كشف تقرير خاص لشركة الاستشارات «آرثر دي ليتل» بعنوان «تمكين النمو الشامل» أن الأعمال والأنشطة غير الرسمية في دول الخليج تُقدّر بنسبة 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 28 في المئة.
وفصّل التقرير الجهود الخليجية المساهمة في تقليص حجم اقتصاد الظل، مشيراً إلى أن «الوضع تحت السيطرة وأن نسبة تأثر الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة أقل بنحو عشر نقاط مئوية عن مثيله العالمي».
يعرّف اقتصاد الظل أو «الاقتصاد الموازي» بأنه الأنشطة المنتجة اقتصادياً وقانونياً التي يمارسها الأفراد والشركات شريطة عدم الإفصاح عنها للجهات الحكومية، وليس بالضرورة أن تصنف هذه الأنشطة بأنها غير قانونية.
وقال ستيفان أولكاكار، المدير في «آرثر دي ليتل» الشرق الأوسط «يمكن لدول الخليج تحسين عوامل التمكين الرئيسية مثل القوانين واللوائح المنظمة، والرقابة الضريبية المعززة، والخدمات المالية التي يمكن الوصول إليها بسهولة، إضافة إلى تكافؤ الفرص، وإرساء أسس قوية لدفع عجلة النمو وتطوير اقتصاداتها الرسمية».
وأضاف أولكاكار «هذه الجهود تسهم ليس فقط في تقليل الحوافز التي تدفع الأفراد والشركات للعمل في اقتصاد الظل، بل أيضاً خلق مشهد اقتصادي أكثر شمولاً واستدامة».
الشمول المالي
استعرض التقرير الجهود الخليجية للحد من تفشي اقتصاد الظل والتي تشمل تدابير تحسين إنفاذ الضرائب، ودعم المشاريع الصغيرة، وتسريع وتيرة الرقمنة، وتعزيز معايير الشفافية والشمول المالي من خلال توفير الخدمات المالية وزيادة فرص الحصول على الخدمات الائتمانية.
وأشاد التقرير بالتجربة الناجحة لتطبيق «إس تي سي باي» التي أطلقتها شركة الاتصالات السعودية «إس. تي.سي»، إذ يوفّر منصة شاملة للخدمات المالية من مدفوعات لفواتير المحمول وغيرها، وإجراء التحويلات المالية.
يقلل هذا من استخدام النقد من جهة، ويعزز مفهوم الشمول المالي من جهة أخرى، وتصل قاعدة عملاء هذا التطبيق اليوم في السعودية إلى نحو 8.5 مليون مستخدم.
وقال فادي العوامي، المستشار المالي ومؤسس مركز الاستشارات في السعودية، إن من المستهدفات الأساسية للحكومات العصرية تحقيق الشمول المالي، وتعد التطبيقات الحديثة من المبادرات التي يقوم بها القطاع الخاص أيضاً لتغيير أنماط المدفوعات التقليدية وتسهيل التحويلات.
وأضاف العوامي، «شكّلت التطبيقات الحديثة الرقمية حلاً للمناطق النائية التي لا تتوفر فيها فروع أو مكاتب تمثيلية لإدخال ساكني هذه المناطق في منظومة الدفع الرقمي».
وأفاد بأن الدور الأساسي لشركات التكنولوجيا المالية يكمن في عملية تجاوز الدفع النقدي، لا سيما وأن التعامل بالعملات الورقية قد تراجع الإقبال عليه خلال جائحة كورونا، إذ عملت الحكومات والسلطات المختصة على التسريع في إقرار النُظم والتشريعات الراعية لشركات التكنولوجيا المالية.
دور الشركات الصغيرة والمتوسطة
نوه التقرير بالتقدم الذي أحرزته دول الخليج لجهة توفير البيئة القانونية اللازمة لتطوير الأعمال.
كما كشف عن استمرار دول الخليج في إظهار تقدم ملحوظ في التدابير الاستراتيجية التي تساعد على تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها محركاً حيوياً للنمو الاقتصادي أو للابتكار والمرونة، ما يسهم في ازدهار اقتصادات المنطقة بأكملها على المدى الطويل على حد قول أولكاكار.
وألمح التقرير إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة ينقصها تحديد واضح لحجمها الذي لا يزال غير معلن رسمياً.
وتشجّع دول الخليج مبادرات إنشاء شركات صغيرة ومتوسطة وتعمل على خلق بيئة تحفيزية لتنشيط أعمالها سواء عبر تبسيط وتسريع الإجراءات المتعلقة بتأسيس الشركات أو اتخاذ التدابير الوقائية لتحفيز نمو أعمالها ومقاومتها لمخاطر الأعمال المتوقعة.
وجاء في التقرير أن الشركات المتوسطة والصغيرة في الإمارات تسهم بنحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
ويقول العوامي إن هيئة المنشآت المنضوية تحت وزارة التجارة السعودية بذلت جهداً لتنظيم قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة من خلال مبادرات عديدة كنقلها من مؤسسة إلى شركة وتسهيل حصولها على التمويل اللازم.
وتعمل الهيئة كذلك وفق رؤية المملكة 2030 على دعم وتنشيط هذه الشركات.
وأفاد التقرير بأن السعودية تخطط لزيادة مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 في المئة، بينما تعمل البحرين على رفع هذه المساهمة إلى 50 في المئة بحلول عام 2030.