«كم يبلغ سعر الدولار اليوم؟» سؤال كان يطرحه المصريون من حين لآخر، لكن في الأشهر الأخيرة بات يُطرح كل يوم.
يسجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً حاداً مقابل الجنيه منذ مارس آذار 2022، ما أدخل البلاد في موجة غلاء كبيرة، وجعل المصريين يهتمون بمستقبل العملة، خوفاً على أوضاعهم المعيشية.
تذهب توقعات بنوك الاستثمار إلى أن سعر الجنيه سينخفض أكثر مقابل الدولار في الأشهر المقبلة، ويرى بعضها أن التراجع قد يصل إلى عشرة في المئة من المستوى الحالي، لينهي الربع الأول من العام عند 34 جنيهاً للدولار، في حين تذهب توقعات أخرى إلى أن بلوغ ذلك السعر لن يكون قبل نهاية النصف الأول من العام.
كان متوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في بداية العام الماضي 15.75 جنيه، بينما يبلغ نحو 30.86 جنيه حالياً، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.
ومع الحديث عن شُح جديد للعملة الصعبة، نشطت السوق الموازية مرة أخرى، إذ يجري تداول الدولار بين 33.5 و34 جنيهاً، بحسب متعاملين.
الجنيه الضعيف
ستحتاج مصر لعملة محلية أرخص بسبب ارتفاع عجز الميزان التجاري -الذي يقيس الفارق بين الصادرات والواردات- ونقص الدولار، حسبما تشير توقعات بنك «سوستيه جنرال».
وتوقع البنك في مذكرة بحثية أن ينخفض الجنيه بنسبة عشرة في المئة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، ليبلغ 34 جنيهاً مقابل الدولار.
وتشير توقعات علي متولي، باحث مساهم لقسم الشرق الأوسط بوحدة الاستخبارات الاقتصادية «إي آي يو» بلندن، إلى أن الجنيه قد يتراجع بحد أقصى عشرة في المئة على مدار الفترة من أبريل نيسان حتى يونيو حزيران.
وقال لـ«CNN الاقتصادية» إن متوسط سعر صرف الدولار للعام الجاري قد يدور بين 31 و33 جنيهاً.
وتذهب توقعات جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «كابيتال إيكونوميكس»، إلى أن سعر صرف الدولار قد يصل إلى 31 جنيهاً في نهاية يونيو حزيران.
وقال لـ«CNN الاقتصادية» إنه بعد أن ضعف في منتصف يناير كانون الثاني إلى نحو 32.2 جنيه، قلص الجنيه خسائره، ولم ينخفض منذ ذلك الحين.
وتشير مذكرة لبنك «كريدي سويس» إلى أن سعر الصرف المتوقع للدولار مقابل الجنيه سيكون عند 35 جنيهاً، دون أن تحدد نطاقاً زمنياً للوصول لهذا السعر.
سعر الدولار في مصر يقفز بالسوق الموازية.. والعقود الآجلة تتخطى 45 جنيهاً
ما الذي يؤثر على تراجع الجنيه؟
سيخضع سعر صرف الجنيه المصري في الفترة المقبلة لثلاثة مؤثرات، هي أسعار الفائدة العالمية والمحلية وثقة المستثمرين وموارد العملة الصعبة، حسبما يقول متولي.
ويضيف «سيكون الخطر الأكبر على الجنيه ارتفاع الفائدة في أميركا والذي يعزز من سعر الدولار، ويشكل ضغطاً على كل العملات في العالم بما فيها الجنيه، ما يعني أن البنك المركزي المصري قد يحتاج لرفع الفائدة على الأقل نقطة مئوية حتى يتماشى مع قرارات الفيدرالي الأميركي ويحافظ على ما تبقى من استثمارات الأجانب في أدوات الدين».
تنتظر الأسواق المالية زيادات جديدة في أسعار الفائدة الأميركية، إذ قال جيروم باول، رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إن الاتجاه الحالي يُظهر أن مهمة مكافحة التضخم لم تنتهِ بعد، وأن أسعار الفائدة من المرجح أن تكون أعلى مما كان متوقعاً.
وستكون ثقة المستثمرين عاملاً رئيسياً في سعر الجنيه خلال الفترة المقبلة مع خضوع الاقتصاد المصري للمراجعة الأولى لقرض مصر مع صندوق النقد الدولي في مارس آذار، وفقاً لمتولي.
وقال «إذ كانت المراجعة إيجابية فستكون مفيدة بشكل عام، لكن سيكون التحدي مراجعة شهر سبتمبر أيلول المقبل، والتي سُتظهر ما إذا كانت مصر اتخذت خطوات جادة لبيع جزء من أصولها، بجانب مراجعة نظام سعر الصرف في مصر».
وتعهدت مصر لصندوق النقد ببيع جزء من أصولها لسد الفجوة التمويلية، وشرعت الحكومة في إجراءات لبيع حصص من 32 شركة حكومية إلى المستثمرين خلال الفترة المقبلة، كما تعهدت باتباع نظام سعر صرف حر.
ويحتاج سعر الجنيه في المستقبل إلى تحسن مصادر العملة الصعبة لمصر، بما فيها الصادرات وإيرادات السياحة، لمعالجة نقص الدولار الذي تعاني منه البلاد.
وقال متولي «إذا تحسنت هذه المصادر فسنرى استقراراً أكبر في سعر الجنيه في النصف الثاني من العام، لكن إذا حدث العكس فقد نرى تراجعاً جديداً في سعر الصرف».
ويتفق سوانستون مع هذه التوقعات، ويضيف «يجب أن نرى الصادرات المصرية تتحسن مع ارتفاع القدرة التنافسية لمنتجاتها بسبب ضعف العملة، ما يحفز زيادة الاستثمارات أيضاً، فإذا عادت تدفقات رأس المال إلى البلاد نتوقع بعض الارتفاع في قيمة الجنيه على مدى بقية العام الجاري».
تبدو التوقعات متفائلة إذا نظرنا إلى بيانات العقود الآجلة للجنيه المصري بالدولار والتي بلغت 38 جنيهاً لأجل عام خلال تعاملات الأسبوع الحالي، ما يعني أن المصريين سيستمرون في السؤال عن سعر الدولار لفترة ليست بالوجيزة، وأن الإجابة قد لا تكون مُرضية.