بعد ثلاثة أعوام من الحدود المغلقة أمام المسافرين وقيود فيروس كورونا المفروضة على المواطنين الصينيين، أعلنت بكين رفع قيود السفر وفتح حدودها أمام السياح الأجانب، الأمر الذي عزز التفاؤل بشأن تعافي صناعة السياحة المحلية والعالمية.
وفي بيان نُشر على موقع السفارة الصينية بالولايات المتحدة على الإنترنت يوم الاثنين وأطلعت عليه «CNN»، قالت السفارة إن البلاد ستستأنف إصدار جميع فئات التأشيرات للأجانب بدءاً من يوم الأربعاء.
ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى إنعاش صناعة السياحة المحلية بعد عام من النمو الفاتر الذي تفاقم بسبب إجراءات كبح الوباء، ولكن كيف ستؤثر هذه الخطوة على الصعيدين المحلي والعالمي؟
أهمية السياحة للصين
يسهم قطاع السياحة بشكل رئيسي في الاقتصاد المحلي للصين وعزز دوره بشكل خاص قبل جائحة كورونا، إذ بلغ عدد السياح الأجانب الوافدين إلى البلاد 162.54 مليون سائح في عام 2019، وهي زيادة هائلة مقارنة بالعشر سنوات السابقة، وفقاً لبيانات البنك الدولي.
أما بعد انتشار الجائحة واتجاه السلطات الصينية لفرض قيود الإغلاق وغلق الحدود أمام الأجانب انخفض عدد السياح الوافدين بما يتجاوز 80 في المئة ليصل إلى 30.4 مليون سائح في 2020.
ومثلت صناعة السياحة والسفر نحو 11.6 في المئة أو ما يعادل 1.66 تريليون دولار من إجمالي الناتج المحلي للصين البالغ 14.28 تريليون دولار في عام 2019، بحسب بيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة.
ولكن تراجعت هذه المساهمة بما يقارب 60 في المئة في العام التالي للجائحة، لتصل إلى نحو 4.5 في المئة أو نحو 667.2 مليار دولار من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في 2020.
وقالت جوليا سيمبسون الرئيسة والمديرة التنفيذية للمجلس العالمي للسفر والسياحة، في تقرير صدر فبراير شباط الماضي، «لطالما كانت الصين وجهة مفضلة لقضاء العطلات على مستوى العالم، وبعد أكثر من عامين من الاضطراب، من الرائع أن نرى عودة السياح، إذ يوفر السائحون دفعة هائلة للاقتصاد وخلق فرص العمل».
وأضافت «من المهم أن تدرك الحكومات أهمية السفر والسياحة للاقتصادات المحلية والوطنية، والوظائف والشركات».
في غضون ذلك، يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم تحديات هذا العام، إذ قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في وقت سابق من الشهر الجاري، إن تحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 البالغ نحو 5 في المئة في ظل تأثير ارتفاع الدخل الشخصي للأفراد على الناتج الاقتصادي ليس بالمهمة السهلة، ويتطلب جهوداً مضاعفة.
الصين والمنطقة الآسيوية
يزيد تخلي الصين عن قيود الإغلاق المرتبطة بالجائحة من احتمالية التعافي السريع لقطاع السياحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي كانت تعتمد بشكل كبير على المسافرين الصينيين قبل الوباء، وفقاً لما ورد في تقرير وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» الصادر في يناير كانون الثاني.
وكانت الصين واحدة من أكبر الأسواق المصدرة للسياحة في العالم قبل الوباء، وبلغ إجمالي إنفاقها على السياحة الدولية نحو 254.6 مليار دولار في عام 2019، بحسب الوكالة.
وبشكل عام، قُدرت مساهمة قطاع السياحة بنحو 3.06 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2019، والتي انخفضت بنسبة 53.7 في المئة إلى 1.42 تريليون دولار في 2020، وفقاً للمجلس العالمي للسفر والسياحة.
يتضمن هذا 185.1 مليون وظيفة شارك بها قطاع السياحة في المنطقة خلال 2019، والتي تراجعت إلى 151 مليوناً في 2020، في إشارة إلى مدى تأثر معدلات التوظيف بضعف قطاع السياحة في المنطقة بعد وباء كورونا.
وتوقعت «فيتش» انتعاشاً قوياً للسياحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال عام 2023 خاصة بعد إجراءات الصين الأخيرة، إذ استحوذ السياح الصينيون على النسبة الأكبر في العديد من أسواق منطقة آسيا والمحيط الهادئ قبل الوباء.
الطلب على النفط والاقتصاد العالمي
الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستهلك للنفط الخام عالمياً، ومن ثم فإن إعادة فتح الحدود من شأنها دعم الطلب الصيني على الوقود خلال العام الجاري، بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية و منظمة البلدان المُصدرة للنفط «أوبك».
وقالت «أوبك» في تقريرها الصادر يوم الثلاثاء، «لا يزال الطلب على النفط مدفوعاً بالانتعاش المستمر في قطاعي السفر والنقل».
ومن المتوقع أن يضيف إنهاء الإغلاق في الصين وفتح الحدود أمام المسافرين زخماً كبيراً للنمو الاقتصادي العالمي، ما يدعم نمو الطلب الصيني على النفط بنحو 700 ألف برميل يومياً على أساس سنوي في 2023، بحسب «أوبك».
ومع ذلك، أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أنه قد يؤدي انتعاش الطلب الصيني إلى الضغط على سوق النفط العالمية، ويدفع الأسعار للارتفاع (ما يهدد بتسارع معدلات التضخم).