يسدل الستار يوم الأحد على فعاليات النسخة التاسعة من بطولة كأس العالم 2023 لكرة القدم للسيدات المقامة في أستراليا ونيوزيلندا، ولا تتمتع رياضة كرة القدم بشعبية كبيرة في كلا البلدين، ولكن أولئك الذين زاروا الدولتين خلال البطولة لم يتمكنوا من معرفة ذلك؛ إذ ارتقى المضيفون المشاركون في البطولة إلى مستوى الحدث، واتخذوا الإجراءات اللازمة تحسباً لتدفق جماهير كرة القدم.
وتُظهر اللافتات ذات الألوان الزاهية المُزينة بشعار البطولة وسط رياح الشتاء الباردة -يبدأ الشتاء في أستراليا في الأول من يونيو تموز- في المدن الكبرى واللافتات الملصقة عبر المطارات في هاتين الدولتين مدى دعمهما للفرق المحلية.
كان الهدف من استضافة البطولة هو محاولة زيادة شعبية كرة القدم بين السيدات، لكن المضيفين يأملون أيضاً أن يدعم كأس العالم للسيدات إعادة تنشيط صناعة السياحة بعد سنوات من قيود جائحة كورونا، عندما أغلق كلا البلدين حدودهما بشكل أساسي.
كأس العالم للسيدات
قال الرئيس التنفيذي للاتحاد الأسترالي لكرة القدم جيمس جونسون إن استضافة بطولة كأس العالم للسيدات «كان يُنظر إليها حقاً على أنها وسيلة للترحيب بالعالم مرة أخرى في أستراليا ونيوزيلندا».
وأضاف جونسون في تصريحات صحفية في وقت سابق من هذا الشهر «أردنا أن نُظهر للعالم من خلال البطولة أنه على الرغم من إغلاق أستراليا لنحو عامين، فإنّها مستعدة ومتاحة» لاستقبال الفعاليات.
وقّدر الاتحاد الأسترالي لكرة القدم أن البطولة وحدها ستسهم بنحو 329 مليون دولار في اقتصاد البلاد، ومن المتوقع أن يأتي 174 مليون دولار منها على الأقل من السائحين.
ورجحت وزارة الأعمال والابتكار والتوظيف النيوزيلندية أن ما بين 20.500 و25.500 زائر دولي سيأتون إلى البلاد لحضور البطولة.
كان يُنظر إلى كلا البلدين على أنهما مثالان جيدان على كيفية نجاح الدول في مجابهة فيروس كورونا عندما ضرب البلاد لأول مرة في عام 2020، إذ أمرتا بإغلاق مبكر وإجراءات حدودية صارمة، مع ارتفاع أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات على مستوى العالم، حافظت أستراليا ونيوزيلندا في الغالب على خلوهما من الوباء.
لكن نجاحهما كان له ثمن، فقد عُزلت الدولتان عن العالم وأصبحت القيود لا تحظى بشعبية على نحو متزايد مع استمرارها، ما أثر على الاقتصاد.
ألغت نيوزيلندا آخر إجراءاتها بشأن جائحة كورونا قبل أيام قليلة فقط.
السياحة الأسترالية
وفقاً لهيئة السياحة الأسترالية، استقبلت البلاد نحو 9.5 مليون سائح دولي في عام 2019، وهو رقم قياسي؛ بحلول العام التالي، خلال ذروة جائحة كورونا انخفضت السياحة بأكثر من 80 في المئة واستمرت في الانخفاض.
في عام 2021، زار البلاد 246 ألفاً و400 شخص فقط، ورفعت معظم قيود الصحة العامة في نهاية ذلك العام.
في وقت لاحق ارتفع عدد الزائرين الوافدين إلى أستراليا، إذ زار نحو 3.7 مليون شخص البلاد في عام 2022، لكن صناعة السياحة لم تتعافَ بشكل كامل بعد.
يتطابق الأمر مع نيوزيلندا التي استقبلت قرابة أربعة ملايين زائر دولي في عام 2019، بحسب البيانات الرسمية.
بعد أن فرضت البلاد قيوداً على السفر في مارس آذار 2020، تراجعت السياحة بشكل كبير عن المستويات السابقة، مع وصول نحو 200 ألف زائر دولي فقط للبلاد.
في عام 2022، كان هناك نحو 1.4 مليون زائر فقط، وفقاً للبيانات التي قدمتها الحكومة، وهو معدل أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، لذلك علق البلدان آمالاً عريضة على كأس العالم للسيدات.
مواصلات مجانية
وفرت مدن في نيوزيلندا مثل العاصمة «ويلينغتون» ومدينة «أوكلاند» وسائل النقل العام مجاناً للسائحين في أيام المباريات لأي شخص لديه تذاكر المباريات؛ يجعل الوصول المجاني من السهل على الزائرين استكشاف المدن المختلف، بخلاف مجرد حضور الألعاب.
لتلبية الطلب المتزايد، قال المدير العام لشركة «آير نيوزيلندا»، إن شركة الطيران أضافت أكثر من 6 آلاف مقعد إضافي، مع التركيز بشكل خاص على المدن التي تقام فيها الألعاب، وهي «دنيدن» و«هاملتون» و«ويلينغتون» و«أوكلاند».
تسيطر روح مباريات كأس العالم للسيدات أيضاً على المطاعم والحانات في المدن التي تحظى فيها لعبة «الرجبي» و«الكريكت» بشعبية أكبر بكثير من كرة القدم.
لم يمر الجهد الإضافي دون أن يلاحظه أحد من قبل السياح، وخاصة أولئك الذين سافروا إلى أحداث كأس العالم الأخرى.
مقارنة بكأس العالم للسيدات الأخيرة في فرنسا، يبدو أن المزيد من الشركات متحمسة للترحيب بالسياح، كما قالت المشجعة الأميركية كارلي أندلر.
وأضافت أندلر، التي حضرت المباريات في كل من ويلينجتون وأوكلاند: «في كل مكان ذهبنا إليه، نشعر بالطاقة الاحتفالية».