بدأت النقابات العمالية في فرنسا إضراباً عاماً اليوم الثلاثاء، للمطالبة بزيادة الرواتب وسط التضخم الأعلى منذ عقود، ليواجه الرئيس إيمانويل ماكرون أحد أصعب التحديات منذ انتخابه لفترة ثانية في مايو أيار.

ويأتي الإضراب، الذي سيشمل في المقام الأول القطاعات العامة مثل المدارس والنقل، امتداداً لإضراب مستمر منذ لأسابيع عطل مصافي التكرير الرئيسية في فرنسا وعرقل الإمدادات لمحطات الوقود.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا إلى اجتماع أزمة مع وزراء كبار يوم الإثنين لمعالجة الإضرابات المعطلة في مصافي الغاز والتي تسببت في نضوب محطات الوقود.

وأعلن ماكرون يوم الإثنين رغبته في إيجاد حل “في أسرع وقت ممكن” للاحتجاجات، ووعد “ببذل قصارى جهده” للعثور على حل.

وأمرت الحكومة المضربين في مستودعين للوقود في فايزين، بالقرب من ليون وهي واحدة من أكثر المدن تضرراً بسبب ازمة الوقود، بالعودة إلى العمل لعدة ساعات يوم الاثنين أو مواجهة تهم جنائية، وفقًا لوزيرة الطاقة الفرنسية، أغنيس بانييه روناتشر.

هذه هي المرة الثانية في الأسابيع الأخيرة التي تتخذ فيها الحكومة الفرنسية خطوة غير عادية في طلب موظفين أساسيين في مواجهة إضرابات استمرت أسابيع في مصافي التكرير المملوكة لشركة إكسون موبيل وتوتال إنرجيز، والتي عطلت الإمداد بآلاف محطات الوقود.وبينما وافق عمال إكسون موبيل على إنهاء حصارهم لمصفاة Fos-sur-Mer ومستودعها في جنوب فرنسا أواخر الأسبوع الماضي بعد مفاوضات الرواتب، استمرت الإضرابات في مصافي توتال إنرجيز.

ورفضت إحدى أكبر النقابات في فرنسا، CGT، قبول شروط صفقة الأجور المتفق عليها بين توتال إنرجيز واثنين من النقابات الأخرى، CFE-CGC وCFDT.

وتتضمن الاتفاقية زيادة في الراتب بنسبة 7% لعام 2023 ومكافأة لجميع الموظفين تعادل أجر شهر واحد، وتطالب الكونفدرالية العامة للشغل بزيادة الأجور بنسبة 10%، مشيرةً إلى التضخم والأرباح الضخمة للشركة.

لكن وزير المالية الفرنسي برونو لومير قال إن الإضرابات “غير مقبولة وغير مشروعة”، لأن اتفاقيات الأجور قد قُبلت بغالبية العمال، وأضاف أن “وقت المفاوضات قد ولى”.

على الطرف الآخر وفي مقابلة مع راديو فرانس إنتر، زَعم ممثل نقابة CGT، فيليب مارتينيز، أن “عدة آلاف” من العمال ما زالوا يضربون، متناقضاً بذلك مع الوزير برونو الذي أشار إلى العمال المضربين على أنهم “حفنة من العمال” و “عدة مئات” في المقابلة.

وصرح وزير النقل كليمان بون لفرانس إنترناشونال أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو إنهاء الإضرابات.

وفي الوقت نفسه، قد يواجه المسافرون أياماً من فوضى السفر إذا تم التخطيط للإضرابات في شبكة النقل العام في باريس وأجزاء من شبكة السكك الحديدية الوطنية.

يأتي الإضراب الصناعي على خلفية ارتفاع تكاليف المعيشة في فرنسا، حيث ترتفع فواتير الكهرباء نتيجة لانقطاع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي الذي أثار أزمة طاقة في أوروبا.

وتظاهر يوم الأحد الآلاف في وسط باريس للاحتجاج على الأزمة وكذلك على التقاعس فيما يخص التغير المناخ.

ويأمل زعماء النقابات العمالية أن يتحرك الموظفون بسبب قرار الحكومة إجبار بعضهم على العودة إلى العمل في مستودعات البنزين لمحاولة إعادة تدفقات الوقود، وهي خطوة يقول البعض إنها تعرض الحق في الإضراب للخطر.

ودعت الكونفدرالية العامة للشغل بشكل خاص إلى إضراب مستمر للأسبوع الرابع في منشآت لشركة توتال إنرجيز، رغم توصل شركة النفط لاتفاق مع نقابات عملية أخرى يوم الجمعة.

وقالت شركة يوروستار إنها ألغت بعض خدمات القطارات بين لندن وباريس بسبب الإضراب.

ومع تصاعد التوتر في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، امتدت الإضرابات بالفعل إلى أجزاء أخرى من قطاع الطاقة، ومنها شركة الطاقة النووية العملاقة “إلكتريستي دو فرانس”، حيث ستتأخر أعمال الصيانة الضرورية لإمدادات الطاقة في أوروبا.

وقالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن يوم الأحد إن الإضرابات تأتي وسط أجواء سياسية متوترة، إذ تستعد الحكومة الفرنسية لإقرار ميزانية 2023 باستخدام صلاحيات دستورية خاصة تمكنها من اجتياز تصويت في البرلمان.

ونزل الآلاف إلى شوارع باريس يوم الأحد للاحتجاج على ارتفاع الأسعار، وسار جان لوك ميلينشون، زعيم حزب “فرنسا الأبية” اليساري المتشدد، إلى جانب الأديبة آني إرنو، الحائزة على جائزة نوبل للآداب هذا العام. ودعا إلى إضراب عام اليوم الثلاثاء.