أثبتت سوق العمل الأميركية متانة مذهلة يوم الجمعة بعدما سجلت ثلاثة أضعاف العدد المتوقع للوظائف الجديدة، كما جعلت من توقعات دخول الاقتصاد الأميركي حالة ركود تبدو سخيفة للغاية.
ففي وقت سابق من الأسبوع، توقع خبراء الاقتصاد أن يضيف الاقتصاد الأميركي نحو 185 ألف وظيفة جديدة في يناير كانون الثاني، وكان هذا ليعد مكسباً جيداً وأعلى من متوسط الأرقام المسجلة للفترة ذاتها قبل جائحة كورونا.
لكن كان للاقتصاد الأميركي كلمة أخرى وأضاف أكثر من نصف مليون وظيفة في يناير كانون الثاني. إليكم أربعة استنتاجات رئيسية من تقرير الوظائف.
التقرير أدهش اقتصاديي «وول ستريت»
الخبر الذي تصدر عناوين الأخبار بأن الولايات المتحدة أضافت 517 ألف وظيفة الشهر الماضي أثار دهشة الاقتصاديين في وول ستريت.
وبالنسبة لمعدل البطالة الذي كان من المتوقع أنه يرتفع فقد انخفض من 3.5 في المئة إلى 3.4 في المئة مسجلاً أدنى مستوى له منذ عام 1959.
وحمل التقرير بعض المعلومات المهمة الأخرى:
فبعد مراجعات، تأكد أن الولايات المتحدة أضافت 4.8 مليون وظيفة العام الماضي، بزيادة 300 ألف وظيفة على الأرقام المعلنة في وقت سابق.
وتنوعت المجالات التي شهدت إضافة وظائف جديدة وكان في الصدارة قطاعا الترفيه والرعاية الصحية.
ونمت الأجور بمعدل أكبر من المتوقع إذ سجلت ارتفاعاً بنسبة 4.4 في المئة مقارنة بالعام السابق.
والخلاصة أنه بالرغم من التسريحات الضخمة للعمال في قطاعي التقنية والإعلام فإن الاقتصاد يشهد انتعاشة أوسع نطاقاً.
توقعات الركود تبدو خاطئة
بعد عام بدا الركود فيه وشيكاً، يقول العديد من الاقتصاديين الآن إن هذه التوقعات كانت متشائمة للغاية.
وقال (مارك زاندي)، كبير الاقتصاديين لدى (موديز)، «أي قلق من دخول الاقتصاد في ركود أو أنه قريب من الركود يجب أن يتلاشى تماماً بفضل هذه البيانات».
واعتمدت معظم هذه التوقعات على سياسة التشديد النقدي التي يتبعها «الاحتياطي الفدرالي» وتهدف إلى السيطرة على التضخم، وهذه السياسات تحمل مخاطر حدوث ركود لأنها تميل لإعاقة نمو الأعمال.
وحتى الآن يبدو أن قرارات «الاحتياطي الفدرالي» لم تخمد الزخم الذي تتمتع به سوق العمل.
من جانبه، صرح الاقتصادي (جاستن ولفرس) عبر حسابه على تويتر بأن «العام الماضي شهد أكبر قراءة خاطئة للاقتصاد في حياتي»، مضيفاً «وصلت أحاديث الركود لمستويات غير مسبوقة حتى مع تسجيل الاقتصاد نمواً في الوظائف».
وقال ولفرس «نظريتي بشأن (لماذا أخطأ العديد من الأشخاص بخصوص الاقتصاد لفترة طويلة؟) هي أن العديد من الاقتصاديين غير قادرين على الاعتراف بأنه يحدث أن تقع أمورٌ جيدة».
ربما يستمر «الاحتياطي الفدرالي» في رفع معدلات الفائدة
الأخبار الجيدة للعمال ليست دائماً أخباراً سارة لـ«وول ستريت»، إذ تراجعت الأسهم صباح الجمعة بعدما فاجأ تقرير الوظائف المستثمرين وبعث بإشارات بأن معدلات الفائدة المرتفعة لن تنتهي قريباً.
وأوضح البنك المركزي الأميركي أنه سيستمر في رفع معدلات الفائدة لامتصاص السيولة الفائضة من الاقتصاد وإعادة التضخم لهدفه البالغ نحو اثنين في المئة، رغم بيانات بأن التضخم يتباطأ من ذروته المسجلة في الصيف الماضي عندما بلغ 9.1 في المئة.
لكن المقياس المفضل للاحتياطي الفدرالي لقياس ارتفاع الأسعار – مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي – ارتفع خمسة في المئة على أساس سنوي في ديسمبر كانون الأول.
وحقيقة أن سوق العمل كانت قادرة على التعامل مع أكثر سياسات «الاحتياطي الفدرالي» تشدداً في التاريخ الحديث تشير إلى أن بوسع البنك المركزي أن يستمر في رفع الفائدة دون أن يستدعي هذا تسريحات كبيرة للعمال أو تسجيل ارتفاعات كبيرة في معدلات البطالة.
وبالطبع لا يعني هذا أن الاقتصاد نجا بالكامل من أخطار الركود، فمعدلات الفائدة المرتفعة تُصعب الاقتراض الشخصي، وهذا خبر سيئ لأي شخص يأمل في تمويل شراء بيت أو أخذ قرض للتعليم أو حتى تدشين مشروع جديد.
ما زالت اليد العليا للعمال
عزز تقريرُ الوظائف الأدلةَ التي نشرت في وقت سابق من الأسبوع الحالي وأظهرت أن سوق العمل الأميركية ما زالت تحت هيمنة العمال.
وأظهر استطلاع فرص العمل ومعدل دوران العمالة الصادر عن وزارة العمل الأميركية أن عدد الوظائف المتاحة في ديسمبر كانون الأول قد بلغ 11 مليون وظيفة، ما فاق التوقعات وسجل أكبر عدد للوظائف المتاحة منذ يوليو تموز.
ويعني هذا أن هناك وظيفتين متاحتين لكل شخص يبحث عن عمل.
(أليسون مورو – CNN)