تباينت توقعات المحللين الاقتصاديين بشأن قرار البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة في مصر عند اجتماعه نهاية الأسبوع المقبل.
ويرى بعض المحللين الذين تحدثوا لـ«CNN الاقتصادية» أن المركزي قد يلجأ إلى رفع أسعار الفائدة في مصر بواقع نقطة مئوية خلال اجتماعه في 21 سبتمبر أيلول الجاري في إطار جهوده لاحتواء معدل التضخم المتسارع في مصر.
بينما توقع آخرون أن يؤجل المركزي قرار رفع الفائدة حتى الربع الأخير من العام الجاري، إذ ستكون أكثر فاعلية في حال قرر خفضاً جديداً في سعر الجنيه.
وواصل معدل التضخم في مصر ارتفاعه لمستويات قياسية جديدة مسجلاً 37.4 في المئة في أغسطس آب، مدفوعاً بالزيادات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية.
وانخفض معدل التضخم الأساسي إلى 40.3 في المئة في شهر أغسطس آب على أساس سنوي من 40.7 في المئة في يوليو تموز.
لماذا يرتفع التضخم في مصر؟
تشير مذكرة بحثية لبنك الكويت الوطني إلى أن تعقد الوضع الاقتصادي في مصر و انخفاض سعر الجنيه واستمرار السوق الموازية، بجانب النقص الحاد في السلع الرئيسية والارتفاع القوى في أسعار الفائدة، تسبب في أطول تأثير على معدل التضخم.
رغم ذلك، يتوقع البنك أن يتجه التضخم للانخفاض لينهي العام عند نحو 31 في المئة، مع عدم وجود رؤية واضحة حول تحركات السياسة المستقبلية.
وتشير توقعات البنك إلى أن متوسط معدل التضخم سيبلغ نحو 33 في المئة في 2023 على أن يتراجع خلال العام المقبل إلى 20 في المئة.
وفي محاولة للسيطرة على معدل التضخم، أقر البنك المركزي المصري رفعاً للفائدة بـواقع 11 نقطة مئوية منذ مارس 2022، كان آخرها في أغسطس آب الماضي.
وارتفعت أسعار الفائدة في مصر إلى 19.25 في المئة للإيداع و20.25 في المئة للإقراض بعد القرار الأخير.
هل تواصل أسعار الفائدة في مصر الارتفاع؟
تتوقع ياسمين غزي، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في «إس آند بي غلوبال ماركت إنتليغنس»، أن يرفع المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية خلال اجتماع الشهر الجاري واجتماع شهر نوفمبر تشرين الثاني المقبل على التوالي.
وأضافت «السيناريو الأساسي لدينا يشير إلى أن هناك مبرراً لمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة إذا أرادت مصر التقدم نحو إطار السياسة النقدية الذي يركز على خفض التضخم تدريجياً والانتقال لنظام سعر صرف مرن».
ويهدف المركزي المصري إلى الوصول بمعدلات التضخم إلى 7 في المئة -بزائد أو ناقص نقطتين مئويتين في المتوسط- خلال الربع الأخير من عام 2024، ومتوسط 5 في المئة -بزائد أو ناقص نقطتين مئويتين- خلال الربع الرابع من عام 2026.
وتتسق هذه التوقعات مع المذكرة البحثية لبنك الكويت الوطني التي ترى فرصة كبيرة لرفع أسعار الفائدة في مصر بواقع نقطة مئوية هذا الشهر من أجل مواصلة احتواء التضخم.
على الجانب الآخر، يرى هاني جنينة، كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات الاستثمار في كايرو فاينانشال القابضة، أن هناك احتمالية أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى تثبيت أسعار الفائدة رغم تسارع معدلات التضخم.
وهو أمر لا تستبعده ياسمين غزي التي تقول «مع تسارع التضخم الرئيسي السنوي في الشهرين الماضيين واتجاهات التضخم الشهري التي تشير لتباطؤ الضغوط التضخمية، يمكن للبنك المركزي أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير».
لكن رفع أسعار الفائدة سيكون قادماً لا محالة، إذ يتوقع هاني جنينة أن يلجأ البنك لرفع الفائدة بقوة قد تصل إلى ثلاث نقاط مئوية خلال اجتماعاته في الربع الأخير من العام الجاري.
وقال «الإجراءات التي تؤجلها مصر منذ بداية العام قد تتم خلال الربع الأول من 2024 عقب انتخابات الرئاسة المصرية»، في إشارة إلى الالتزامات المطلوبة من مصر لإجراء المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج صندوق النقد الدولي، وأشار جنينة إلى أن ذلك سيتطلب اتخاذ إجراءات استباقية مثل رفع الفائدة.
وتعاني مصر من نقص حاد في الدولار، ما اضطرها لإبرام اتفاق على قرض جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لكنها لم تحصل سوى على شريحة واحدة من القرض في نهاية العام الماضي، بسبب تأخرها في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.
وكان من المقرر أن تجري مصر المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي في مارس آذار الماضي، إلا أن تأخير مصر في مرونة سعر الصرف وبيع أصول حكومية تسبب في عدم إتمام المراجعة حتى الآن.