تكافح الحكومات المحلية في الصين تريليونات الدولارات من الديون، بعد ثلاث سنوات من الضوابط الصارمة المرتبطة بجائحة كورونا وانهيار سوق العقارات الذي استنزف خزائن الحكومات.
وخفضت بعض المدن بالفعل المزايا الطبية لكبار السن، وأصبحت الخدمات الحيوية الأخرى في خطر، ما أثار احتجاجات انتشرت في جميع أنحاء البلاد.
والآن، اعترفت مقاطعة قويتشو، وهي واحدة من أفقر مقاطعات الصين وأكثرها مديونية، بالهزيمة في محاولتها تسوية أوضاعها المالية، وهي تناشد بكين للمساعدة في تجنب التخلف عن السداد.
واستأجرت المقاطعة صندوقاً للديون المتعثرة مملوكاً للدولة «تشاينا سيندا أسيت مانجمنت»، لحل مشاكلها المالية، إذ بلغ إجمالي ديونها 25 تريليون يوان (3.6 تريليون دولار) بحلول نهاية عام 2021، بحسب أحدث البيانات المتاحة.
وتشير هذه الخطوة إلى أن بكين ربما تكون قد بدأت في إنقاذ الحكومات الإقليمية المثقلة بالديون لتجنب التخلف عن السداد المحتمل الذي قد يهدد استقرار الوضع المالي والسياسي للبلاد.
إعلان استثنائي
في منتصف أبريل نيسان، أعلنت قويتشو أنها غير قادرة على معالجة قضايا الديون الخاصة بها، ودعت بكين إلى المساعدة، وكانت أول مقاطعة صينية تفعل ذلك.
وقال فريق بحث من حكومة المقاطعة، في مقال نُشر على موقع الحكومة على الإنترنت «أصبحت مشكلة الديون رئيسية وعاجلة لحكوماتنا المحلية».
ويُنظر إلى هذه الخطوة في السياق السياسي للصين، باعتبارها مناشدة للحكومة المركزية في خطاب عام، وطلب مساعدة مالية منها.
وتعليقاً على هذا الإعلان الاستثنائي، قال مايكل بيتيس أستاذ المالية في جامعة بكين، «لسوء الحظ، فإن قويتشو هي مجرد واحدة من بين العديد من المقاطعات التي تتحمل أعباء ديون مماثلة».
كما لفت إلى أن العديد من قادة المقاطعات الصينية ربما يراقبون قويتشو عن كثب للحصول على إشارة بشأن ما ينبغي عليهم فعله بعد ذلك.
تأثير الدومينو
تتكون معظم التزامات الحكومات المحلية في الصين من «ديون خفية» صادرة عن أذرعها التمويلية، وعادة ما تستخدم هذه الديون لتمويل الإنفاق على البنية التحتية، دون أن يُكشف عنها في الميزانيات العمومية للسلطات الإقليمية.
قويتشو هي واحدة من أكثر المقاطعات مديونية في البلاد، وتأتي في المرتبة الثانية بعد مقاطعة تشينغهاي الشمالية الغربية، وفقاً للإحصاءات العامة.
قال لوجان رايت مدير أبحاث الأسواق الصينية لدى مجموعة «روديوم غروب»، إن مشاكل قويتشو كانت إرثاً لطفرة كبيرة في الائتمان والاستثمار مولتها البنوك الصينية بعد عام 2008.
لكن المشكلة تفاقمت بسبب الانهيار الأخير في سوق العقارات، ما تسبب في انخفاض عائدات بيع الأراضي، وهي مصدر دخل مهم للحكومات المحلية.
وأعلن بنك قويتشو -المقرض الإقليمي المدعوم من الحكومة- في وقت سابق من هذا الشهر أن نسبة القروض المعدومة في دفتر ممتلكاته ارتفعت إلى أكثر من 20 في المئة في عام 2022، من 0.8 نقطة مئوية في عام 2021.
واضطرت العديد من الشركات المدرجة في المقاطعات الأخرى إلى شطب ملايين الدولارات من الديون المعدومة؛ لأن عملاءها في قويتشو رفضوا دفع ما عليهم، ما أثار مخاوف بشأن انتشار العدوى في بقية المقاطعات.
الدعم يلوح في الأفق
قبل أيام من تدخل «سيندا» للمساعدة، وقعت الجهة المنظمة للأصول الحكومية في البلاد اتفاقية تعاون استراتيجي مع قادة قويتشو، ووافقت على تقديم بعض الدعم.
ولا تزال تفاصيل خطة الإنقاذ المحتملة غامضة حتى الآن، لكن بكين تتعرض الآن لضغوط للتحرك نحو دعم المقاطعة.
وقال تشانغ يوتشو مدير لجنة الإشراف على الأصول وإدارتها في مجلس الدولة «كيفية استجابة بكين لأول مدينة أو مقاطعة تخلفت عن سداد السندات أو الالتزامات الأخرى ستحدد حجم عدوى السوق التي ستنتج».
وأضاف «لكن في نهاية المطاف، ستحتاج بكين إلى تقديم شكل من أشكال المساعدة المالية، لا يوجد بديل واقعي آخر».
(لورا هي – CNN).