عند الإشارة إلى مؤشر يتضمن أكبر 500 شركة مدرجة في أكبر اقتصاد بالعالم، وبقيمة سوقية تتجاوز 43.4 تريليون دولار، فإن ذلك يعطينا صورة مختصرة عن حركة الأسواق العالمية بالمجمل.
ففي الأشهر الخمسة المنصرمة، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة تزيد على 25 في المئة، في ظاهرة رأيناها 10 مرات فقط منذ الثلاثينيات، وفقاً لأبحاث بنك أوف أميركا، كما أظهرت بيانات شركة «سي إف آر إيه» للأبحاث، أن المؤشر حقق 16 مستوى قياسياً هذا العام، وهو أكبر عدد له في أي ربع أول منذ عام 1945.
أسهم الذكاء الاصطناعي قادت مكاسب ستاندرد آند بورز 500
على الرغم من المبالغة في التقييمات حسب ما يشير مؤشر «P/E Ratio» الذي يقيس نسبة سعر الأسهم إلى الأرباح الخاصة بالشركات، فإنه لا يمكن اعتبار ارتفاع ستاندرد آند بورز 500 بهذه الدرجة كفقاعة، هذا ما قاله وائل مكارم، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة «اكسنس» للتداول، في حديث لـ«CNN الاقتصادية».
وأفاد بأن المؤشر سبق أن خضع لمسار تصحيحي الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي يؤكد أن المسار الصعودي صحي، مشيراً إلى أنه لا توجد اليوم دوافع حقيقية تدفع المستثمرين للبيع.
وأوضح أن أحد أهم الأسباب التي قادت قفزة المؤشر هي شركات الرقائق والشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وأبرزها إنفيديا، التي ارتفعت أسهمها بنسبة 85.6 في المئة منذ بداية العام الجاري، لتصبح ثالث أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في العالم بتقييم 2.3 تريليون دولار، توقع مكارم أن تلامس إنفيديا مستوى 5 تريليونات دولار، دون أن يحدد المدى الزمني لذلك، بفضل نمو سوق الرقائق الذي تقوده.
من جهة أخرى، أضاف مكارم أن قوة الاقتصاد الأميركي تدعم المؤشر بدورها.
إنفيديا أكبر الرابحين وبوينغ أكبر الخاسرين
احتل قطاع الرقائق وأشباه الموصلات قائمة الرابحين منذ بداية العام ضمن مؤشر ستاندرد آند بورز 500، حيث كانت شركة إنفيديا أكبر الرابحين ضمنه بمكاسب تجاوزت 85 في المئة منذ بداية 2024.
وكانت كل من شركة الطيران بوينغ وشركة السيارات الكهربائية تسلا، أكبر الخاسرين ضمن المؤشر، بخسائر 29.3 في المئة و28.5 في المئة على التوالي.
السياسة النقدية وسوق الأسهم
كان مسار تعافي مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من مستوياته المنخفضة على مدار العام الماضي، مرتبطاً بشكل طبيعي ببدء الحديث عن تغير السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) والتخلي عن سياسة رفع أسعار الفائدة، وهو ما يفسر ارتفاع المؤشر من مستوى 4100 نقطة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، إلى ما فوق 5100 نقطة يوم الأربعاء، باتجاه مستدام، وسط التوجه الواضح لخفض أسعار الفائدة الذي يرجحه غالبية المحللين.
لكن مكارم قال من جهته، إن الوقت ربما حان لتعديل هدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالوصول إلى تضخم إلى 2 في المئة، متابعاً «بعد أن بدأنا العام بتوقعات محللين تشير إلى 7 تخفيضات للفائدة تبدأ في مارس آذار، وبعدها 3 تخفيضات تبدأ في يونيو حزيران، برأيي لو حصل تخفيض واحد فقط هذا العام سيكون الأمر ممتازاً، نظراً لعدم وجود أي إشارات لتباطؤ اقتصادي حالياً تدفع الاحتياطي الفيدرالي لسلوك مسار الخفض».
وبرر رأيه بأن معدلات البطالة تظل منخفضة، وسوق العمل قوي، كما أن التضخم قريب من السيطرة عليه، وهذا الأمر قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي للإبقاء على معدلات الفائدة قريبة من مستوياتها الحالية، مذكراً بعامي 2000 و2006 حين كان الوضع مماثلاً لأسعار الفائدة التي نشهدها اليوم.
لعبة سيولة
استبعد مكارم أن تغري مكاسب العملات المشفرة المستثمرين لهجرة كبيرة من سوق الأسهم بحثاً عن جني أرباح طائلة، مفيداً بأنها أصول بديلة وحصتها من المحفظة الاستثمارية لدى المستثمرين المحترفين لا تتعدى بالمنطق الطبيعي نسبة 10 في المئة، إلا في حالات استثنائية تعود لطبيعة الشخص ومعدل الخطر الذي يريد انتهاجه.
وأوضح أن كل ما يجري اليوم في سوق العملات المشفرة هو عبارة عن «لعبة سيولة» قد تستمر بالطبع في الارتفاع، ولكنها في الوقت نفسه قد تنهار في أي لحظة.