«إذا أردنا أن نرى تنمية حقيقية في العالم، فإن أفضل استثمار لدينا هو المرأة!» – الأسقف الراحل ديزموند توتو
من المعروف أنه عندما تتولى النساء مناصب قيادية، فإنهن يجلبن قوتهن البديهية المزودة بالرحمة والذكاء العاطفي والتصميم الفولاذي نحو النجاح، إن تمكين المرأة يعني بالضرورة تحقيق التمكين للمجتمع والبلد بأكمله.
والأرقام لا تكذب، إذ كانت نسبة 10.6 في المئة من الشركات المدرجة في قائمة فورتشن 500 منذ بداية العام الماضي، تديرها نساء في منصب الرئيس التنفيذي، وفي الواقع، أصبحت 13 من أصل 52 منهن رئيس مجلس إدارة في عام 2022.
وهناك المزيد، حيث ترأست النساء 5.8 في المئة من الشركات المدرجة في قائمة (فورتشن جلوبال 500).
يمكنكم مقارنة ذلك بأرقام عام 2014 عندما كانت نسبة 4.8 في المئة فقط من الشركات المدرجة في قائمة (فورتشن 500) ترأسها نساء.
القيادة النسائية يمكن أن تزيد من ثرواتك
إن الارتفاع في عدد القيادات النسائية هو دليل على أن مجالس الإدارة التي تختار الرؤساء التنفيذيين لشركاتها كانت حريصة على مراقبة الأمور، فقد وُجِد أن المنظمات التي لديها نسبة أعلى من النساء في مجلس الإدارة لديها القدرة على تحسين المبيعات بنسبة 42 في المائة، ومن المرجح أيضاً أن تحصل مثل هذه المنظمات على عوائد على الأسهم تزيد بنسبة 53 في المائة على الشركات التي لديها تمثيل منخفض للنساء، وذلك وفقاً لمنظمة كاتاليست (Catalyst) غير الربحية.
لذلك فمن الواضح أن الاستثمار في المرأة يمكن أن يؤدي إلى نمو شامل يؤثر بشكل إيجابي على جميع قطاعات المجتمع.
وفي نظرة خاطفة على الوضع في المنازل، ستكتشف بسهولة أن النساء أفضل في القيام بمهام متعددة، حيث يعملن كأمهات وطاهيات ماهرات وربّات منازل رائعات وقائدات بالفطرة، كما يتمتعن بتفاؤل قوي وتحمس رائع، ما يساعدهن في التغلب على أي نوع من الأزمات العائلية، كل هذه المهارات تكون مفيدة في مكان العمل أيضاً لأنها تتسم بالمصداقية والمنهجية في إنجاز المهام.
أشارت جمعية علم النفس الأميركية في تقرير لها لعام 2022 إلى أن القيادات النسائية تساعد في تحسين الإنتاجية، وفوق ذلك فهي تتمتع أيضاً بالقدرة على مضاعفة التعاون والإلهام والتفاني بين الموظفين، ويُنظر إليها على أنها مُنصِفة وعادلة.
جني أرباح عالية!
يمكن للاستثمار في النساء أن يُكلل بأرباح وفيرة للدول على المستوى الكلي، ولنأخذ رواندا على سبيل المثال، إذ أدت التغييرات المؤيدة للمرأة والتي حدثت في أواخر التسعينيات إلى بعض التغييرات الرئيسية في نسيج المجتمع، كما أصبحت أول دولة في العالم تتمتع بأغلبية نسائية في البرلمان بنسبة تزيد على 61 في المئة في مجلس النواب، كما بلغت نسبة النساء بين القوى العاملة (86 في المئة) مقارنة بالولايات المتحدة (56 في المئة)، وتفتخر رواندا بأصغر فجوة في الرواتب بين الرجال والنساء، حيث تكسب المرأة في رواندا 88 سنتاً مقابل كل دولار يكسبه الرجل، أما في الولايات المتحدة الأميركية فالمرأة تكسب 74 سنتاً، لذلك فإن رواندا تحتل المرتبة الخامسة في العالم من حيث المساواة بين الجنسين.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد أدّت سلسلة من التدابير التي تم اتخاذها على مر السنين إلى تحقيق نجاح مذهل في مختلف المجالات بما في ذلك احتلالها المرتبة الأولى في العالم العربي والمرتبة 11 عالمياً في مؤشر المساواة بين الجنسين (GII) في تقرير التنمية البشرية لعام 2022 الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، إنه لإنجاز يُحسَب لدولة الإمارات العربية المتحدة حقاً حيث قفزت 38 مركزاً في مؤشر الابتكار العالمي منذ إنشاء مجلس الإمارات للمساواة بين الجنسين قبل سبع سنوات فقط، وقد أسهمت هذه الإنجازات بشكل كبير في رفع مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع أنحاء العالم، وتعزيز الوضع الاقتصادي لجعلها نقطة جذب للشركات والأعمال، ما يجعلها وجهة مربحة للجميع.
وفي تقرير بعنوان «الاستثمار في المرأة يعني الازدهار»، سلط صندوق النقد الدولي الضوء على المساهمة التي يمكن للمرأة أن تقدمها في النمو الاقتصادي والتنمية، حيث ذكر التقرير أن «المرأة تسهم في النمو الاقتصادي والتنمية بشكل مباشر وغير مباشر»، كما ذكر أن «الطريق الأفضل هو عبر مشاركة القوى العاملة التي تطور الإنتاج – وبالتالي الدخل والمدخرات.. على مستوى الأسرة والمجتمع والمستوى الوطني».
ومن الأمثلة المثيرة للاهتمام، يأتي تقرير استطلاع شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) لعام 2022 الذي أشار إلى أن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي بمقدار هائل قد يصل إلى 2 تريليون دولار.
ومن الجدير بالقول أن ضمان دخول المزيد من النساء إلى مجالس الإدارة وهيئات صنع القرار سيكون له تأثير إيجابي على أية دولة تتبع هذا المسار، كما أن تقديم ترتيبات عمل مرنة، وتعزيز التوازن بين العمل والحياة، وتوفير فرص التطوير المهني، وتوضيح أن التمييز على أساس الجنس -أيّاً كان- لن يتم التسامح معه في مكان العمل، هي بعض الطرق لجذب النساء والاحتفاظ بهن في الوظائف، وهذا سيغير بالتأكيد المشهد الوطني والعالمي نحو الأفضل.
*أليشا موبين، مدير الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة أستر دي إم للرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي