شهد سوق الأسهم الأميركية في السنوات الأخيرة تبايناً كبيراً بين أداء أسهم التكنولوجيا السبعة الكبرى وبقية السوق، إذ حققت هذه الأسهم عوائد مرتفعة جداً بينما كان أداء سائر الأسهم مخيباً للآمال.
وقد دفع هذا التباين بعض المستثمرين إلى تسمية هذه الأسهم بـ«السبعة الكبرى Magnificent Seven» ولذلك فإن السؤال المهم هو، هل هذا التباين حدث جديد سببه تميز هذه الشركات على مثيلاتها في السوق، أم أنه تكرار لظاهرة حدثت في الماضي؟
إن أي دارس لتاريخ الأسواق المالية سيدرك أن هذه الظاهرة سبق أن تكررت عدة مرات في الماضي أهمها خلال فقاعة الإنترنت والتكنولوجيا في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، إذ ارتفعت أسعار أسهم العديد من شركات التكنولوجيا بشكل مفرط بسبب تفاؤل المستثمرين بمستقبل هذه الشركات سعياً إلى الثراء السريع وذلك أدى بعد انتهاء تلك الفقاعة إلى انخفاض أسعار هذه الأسهم بشكل كبير وإلى خسائر كبيرة للمستثمرين وتبدد أحلامهم بالثراء.
هناك العديد من أوجه التشابه بين الوضع الحالي لشركات التكنولوجيا وفترة فقاعة الإنترنت والتكنولوجيا في الماضي أهمها أن أسهم التكنولوجيا السبعة الكبرى اليوم تتمتع بتقييمات مرتفعة للغاية وبعيدة تماماً -برأيي- عن واقعها الاقتصادي والمالي، وتفترض هذه التقييمات المرتفعة واقعاً مستقبلياً وردياً لهذه الشركات ومستويات نمو مستقبلي من الصعب تحقيقها.
ولو عدنا بالزمن إلى فترة التسعينيات، فإن الأسهم «السبعة الكبرى» (النسخة الكلاسيكية) في تلك الفترة كانت مايكروسوفت، سيسكو، إنتل، أمازون، وول مارت، جنرال إلكتريك وكوالكوم، وهي مَن قادت الطريق إلى إحدى أكبر فقاعات الأسهم في التاريخ إذ ارتفعت أسعار هذه الأسهم إلى مستويات غير منطقية وبعيدة كل البعد عن الواقع الاقتصادي والمالي لتلك الشركات، ولذلك فإنه من غير المستغرب أن أداء تلك الأسهم خلال السنوات الخمس عشرة اللاحقة كان مخيباً للآمال لمستثمريها للأسباب التالية:
1. حقق المستثمرون في هذه الأسهم خسائر على رأس المال لمدد تتراوح بين 5 إلى 18 عاماً (بمتوسط 12 عاماً)
2. كان متوسط العائد السنوي على هذه الأسهم مخيباً جداً بمتوسط -0.07 في المئة، باستثناء أمازون التي حققت عائداً سنوياً معقولاً قدره 9.8 في المئة
وتحققت تلك النتائج الاستثمارية المخيبة في فترة كان الأداء المالي لهذه الشركات مميزاً، إذ ارتفعت أرباحها خلال فترة الخمس عشرة سنة هذه بمعدل أربعة أضعاف تقريباً كما هو موضح في الجدول التالي:
تسلط هذه التجربة التاريخية أعلاه الضوء على درس مهم جداً للمستثمرين في أسهم التكنولوجيا اليوم، وهو أنه يجب على المستثمرين دفع أسعار معقولة لتحقيق عوائد استثمارية مجدية حتى عندما يستثمرون في شركات مميزة الأداء وسريعة النمو حتى لو كان هذا الاستثمار طويل الأجل، إن نمو الأرباح والأداء الداخلي القوي للشركة لن يُترجم إلى أداء رائع للسهم إذا لم يكن سعر الدخول معقولاً.
* عبدالعزيز النعيم، الرئيس التنفيذي لشركة ميار كابيتال.
** الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».