قال صندوق النقد الدولي، يوم الأربعاء، إن معدل الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي هبط بشكل كبير في عام 2022 للعام الثاني على التوالي، لكن هذا الانخفاض قد ينتهي مع تلاشي طفرة النمو في مرحلة ما بعد كوفيد.
وأضاف الصندوق، أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم انخفضت العام الماضي إلى 238 في المئة من 248 في المئة في 2021 و258 في المئة في 2020.
لكن الانخفاض على مدى العامين الماضيين، والذي كان مدفوعاً بانتعاش النمو الاقتصادي والتضخم الأقوى من المتوقع، لم يعوّض سوى نحو نصف الارتفاع الناجم عن فيروس كورونا في الديون العالمية.
ولا تزال النسبة أعلى بكثير من مستوى 2019، إذ أبقى العجز المالي مستويات الدين العام مرتفعة، وأنفقت العديد من الحكومات المزيد لتعزيز النمو والاستجابة لارتفاع أسعار الغذاء والطاقة حتى مع إنهاء الدعم المالي المرتبط بالجائحة.
وانخفضت الديون الخاصة التي تشمل ديون الأسر والشركات غير المالية بوتيرة أسرع، حيث انخفضت بنسبة 12 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وحتى في ذلك الوقت، لم يكن الانخفاض كافياً لمحو موجة الوباء.
الدين العالمي
قبل الجائحة، كانت نسب الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع لعقود من الزمن، وتضاعف الدين العام العالمي ثلاث مرات منذ منتصف السبعينيات ليصل إلى 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أو ما يزيد قليلاً على 91 تريليون دولار) بحلول نهاية عام 2022، كما تضاعف الدين الخاص ثلاث مرات ليصل إلى 146 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أو ما يقرب من 144 تريليون دولار)، ولكن على مدى فترة زمنية أطول بين عامَي 1960 و2022.
ولعبت الصين دوراً مركزياً في زيادة الدين العالمي في العقود الأخيرة؛ حيث تجاوز الاقتراض النمو الاقتصادي، وتحدى عبء ديونها الاتجاه المعتدل، إذ ارتفع إلى 272 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 من 265 في المئة في عام 2021.
وتتشابه هذه المستويات مع الولايات المتحدة التي شهدت انخفاض إجمالي نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 274 في المئة في عام 2022 من 284 في المئة في عام 2021، وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي.
ولا يزال إجمالي ديون الصين (47.5 تريليون دولار) أقل بشكل ملحوظ من نظيره في الولايات المتحدة (ما يقرب من 70 تريليون دولار)، أما بالنسبة لديون الشركات غير المالية، فإن حصة الصين البالغة 28 في المئة هي الأكبر على مستوى العالم.
ديون الدول النامية
كما ارتفعت الديون في البلدان النامية منخفضة الدخل بشكل كبير في العقدين الماضيين، وحتى مع أن مستويات ديونها، خاصة ديون القطاع الخاص، لا تزال منخفضة نسبياً في المتوسط مقارنة بالاقتصادات المتقدمة والناشئة، فإن وتيرة زياداتها منذ الأزمة المالية العالمية خلقت تحديات ونقاط ضعف عديدة لاقتصادات هذه الدول.
ويعاني أكثر من نصف البلدان النامية منخفضة الدخل من ضائقة الديون، كما أن نحو خُمس الأسواق الناشئة لديها سندات سيادية يُجرى تداولها عند مستويات متعثرة.
تقلبات الديون
لقد ظل العالم في حالة من «تقلبات» الديون لمدة ثلاث سنوات، لكن من المرجح أن ترتفع الديون مرة أخرى على المدى المتوسط، وحث صندوق النقد الدولي الحكومات على اعتماد استراتيجيات للمساعدة في الحد من نقاط الضعف المتعلقة بالديون، سواء في الدين العام أو ديون الأسر أو ديون الشركات غير المالية.
وبحسب الصندوق، يمكن أن تشمل تلك السياسات مراقبة يقظة لأعباء ديون الأسر والشركات غير المالية وما يتصل بها من مخاطر على الاستقرار المالي.
وفيما يتعلق بمواطن الضعف في الدين العام، فإن بناء إطار مالي ذي مصداقية يمكن أن يوجه عملية تحقيق التوازن بين احتياجات الإنفاق والقدرة على تحمل الديون.
وقال صندوق النقد الدولي «إن انتعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يتلاشى، ومن المتوقع أن يستقر التضخم عند مستوى منخفض على المدى المتوسط».
وأضاف «إذا استأنف الدين العالمي اتجاهه الصاعد في المستقبل، فإن تقلبات الديون منذ الجائحة لن تبدو أكثر من مجرد انحراف مؤقت حول اتجاهه الصعودي على المدى الطويل».
وبالنسبة للبلدان النامية منخفضة الدخل، يعد تحسين القدرة على تحصيل إيرادات ضريبية إضافية أمراً أساسياً، هناك حاجة أيضاً إلى نهج متكامل يشمل الانضباط المالي بالإضافة إلى إعادة هيكلة الديون.
وأكد صندوق النقد الدولي أن خفض أعباء الديون سيخلق حيزاً مالياً، ويسمح باستثمارات جديدة، ما يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي في السنوات المقبلة.
ومن شأن إصلاحات أسواق العمل والمنتجات التي تعزز الناتج المحتمل على المستوى الوطني أن تدعم هذا الهدف، ومن الممكن أن يؤدي التعاون الدولي في مجال الضرائب، بما في ذلك الضرائب على الكربون، إلى زيادة تخفيف الضغوط على التمويل العام.