 مرة في المتوسط خلال حياته المهنية، ما يؤكد على الحاجة الملحة لتزويد طلبة الجامعات بالمهارات اللازمة لزيادة فرصهم في دخول سوق العمل مستقبلاً والنجاح به.

ولا يخفى على أحد أن مسألة اكتساب الكفاءات التقنية والرقمية والإلمام بمهارات استخدام التطبيقات الذكية والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي أصبحت من أكثر السبل فاعلية لإعداد طلبتنا لمواجهة المستقبل، لذا يجب صقل مهارات الطلبة ليتمكنوا من الاستفادة من خدمات الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من المهام اليومية في مختلف القطاعات.

إضافة إلى ذلك، إذا ما قمنا بجمع الذكاء الاصطناعي مع الذكاء العاطفي، نكون قد وفرنا لطلبتنا فرصاً عديدة في المستقبل، نظراً لأن قطاع التوظيف في المرحلة المقبلة يتطلب التركيز على مفهوم تعلم كيفية التعلم، بالإضافة إلى تطوير قدرة الأفراد على تجديد معلوماتهم القديمة وإعادة تعلم المفاهيم والمهارات المطلوبة، إذاً يترتب على الجامعات إجراء تقييم شامل للمهارات التي يحتاج إليها الخريجون، وتعديل المنهجية التعليمية بالشكل المطلوب لتزويدهم بالمهارات اللازمة لتلبية متطلبات أسواق العمل الناشئة.

من الضروري للغاية تزويد طلبة برامج البكالوريوس بعادات التعلم المستمر ومهارات العمل المستقبلية المهمة.

تشكل القدرة على التعلم بسرعة مهارة أساسية تعود بفوائد كثيرة على الجميع، فهي تضمن لأصحاب العمل قدرة موظفيهم على التأقلم بسرعة وتنفيذ المهام المختلفة بما يخدم تطور الشركات، بالإضافة إلى تزويد الأفراد بالأفضلية في سوق العمل وتعزيز فرصهم في دخول مجالات مختلفة وتبديل مساراتهم المهنية بمنتهى السهولة.

ويشير تقرير مشروع التعليم 4.0، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى ضرورة تركيز المؤسسات التعليمية على تزويد الأفراد بمهارات شخصية متعددة، بما فيها القدرة على التكيف واعتماد عقلية النمو، حيث تشكل هذه المهارات أبرز المزايا التي يبحث عنها أصحاب العمل.

ولا بد من الاعتماد على العملية التعليمية بهدف تعزيز مرونة الأفراد وكفاءاتهم، وتمكينهم لمواجهة مختلف التحديات بالاستفادة من مهاراتهم الجديدة، كما سلط تقرير ماكنزي الضوء على 56 من المهارات الأساسية لمساعدة الأفراد على تحقيق النجاح في مستقبل الأعمال، وصنفها ضمن أربع مجموعات عامة هي المهارات الإدراكية والشخصية والقيادة الذاتية والرقمية.

ما تزال العديد من البرامج التعليمية تعتمد على أساليب تقليدية بعيدة عن واقع عالم العمل، وهذا ما يدفعنا إلى التركيز على التعلم القائم على التحدي.

كما أنه من الضروري للغاية تزويد طلبة برامج البكالوريوس بعادات التعلم المستمر ومهارات العمل المستقبلية المهمة، فالقدرة على التفكير الإبداعي والتكيف والابتكار والتعلم في مجالات متعددة تعود بفوائد كبيرة على أصحاب العمل والموظفين على حد سواء، وتقع هذه المسؤولية على عاتق الجامعات، من خلال إعادة رسم ملامح قطاع التعليم بالكامل.

وتشهد جامعة زايد تحولاً مهماً يتمحور حول هذه المنهجية، ونعمل على إجراء تغييرات جذرية في برامج البكالوريوس بهدف بناء الجيل القادم من الكفاءات المهنية المميزة بالتفكير الإبداعي والنقدي والقدرة على الابتكار وحل المشكلات، وقد طبقنا العديد من التغييرات لتعزيز هذه الرؤية، بما يشمل الاعتماد على التقييم لتطوير التعليم، ما أتاح لنا تجنب تقييم الطلبة بناء على درجاتهم الامتحانية وغيرها من الطرق التقليدية، واستبدالها بالتقييم المستمر لأدائهم ومشاركتهم في الفصول الدراسية، كما نواصل تطوير منهج التدريس والتعلم من خلال اعتماد تقنيات التعليم المبتكرة للتركيز على أساليب التعليم المعكوس الذي يستخدم التقنيات الحديثة وشبكة الإنترنت ويتيح تعزيز عملية المشاركة والتفاعل بين الطلبة.

ما تزال العديد من البرامج التعليمية تعتمد على أساليب تقليدية بعيدة عن واقع عالم العمل، وهذا ما يدفعنا إلى التركيز على التعلم القائم على التحدي، من خلال تعاوننا مع كبرى الشركات بهدف تعريف طلبتنا بالمشكلات الفعلية في العالم ودفعهم للتعاون فيما بينهم وإيجاد حلول مبتكرة لها.

يشير ظهور الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتطورة إلى أننا على أعتاب دخول عصر جديد ومختلف في مجال العمل.

يضمن هذا الأسلوب توفير بيئة تعلم تحاكي بيئة العمل الحقيقية، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة الطلبة وتحفيزهم لتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، ويمكن للطلبة الاستفادة من الفرصة التي يتيحها برنامج تحدي الشركاء للعمل على إيجاد حلول للتحديات التي يقدمها لهم عدد من المشرفين، ويشهد البرنامج المميز مشاركة ما يزيد على 120 من الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، ويعود بفائدة كبيرة على الطلبة والعملية التعليمية، حيث يعتبره الشركاء في القطاع طريقة مبتكرة لإعداد المواهب المستقبلية لدخول سوق العمل، كما نواصل العمل على ابتكار برامج مخصصة تهدف إلى تزويد الطلبة بالفرص التعليمية التي تمكنهم من اكتساب خبرة واسعة ومفيدة في مجال دراستهم، وذلك من خلال توفير التدريبات العملية وإتاحة المشاركة في المشاريع المجتمعية.

ندرك جميعاً أن ممارسات العمل تستمر بالتغير والتطور، ويشير ظهور الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتطورة إلى أننا على أعتاب دخول عصر جديد ومختلف في مجال العمل، كما تؤكد هذه المؤشرات على ضرورة تطوير قطاع التعليم ليواكب التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم من حولنا، ونطمح في جامعة زايد إلى تمكين طلبة التعليم العالي من اعتماد أسلوب التعلم المستمر ومنهجية تعلم كيفية التعلم من خلال ما نقدمه من برامج متداخلة التخصصات، وذلك في إطار جهودنا الرامية إلى تزويد الخريجين بمختلف المهارات التي يتطلبها سوق العمل، ما يمكنهم من تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم بالنجاح في البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي يحملها لنا المستقبل.

* بول هوبكينسون عميد كلية الدراسات متداخلة التخصصات بجامعة زايد.

** الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».