فاجأ البنك المركزي المصري الجميع برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه نهاية الأسبوع يوم الخميس بواقع نقطة مئوية، في مسعى لكبح التضخم.

قد يبدو القرار مفاجئاً للتوقعات التي كانت تميل إلى تثبيت أسعار الفائدة في مصر عند مستوياتها، لكنه قد يكون تمهيداً لقرارات أخرى تتعلق بخفض سعر صرف الجنيه مجدداً والاستمرار في رفع الفائدة، حسبما يقول محللون لـ«CNN الاقتصادية».

وارتفعت أسعار الفائدة في مصر إلى 19.25 في المئة للإيداع و20.25 في المئة للإقراض بعد القرار الأخير، وهي أعلى مستوياتها على الإطلاق.

ويعد هذا الرفع الثاني خلال العام الجاري، إذ قرر البنك المركزي المصري زيادة الفائدة في مارس آذار الماضي بمقدار نقطتين مئويتين، ثم ثبت الأسعار لمرتين متتاليتين في يونيو حزيران ومايو آيار الماضيين.

وشهد العام الماضي رفع أسعار الفائدة ثماني نقاط مئوية، في إطار جهود المركزي لاحتواء التضخم.

لماذا رفع المركزي المصري أسعار الفائدة؟

يبرر المركزي المصري رفعه أسعار الفائدة بأنه وضع في اعتباره المخاطر المحيطة بالتضخم في مصر.

وقفز معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 35.7 في المئة في يونيو حزيران، في أعلى مستوى له على الإطلاق، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء المصري.

واستمر معدل التضخم الأساسي في الارتفاع مسجّلاً 41 في المئة، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.

وبحسب هاني جنينة، المحاضر في الاقتصاد بالجامعة الأميركية، فإن كل البيانات الاقتصادية في مصر كانت تستدعي رفعاً للفائدة، إذ قفز التضخم لأعلى مستوياته وارتفعت أسعار البترول والقمح العالمية وهي كلها أمور تضغط على المركزي المصري.

بينما تشير منى بدير، كبير الاقتصاديين في أحد البنوك الخاصة في مصر، إلى أن «قرار رفع الفائدة لم يكن مستبعداً في حال أقر المركزي إجراءات تتعلق بالضبط المالي وكذلك تحركات لمعالجة فجوة النقد الأجنبي وشح السيولة الأجنبية في مصر».

وتضيف «القرار قد يكون مؤشراً على أن المركزي سيتحرك في اتجاه خفض جديد في سعر الجنيه أو التوصل لموعد المراجعة الأولى مع صندوق النقد الدولي».

وتعاني مصر شحاً كبيراً في العملة الصعبة، ما اضطرها لإبرام اتفاق على قرض جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لكنها لم تحصل سوى على شريحة واحدة من القرض في نهاية العام الماضي، بسبب تأخرها في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق، وهي مرونة سعر الصرف و بيع شركات حكومية مصرية.

وتقول بدير «تعتمد منهجية البنك المركزي الحالية على أنه يسبق قرارات خفض الجنيه بقرار رفع الفائدة، مثلما حدث في يناير كانون الثاني الماضي».

وفي نهاية ديسمبر كانون الأول الماضي فاجأ المركزي الأسواق برفع أسعار الفائدة ثلاث نقاط مئوية، وبعدها بأيام انخفض سعر صرف الجنيه بشدة مقابل الدولار.

ويتداول سعر صرف الدولار حالياً في البنوك المصرية قرب 31 جنيهاً، بينما يبلغ السعر في السوق الموازية ما بين 35 إلى 37 جنيهاً.

المفاجأة لم تأت بعد

تشير بيئة التضخم الحالية في مصر إلى أنها لم تصل للذروة بعد، إذ يتوقع المركزي أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها خلال النصف الحالي من العام الجاري.

وتتوقع بدير أن يصل التضخم إلى ذروته في أكتوبر تشرين الأول المقبل، مع الأخذ في الاعتبار الخفض المرتقب لسعر صرف الجنيه.

«وفي حال لم يتبع قرار رفع الفائدة في مصر قرارات أخرى مثل خفض سعر صرف الجنيه والتوصل لاتفاق بشأن المراجعة الأولى لبرنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، فسيكون هذا الأمر هو المفاجأة»، حسبما تقول بدير.

وتضيف «إذا لم يحدث أي شيء في هذا الأمر، وفي ظل أزمة شح السيولة الدولارية، فسنشهد بيئة تضخمية في مصر غير مستقرة، وقد لا يستطع المركزي الوصول لمستهدفاته بشأن التضخم».

ويهدف المركزي إلى الوصول بمعدلات التضخم إلى سبعة في المئة بزائد أو ناقص اثنين في المئة في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.

ويتوقع جنينة أن يرفع المركزي المصري أسعار الفائدة مرة أخرى خلال العام الجاري بواقع نقطة أو نقطتين مئويتين قبل أن يثبتها في بقية نهاية العام في سبيل السيطرة على التضخم والوصول لهدفه.

ويضيف «من المهم في هذه المرحلة أن يعرف المستهلك والمستثمر في مصر أن التضخم تحت السيطرة، لأن انفلات التضخم مدمر لاقتصاد أي دولة».