مع استمرار الجدل حول الإنفاق الاتحادي داخل أروقة البيت الأبيض والكونغرس، تتزايد احتمالات الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة بنهاية سبتمبر أيلول الجاري.

وعلى الرغم من محدودية تأثير الإغلاق المحتملة على الاقتصاد الأميركي، فقد يتسبب في تكرار المأزق الذي وقعت فيه إدارة الرئيس جو بايدن قبل أربعة أشهر عندما اشتعل الخلاف بين البيت الأبيض والكونغرس حول سقف الدين، وفقاً لتقرير أصدره بنك « غولدمان ساكس» يوم الجمعة.

قال كبير الاقتصاديين السياسيين لدى بنك «غولدمان ساكس» أليك فيليبس، إنه على عكس سقف الدين، ستكون السيطرة على الإغلاق أكثر سهولة من منظور الاقتصاد الكلي.

غير أن التأثير الاقتصادي الأقل حدة للإغلاق قد يزيد من احتمال فشل الكونغرس في التصرف في الوقت المناسب على حد قول فيليبس.

وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد أقرَّ في بداية يونيو حزيران الماضي تشريعاً لرفع سقف ديون الحكومة البالغ 31.4 تريليون دولار، جاء الاتفاق في اللحظات الأخيرة ليجنب البلاد أول تخلُّف عن السداد على الإطلاق.

لكن المأزق قد يتكرر، إذ دعا البيت الأبيض الكونغرس، يوم الخميس، إلى تبني إجراء قصير الأجل لتمويل الحكومة الفيدرالية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة « واشنطن بوست»، ووفقاً للتقرير، ربطت إدارة بايدن دعوتها لتمويل عدد من البرامج الحكومية التي تحتاج إلى الأموال مثل مخصصات قيمتها 1.4 مليار دولار إضافية لمنع انقطاع المساعدات الغذائية للأسر ذات الدخل المنخفض.

وتهدف الخطوة إلى منح المشرعين مزيداً من الوقت لصياغة اتفاق أوسع حول الإنفاق الاتحادي، وتجنُّب الإغلاق في نهاية سبتمبر أيلول الجاري، وما لم يتحرك الكونغرس، ستجد الولايات المتحدة نفسها للمرة الثانية هذا العام في مأزق الدين، إذ ستنفد أموال الحكومة في 30 سبتمبر أيلول، ما سيتسبب في إغلاق يعرّض عدداً لا يُحصى من البرامج الفيدرالية التي يعتمد عليها ملايين الأميركيين للخطر.

ما هو الإغلاق؟

يحدث الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة عندما تتوقف الوكالات الفيدرالية عن القيام بأعمالها غير الأساسية حتى يُقرّ الكونغرس تشريع تمويل جديد وتوقيعه من الرئيس ليصبح قانوناً، وتستمر الخدمات الأساسية في العمل، وكذلك برامج الإنفاق الإلزامية، وتبدأ السنة المالية للحكومة الأميركية في الأول من أكتوبر تشرين الأول من كل عام وتنتهي في الثلاثين من سبتمبر أيلول.

ومنذ أن أدخل الكونجرس الموازنة الحديثة في عام 1976، تعرّضت الحكومة الأميركية لعشرين فجوة تمويلية، وخلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب حدث أطول إغلاق حكومي شهدته الولايات المتحدة لمدة 35 يوماً بين 22 ديسمبر كانون الأول عام 2018 و25 يناير كانون الثاني من عام 2019.

تأثير الإغلاق

من شأن الإغلاق الحكومي أن يقلل النمو الاقتصادي بنحو 0.15 نقطة مئوية لكل أسبوع حال استمراره، أو نحو 0.2 نقطة مئوية أسبوعياً إذا ما أُخذت تبعات الإغلاق على القطاع الخاص، وفقاً لتقديرات بنك «غولدمان ساكس».

وأشار كبير الاقتصاديين السياسيين للبنك، أليك فيليبس، إلى أن الإنفاق الحكومي يعادل ما يقرب من ربع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، لكن تأثير الإغلاق سيكون أقل لأربعة أسباب، أولاً: لن يتأثر سوى الإنفاق التقديري للحكومة، أي نحو ربع النفقات الفيدرالية، لأن الإنفاق الإلزامي -مثل برامج الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي- يخضع تلقائياً للوائح الكونغرس.

ووفقاً لتقرير البنك، فإن الإغلاق يؤثر بشكل رئيسي على عمل الموظفين الفيدراليين، والذين تشكّل أجورهم نحو اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مع تأثير ضئيل على الاستثمار وشراء السلع والخدمات.

ويتوقع التقرير أن يستمر نحو 65 في المئة من الموظفين الفيدراليين في أداء أعمالهم أثناء الإغلاق، كما أن عمليات الإغلاق المطولة عادةً ما تستثني مصالح وهيئات مثل وزارة الدفاع.

تفاعل أقل للأسواق

تاريخياً لم تتفاعل الأسواق بقوة مع عمليات الإغلاق السابقة في الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير «غولدمان ساكس»، أشار التقرير إلى أن أسواق الأسهم كانت مستقرة أو حتى ارتفعت مع نهاية فترات الإغلاق الثلاث الطويلة منذ أوائل التسعينيات.

انخفض الدولار قليلاً بعد بدء عمليات الإغلاق السابقة، وانخفض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بشكل عام، لكن المخاوف بشأن سقف الديون دفعت العائدات إلى الارتفاع عبر منحنى العائدات خلال إغلاق عام 2013، الذي استمر 16 يوماً، في فترة ولاية باراك أوباما الثانية.

ولهذا السبب قال فيليبس إنه من الصعب «استخلاص استنتاجات قاطعة».