أظهر مسح لـ«ستاندرد آند بورز» يوم الثلاثاء أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر استمر في الانكماش للشهر الثامن والعشرين على التوالي في مارس آذار، إذ تضررت الشركات بسبب قيود على الاستيراد والعملة وزيادة حادة في التضخم.
وأظهرت أحدث بيانات مسح مؤشر مديري المشتريات المصري استمرار القطاع الخاص المصري غير النفطي في تسجيل تقلصات حادة في النشاط والطلبيات الجديدة في مارس آذار، إذ أدت قيود التضخم والعرض إلى ضعف مستمر في الطلب.
وفي الوقت نفسه، زاد تقلب سعر الصرف من الزيادات الحادة في التكاليف والرسوم، في حين ظلت توقعات الإنتاج المستقبلي من بين الأضعف المسجلة على الإطلاق.
وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز جلوبال مصر لمديري المشتريات المعدل موسمياً، وهو مقياس مركب مصمم لإعطاء نبذة عن طريق رقم يشير لظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي، والذي سجل انخفاضاً طفيفاً من 46.9 في فبراير شباط إلى 46.7 في مارس آذار، مسجلاً بذلك معدلاً أقل من المقدار المحايد الذي يشير إلى نمو النشاط عند 50.0 نقطة، ما يشير إلى تدهور حالة القطاع.
وعلق ديفيد أوين، كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز» على نتائج المسح فقال، «لا يزال مؤشر مديري المشتريات في مصر ينم عن عدة رياح معاكسة في مواجهة اقتصاد القطاع الخاص خلال مارس، ليختتم الربع الأول من 2023 بصورة غير مبهجة، إذ ظل الطلب مقيداً بسبب ارتفاع التضخم، وضعف العملة، فضلاً عن قيود الاستيراد».
وأضاف: «عند 46.7 أشار مؤشر مديري المشتريات الرئيسي إلى مزيد من التدهور القوي في أداء الشركات غير النفطية، مدفوعاً بالانخفاض الحاد في النشاط وحجم الأعمال الجديدة».
انخفضت مستويات الإنتاج بمعدل ملحوظ عبر القطاع الخاص غير النفطي خلال شهر مارس، ويرجع ذلك جزئياً إلى الصعوبات المستمرة في الوصول إلى المواد الخام والمدخلات الرئيسية بسبب ضوابط الاستيراد والقيود المفروضة على العملة، ومع ذلك انخفض معدل انكماش الإنتاج بشكل طفيف ليصبح بذلك المعدل الأخف على مدار خمسة أشهر.
وأشار أوين إلى أن «الارتفاع الحاد في التضخم إلى 31.9% في فبراير -وهو أعلى مستوى في خمس سنوات ونصف– يوضح أزمة تكلفة المعيشة الرهيبة التي تؤثر على البلاد في الوقت الحالي، ويرجع ذلك في جانب كبير منه إلى الانخفاض الملحوظ في قيمة الجنيه المصري خلال الأشهر الأخيرة».
وبالحديث عن القطاعات المختلفة، شهدت الشركات في قطاعات التصنيع والتشييد وتجارة الجملة والتجزئة مزيداً من الانخفاضات الحادة في الإنتاج والطلبات الجديدة في مارس، ولكن كانت هناك حركة إيجابية في اقتصاد الخدمات، وهنا ارتفع النشاط لأول مرة منذ أغسطس آب 2021 وسط زيادة متجددة في المبيعات.
ومع ذلك، فإن الصورة السلبية العامة للقطاع الخاص غير النفطي تعني أن الشركات استمرت في إبداء القليل من التفاؤل بالمستقبل.
على الرغم من بوادر الانتعاش والارتفاع إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر، فإن توقعات العام المقبل للنشاط لا تزال من بين الأضعف المسجلة منذ أوائل عام 2012.
وسط ذلك، خفضت الشركات عدد موظفيها للشهر الرابع على التوالي، وغالباً ما تترك الوظائف شاغرة بسبب نقص العمل الجديد.
كما ظهرت انعكاسات تدل على الطاقة الفائضة، إذ انخفض حجم العمل المتراكم إلى أقصى حد منذ أبريل نيسان 2022، وانخفض نشاط الشراء بشكل حاد خلال شهر مارس، على الرغم من أن الانخفاض كان الأخف منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي.
أسباب ضعف الشراء
غالبًا ما أشارت الشركات من خلال المسح إلى أن ضعف طلب العملاء وقيود الاستيراد هي التي أسهمت في انخفاض نشاط الشراء.
وأدت القيود المفروضة على الجمارك إلى الانخفاض للشهر الخامس على التوالي في أداء البائعين.
ومع انخفاض الشراء، اضطرت بعض الشركات إلى السحب من المخزونات لتلبية الطلبات الجديدة، ما أدى إلى بعض الانكماش في مخزون المواد الأولية المدخلة، وربطت الشركات ارتفاع الأسعار بشكل أساسي بانخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعار الواردات، أيضاً ارتفعت تكاليف الموظفين، وإن كان بأقل حد في ثلاثة أشهر.
بعض الحلول المتفائلة
وعندما زادت رسوم الإنتاج مع قيام بعض الشركات بعكس تكاليف أعلى على العملاء، تراجعت وتيرة التضخم إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر في مارس، في حين رأى البعض أن الحفاظ على استقرار الأسعار أو حتى خفضها يمكن أن يكون حلاً في محاولة لتعزيز الطلب.
وفي نظرة بها بصيص من الأمل، تباطأت وتيرة تضخم رسوم الإنتاج إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر، حين تراجعت الشركات عن زيادات الأسعار في محاولة لتحفيز الطلب.
وذكر أوين «بالإضافة إلى سوق العملات الأكثر استقراراً بعض الشيء، توفر البيانات بعض الأمل في أن ذروة التضخم قد تكون قريبة».