تزخر سوق التوظيف في العالم العربي بالكثير من الفرص والتحديات، إذ لم يَعُد استقطاب المواهب بالتحدي الصعب مقارنة بكيفية المحافظة عليها والاستثمار بها لتحقيق التوازن بين الإنتاجية وسعادة العيش.

وأوصى استبيان زيورخ العالمية للحياة في الشرق الأوسط الذي شمل نحو 2507 مشاركين من الإمارات والسعودية من الموظفين وأصحاب العمل، بضرورة الحفاظ على المواهب من أجل زيادة الإنتاجية.

وزيورخ العالمية للحياة في الشرق الأوسط هي جزء من مجموعة زيورخ للتأمين التي تدير برنامج مركز دبي المالي العالمي للادخار في مكان العمل للموظفين (DEWS).

بيئة عمل حاضنة

وقالت سوارناليكا شيتي فياس، رئيسة المبيعات والتوزيع في زيورخ العالمية للحياة في الشرق الأوسط، لـ«CNN الاقتصادية» إنها لا تعتقد أن التحدي يكمن في جذب مواهب جديدة «بقدر ما هو الاحتفاظ بالموظفين».

وأضافت أن هذا الموضوع يثير قلق جميع أصحاب الشركات «لأنه يؤثر في أرباح مشاريعهم وفي مسار العمليات».

وقالت إن 84 في المئة من الموظفين أشاروا في الاستبيان إلى أنهم مستعدون للانتقال لوظيفة جديدة بالراتب نفسه، لكن مع باقة مزايا أفضل، بينما أكد واحد من بين اثنين من أصحاب الشركات أن الاحتفاظ بالمواهب هو العامل الرئيسي الذي يدفعهم إلى تقديم مزايا أفضل للموظفين.

وأوضحت فياس أن الشركة «قد تستبدل موظفاً أمضى من 10 إلى 15 عاماً لديها، لكن ليس من السهل العثور على شخص مثالي للحلول مكان الموظف السابق والقيام بكل الأدوار التي كان يؤديها، لذلك قد يضطر صاحب الشركة لتوظيف شخصين أو ثلاثة أشخاص في هذا المنصب، ما يتسبب في زيادة التكاليف على الشركة».

أما التحدي الثاني الذي يعوق الاحتفاظ بالموظفين فهو الوقت الذي يوظف في تطوير المواهب الجديدة لبناء المصداقية والخبرة التي كان يتمتع بها أسلافهم، ما قد يؤثر في أرباح الشركة وفي سير عملياتها، على حد قولها.

تغير أولويات الموظفين في السعودية والإمارات

أظهر الاستبيان أن 25 في المئة من الموظفين في السعودية والإمارات قد غيّروا وظيفتهم العام الماضي؛ بحثاً عن شروط أفضل للأجر والمزايا والتطور المهني.

وفي هذا السياق أشارت فياس إلى أنه يتطلب التغيير المستمر في سوق العمل التركيز على جوانب أخرى بخلاف الأجر المادي، ومن بينها تطبيق القيم المهمة للموظفين وتوفير ثقافة عمل مغرية تولي أهمية لراحة الموظف ورفاهيته وتنفيذ خطط الحوافز طويلة الأمد.

وبحسب التقرير، فإن غالبية الموظفين لا يكترثون بالأجر بقدر اهتمامهم بإيجاد بيئة عمل حاضنة لمواهبهم وكفاءاتهم، فرفاهية الموظفين المالية والثقة بين الموظفين، والحاجة إلى بذل جهود مشتركة هي المعايير التي ترسم ملامح واعدة لمستقبل بيئة العمل.

وتتكيف الشركات مع هذه التحديات ببرامج التوفير والتأمين على الحياة، وتغطية الأمراض الخطيرة، وبدل تعليم الأطفال، وتثقيف الموظفين حول الرفاهية المالية حسب ما جاء في التقرير.

ولفتت فياس إلى وجود فجوة كبيرة فيما يتعلق بخطط الادّخار بين ما يقدمه أصحاب الشركات حالياً وما يبحث عنه الموظفون، منوهة إلى برنامج مركز دبي المالي العالمي لادّخار الموظفين الذي أطلقه عام 2020 ويشمل الحكومة في دبي والجهات ذات الصلة بها والمناطق الحرة.

وكشفت فياس أن هذا البرنامج سيصبح متوفراً قريباً وبشكل طوعي للقطاع الخاص وفق مرسوم صدر حديثاً.

ونصحت فياس الشركات بعدم انتظار إلزامية تطبيق هذا البرنامج، بل الإسراع إلى اتخاذ خطوات مبكرة لصالح الموظفين بمجرد السماح بتطبيق البرنامج للقطاع الخاص بهدف منحهم الشعور بالأمان وضمان حصولهم على تعويض نهاية الخدمة مهما كانت الظروف.

كما أشار الاستبيان إلى وجود نقص في المواهب والقدرات البشرية بنسبة 24 في المئة في الإمارات و30 في المئة في السعودية، لا سيما في قطاعي العمليات التشغيلية والخدمات اللوجستية في البلدين.

وأشار التقرير إلى أن قوانين التوطين الجديدة في القطاع الخاص ستزيد من تعقيد عملية اكتساب المواهب، ما يؤثر في قدرة أصحاب العمل على العثور على المواهب والتسبب في ندرتها.