نفت سلطة قناة بنما،
في وقت متأخر يوم الأربعاء، أي تعديلات على رسوم العبور أو الحقوق الأخرى المرتبطة بمرور السفن عبر القناة، وذلك رداً على تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية. وأكدت السلطة، التي تمتلك الصلاحيات الكاملة لتحديد الرسوم والتكاليف المرتبطة باستخدام القناة، أنها لم تقم بإجراء أي تغييرات على هذه الرسوم، جاء ذلك في بيان رسمي نشرته على موقعها على منصة إكس، شددت فيه على التزامها بالشفافية والاستقرار في إدارة الممر المائي الحيوي.
وأضاف البيان أن سلطة قناة بنما مستعدة لإجراء حوار مع المسؤولين الأميركيين بشأن عبور السفن الحربية التابعة للولايات المتحدة عبر القناة، مشيرةً إلى التزامها بالتعاون الدبلوماسي في هذا الصدد.
يأتي هذا البيان وسط تجدد الجدل حول مستقبل القناة وأهميتها الاقتصادية، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا إلى استعادة السيطرة الأميركية على القناة ما لم تُجرِ بنما تعديلات على إدارتها، وقد أثارت هذه التصريحات نقاشاً واسعاً حول الدور الاستراتيجي للقناة وتأثيرها في التجارة العالمية.
أهمية قناة بنما في الاقتصاد العالمي
تُعد قناة بنما واحدة من أهم الممرات المائية في العالم، حيث تلعب دوراً محورياً في التجارة الدولية من خلال ربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، ويمتد الممر المائي بطول 82 كيلومتراً، ما يوفر طريقاً مختصراً للسفن التي كانت ستضطر إلى الإبحار حول رأس هورن في أقصى جنوب أميركا الجنوبية، ما يقلل المسافة البحرية بما يصل إلى 7 آلاف ميل بحري.
في السنة المالية 2023، عبرت القناةَ نحو 12,600 سفينة، حاملةً أكثر من 500 مليون طن من البضائع، بما في ذلك سلع أساسية مثل الغذاء، والمعادن، والمنتجات الصناعية، وتُعد الولايات المتحدة أكبر مستخدم للقناة، إذ تمثل نحو 75 في المئة من حركة العبور، تليها الصين.
ويؤكد هذا الاعتماد الكبير على القناة أهميتها الاستراتيجية للتجارة العالمية، لا سيما في حركة البضائع بين أميركا الشمالية وآسيا.
قناة بنما مقابل قناة السويس
رغم الأهمية الكبيرة لقناة بنما، فإنها أصغر نسبياً من قناة السويس، التي يعبرها سنوياً أكثر من 19 ألف سفينة، وتستحوذ على نحو 12-15 في المئة من إجمالي التجارة العالمية، بالمقابل تمثل قناة بنما نحو 5 في المئة فقط من التجارة البحرية العالمية، مع عبور نحو 14 ألف سفينة سنوياً، ومع ذلك تظل القناة شرياناً حيوياً للاقتصاد الأميركي، خاصة في التبادل التجاري مع شرق آسيا.
قوة اقتصادية
إلى جانب دورها الاستراتيجي، تُعد قناة بنما قوة اقتصادية ضخمة، إذ يتم شحن بضائع بقيمة 270 مليار دولار سنوياً عبرها، ما يمثل نحو 40 في المئة من إجمالي حركة الحاويات الأميركية.
في عام 2023، صدّرت الولايات المتحدة 125.6 مليون طن من البضائع عبر القناة، معظمها إلى آسيا، كما تُوفر القناة صفقات ضخمة لشركات الشحن، إذ يُقدَّر أن استخدامها يوفّر ما بين 450 مليون و750 مليون دولار سنوياً من تكاليف الوقود والشحن مقارنة بالطرق البديلة.
مستقبل قناة بنما
مع استمرار الولايات المتحدة في كونها أكبر مستخدم للقناة، تظل أي تغييرات في إدارتها أو رسومها محل اهتمام عالمي، كما أن تزايد التوترات الجيوسياسية والمنافسة بين القوى الاقتصادية الكبرى يزيد من أهمية القناة كممر تجاري لا غنى عنه، وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة للتجارة البحرية، من المتوقع أن تظل قناة بنما محوراً رئيسياً للنقاشات السياسية والاقتصادية في السنوات القادمة.