توقع محللون اقتصاديون أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى تثبيت أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي خلال اجتماعه نهاية الأسبوع المقبل، على الرغم من عودة معدل التضخم للارتفاع مجدداً، لأن عينه ستبقى على أزمة سعر صرف الجنيه.
وفي مايو أيار الماضي، أقدم المركزي المصري على تثبيت أسعار الفائدة مع تباطؤ التضخم خلال أبريل نيسان الماضي، لكن التضخم عاد الشهر الماضي للارتفاع مرة ثانية مع ظهور تأثير ارتفاع أسعار الوقود في مصر.
وسجل التضخم السنوي في مدن مصر في مايو أيار 32.7 في المئة، بينما سجل التضخم الشهري ارتفاعاً إلى 2.7 في المئة، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء المصري.
واستمر معدل التضخم الأساسي في الارتفاع مسجلاً 40.3 في المئة، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.
وتعاني مصر حالياً موجة تضخم عاتية نتيجة تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وارتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج.
سعر الجنيه والفائدة
ويواجه البنك المركزي المصري خيارات صعبة، إذ يتعين عليه النظر في معدلات التضخم المرتفعة التي تلجأ عادة البنوك المركزية إلى رفع الفائدة لمكافحتها، لكنه في الوقت نفسه سينظر إلى جدوى هذا القرار في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر.
«وعلى الرغم من أن التضخم الأساسي عند 40 في المئة، فإننا نتوقع أن يثبت البنك المركزي الفائدة لأنه لا جدوى من رفع الفائدة الآن»، وفقاً لما تقوله ياسمين غزي، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في «إس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس»، لـ«CNN الاقتصادية».
وأضافت: «حتى تنتهي مصر من بيع أصول حكومية وتخفف من أزمة العملات الأجنبية قليلاً، سيمكن للبنك المركزي رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم وقتها».
بينما راهنت منى بدير، كبيرة الاقتصاديين في أحد البنوك المصرية الخاصة، على إمكانية رفع البنك المركزي المصري الفائدة نقطة مئوية في اجتماعه المقبل بتسريع وتيرة بيع الشركات الحكومية، ومن ثم خفض الجنيه بالتزامن مع اجتياز المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي.
لكن هذه الخطوات تبدو بطيئة جداً في الوقت الحالي، لذلك رأت بدير أن هناك مخاطر تحيط بهذا التوقع بما فيها تأخر خفض سعر صرف الجنيه حتى يبني البنك المركزي مخزونات كافية من العملات الأجنبية لتخفيف حدة التقلبات في سعر الصرف وتأخر مراجعة الصندوق للربع الثالث من العام الجاري.
وأضافت: «نعتقد أن البنك المركزي سينتظر معالجة أزمة سعر صرف الجنيه الحالية قبل إجراء أي تغييرات على أسعار الفائدة».
رفع تكلفة الاقتراض
كما رأت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق، أن رفع الفائدة في الوقت الحالي ليس إيجابياً، إذ إنه يرفع تكلفة الاقتراض بالنسبة للحكومة والأفراد.
ورفع المركزي المصري سعر الفائدة في مارس آذار الماضي نقطتين مئويتين، لتضاف إلى ثماني نقاط مئوية رفعها على مدار عام 2022، في مسعى لاحتواء التضخم.
لكن هذا الرفع كان له تأثير سلبي على تكلفة الاقتراض الحكومي من البنوك المصرية، إذ بلغ العائد الذي تمنحه الحكومة مقابل بيع أدوات الدين لمستويات مرتفعة متخطياً المستهدفات التي كانت تتوقعها في موازنة العام المالي الجاري.
بينما رأى هاني جنينة، المحاضر في الاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن البيانات التي خرجت من المركزي المصري قد تشجّعه على تثبيت الفائدة.
وأضاف لـ«CNN الاقتصادية» أن «معدل السيولة المقومة بالجنيه المصري تسجل تراجعاً نتيجة تأثير ارتفاع الفائدة المتتالي، ما دفع المستهلكين للتباطؤ في حركة الاقتراض».
وتسهم زيادة السيولة في ارتفاع التضخم، إذ يعني أن المستهلكين لديهم الأموال التي تسمح لهم بشراء سلع وبضائع ومن ثم ارتفاع التضخم، لذا تلجأ البنوك المركزية لرفع الفائدة لتقليل السيولة وكبح التضخم.
وفي حال قرر المركزي المصري تثبيت الفائدة في اجتماعه الأسبوع المقبل، سيكون أمامه أكثر من شهر ليعود للاجتماع مرة ثانية في أغسطس آب المقبل لتحديد أسعار الفائدة من جديد.