يستعدُّ الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لرفع أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام بعد يومين فقط من انهيار بنك «فيرست ريبابليك»، والذي يُعدُّ ثاني أكبر إفلاس مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة.
وتسببت سياسة رفع أسعار الفائدة التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي على مدار العام الماضي في انهيار بنك «فيرست ريبابليك»، كما حدث تماماً لمصرفَي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر»، إذ انخفضت قيمة استثمارات البنوك، لا سيّما في السندات طويلة الأجل؛ ما كبّد تلك البنوك خسائر غير محققة بمليارات الدولارات.
عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، تزيد البنوك أسعار الفائدة على حسابات التوفير الخاصة بها من أجل جذب المودعين؛ الأمر الذي قد يضغط على البنوك متوسطة الحجم والإقليمية، مثل تلك التي شهدت سحب الودائع عندما بدأت الأزمة المصرفية في مارس آذار.
لماذا إذاً سيرفع الاحتياطي الفيدرالي على الأرجح أسعار الفائدة يوم الأربعاء؟
تجنُّب صدمة السوق
قال جوناثان إرنست، أستاذ الاقتصاد في كلية ويذرهيد للإدارة بجامعة كيس ويسترن ريزيرف، «إنه من الأسهل على الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة عندما تتوقع الأسواق ذلك بالفعل».
وأوضح إرنست أن متداولي العقود الآجلة للأموال الفيدرالية يتوقعون بنسبة 80 في المئة أن يرفع البنك المركزي الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء، وأضاف «إذا لم يواصل الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة، فسوف يصدم الأسواق؛ ما يدفع المزيد من الناس إلى الاعتقاد أن الأسعار سترتفع مستقبلاً».
تجنُّب الرفع المتقطع لأسعار الفائدة
يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لخفض التضخم، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب إبطاء قطاعات من الاقتصاد عن قصد بجعل الاقتراض من البنوك أكثر تكلفة بالنسبة لها، ولكن يحدث ذلك بشكل متوازن للغاية يستهدف خفض التضخم دون التسبب في ركود.
تأرجحت سياسة الاحتياطي الفيدرالي في السبعينيات وأوائل الثمانينيات بين رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم وخفضها لتحفيز النشاط الاقتصادي، وكان لهذا النهج من السياسة النقدية الذي يطلق عليه الاقتصاديون «المتقطع»، أثر كارثي على الاقتصاد، ولم يستطع الاحتياطي الفيدرالي ترويض التضخم أو تحفيز الاقتصاد.
عكس السلع.. أسعار الخدمات لا تنخفض بسهولة
أحد أسباب جهود الاحتياطي الفيدرالي الحثيثة لخفض التضخم هو أن أسعار الخدمات لا تنخفض كما ينبغي بعد ارتفاع أسعار الفائدة، قفزت أسعار الخدمات وفقاً لمؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 7.1 في المئة على أساس سنوي، وفي الوقت نفسه ارتفعت أسعار السلع بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي.
ترويض أسعار الخدمات أكثر صعوبة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، إذ إنها غالباً ما تكون مرتبطة بالأجور، والتي زادت بنحو 5.1 في المئة عن العام الماضي، وفقاً لمؤشر تكلفة التوظيف.
عدم قلق الاحتياطي الفيدرالي من أزمة مصرفية شاملة
لو اعتبر الاحتياطي الفيدرالي انهيارات البنوك الأخيرة مشكلة شاملة، فمن المرجّح أن يعيد النظر في رفع أسعار الفائدة مرة أُخرى، لكن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لم يظهروا أية مخاوف بهذا الشأن.
قال إرنست لشبكة «CNN» إن «إفلاس أحد البنوك الإقليمية ليس سبباً كي يغيّر الاحتياطي الفيدرالي استراتيجيته».
(إليزابيث بوشوالد – CNN)