بدأ عدد من العلامات التجارية الغربية -في مقدمتها ستاربكس وماكدونالدز– تشعر بوطأة حملات المقاطعة الواسعة التي أطلقها العديد من الشعوب العربية رداً على التصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة، والذي بدأ في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وفقاً لتقرير أوردته وكالة رويترز.
فأثناء تجولها في شوارع القاهرة، رصدت الوكالة العديد من فروع سلاسل الوجبات السريعة وهي خالية تماماً من الرواد، مشيرة إلى أن التأثير الأكبر لحملات المقاطعة الشعبية ظهر في مصر والأردن، وهناك دلائل على انتشار الحملة في بعض الدول العربية الأخرى مثل الكويت والمغرب.
فالمقاطعون في هذه الدول اعتبروا المقاطعة الطريقة الوحيدة التي يمكنهم بها توصيل أصواتهم المعارضة للحرب الإسرائيلية ضد غزة.
ويُنظر إلى بعض الشركات التي تستهدفها الحملة على أنها اتخذت مواقف مؤيدة لإسرائيل، ويزعم أن بعضها مرتبط بعلاقات مالية معها أو لها استثمارات هناك.
ومع بدء انتشار الحملة، اتسع نطاق دعوات المقاطعة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشمل عشرات الشركات والمنتجات، ما دفع المتسوقين إلى التحول إلى البدائل المحلية.
ماكدونالدز ومطاعم الوجبات السريعة
قالت ريهام حامد -31 عاماً- المقيمة في القاهرة والتي تقاطع سلاسل مطاعم الوجبات السريعة وبعض المنظفات الأميركية «حتى لو أعلم أن المقاطعة لن يكون لها تأثير قوي على الحرب، فذلك أقل شيء يمكن أن نقدمه كشعوب حتى لا نشعر أن أيدينا ملوثة بالدماء».
وفي الأردن، يدخل السكان المؤيدون للمقاطعة أحياناً إلى فروع ماكدونالدز وستاربكس لتشجيع العملاء القلائل على ارتياد أماكن أخرى.
وانتشرت مقاطع مصورة لما يبدو أنهم جنود إسرائيليون يغسلون ملابسهم بمنظفات لعلامات تجارية معروفة، لحث المشاهدين على مقاطعتها، ما أثر على نسبة الإقبال على هذه المنتجات، وهو ما أكده أحمد الزرو، موظف حسابات بقسم المشتريات بإحدى السلاسل التجارية الكبرى بالعاصمة عمان، حيث قال «لا أحد يشتري هذه المنتجات»، مشيراً إلى تعمد العملاء اختيار البدائل المحلية.
وفي مدينة الكويت، رصدت الجولة العديد من فروع ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي الخالية تقريباً من الزبائن.
وفي العاصمة المغربية الرباط، قال عامل في أحد فروع ستاربكس إن عدد العملاء انخفض بشكل ملحوظ، ولم يقدم العامل ولا الشركة أي أرقام.
وفي مصر، قالت شركة ماكدونالدز في بيان الشهر الماضي إنها تشعر بـ(الفزع) بسبب المعلومات المضللة بشأن موقفها من الصراع، مؤكدة أن أبوابها مفتوحة للجميع، وأكدت أن جنسية الجهة المالكة للامتياز المصري مصرية مئة في المئة، متعهدة بتقديم مساعدات بـ20 مليون جنيه مصري (650 ألف دولار) لغزة.
تأثير غير مسبوق
حققت حملات المقاطعة تأثيراً «غير مسبوق» -على حد وصف رويترز- في الدول التي تشتهر بتأييدها الجارف للفلسطينيين مثل مصر والأردن، فعلى الرغم من إبرام الدولتين معاهدات سلام مع إسرائيل قبل عقود، فإن تلك المعاهدات لم تؤدِ إلى تقارب شعبي ولم يصل صداها إلى مستوى الشعوب.
وربما يعود السبب في ذلك إلى موجة الغضب العارمة إزاء العملية العسكرية الإسرائيلية الأكثر تدميراً من الهجمات السابقة، إذ تسببت في أزمة إنسانية بقطاع غزة فضلاً عن مقتل 13300 مدني، وفقاً لبيانات السلطات في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.
ولم يكن لحملات المقاطعة السابقة في مصر، أكثر الدول العربية اكتظاظاً بالسكان، مثل هذا التأثير من قبل.
وتعليقاً على ذلك، قال حسام محمود، أحد نشطاء حركة المقاطعة في مصر، «حجم العدوان على قطاع غزة غير مسبوق، وبالتالي فإن رد الفعل، سواء في الشارع العربي أو حتى الدولي، لم يسبق له مثيل أيضاً».
انخفاض ملحوظ في طلبات ستاربكس وماكدونالدز في مصر
وكانت شركة ستاربكس من أولى العلامات التي استهدفتها المقاطعة بعد مقاضاتها نقابة عمالها عقاباً لهم على نشر بيان عن الصراع بين إسرائيل وحماس، وكذلك شركة ماكدونالدز بعد أن قال مالك علامتها التجارية في إسرائيل إنه يقدم وجبات بالمجان لأفراد الجيش الإسرائيلي.
وقال موظف في إدارة شركة ماكدونالدز في مصر -طلب عدم ذكر اسمه- إن مبيعات الفروع المصرية في شهرَي أكتوبر تشرين الأول ونوفمبر تشرين الثاني انخفضت بنحو 70 في المئة على الأقل مقارنة بالشهرين نفسهما من العام الماضي.
وأضاف الموظف «نحن نكافح لتغطية نفقاتنا خلال هذه الفترة».
وقال سامح السادات، وهو سياسي مصري وشريك مؤسس في شركة تي.بي.إس هولدينغ، أحد موردي ستاربكس وماكدونالدز، إنه لاحظ انخفاضاً أو تباطؤاً بنحو 50 في المئة في طلبات الشركتين.
انتشار أوسع
على الرغم من الجهود التي تبذلها العلامات التجارية المستهدفة للدفاع عن نفسها والحفاظ على أعمالها التجارية من خلال العروض الخاصة، استمرت حملات المقاطعة في الانتشار، وامتدت في بعض الحالات خارج حدود العالم العربي.
ففي ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة، قال عامل في أحد فروع ماكدونالدز في بوتراجايا العاصمة الإدارية للبلاد إن عدد عملاء الفرع انخفض 20 في المئة.
وواجه تطبيق (جراب) لطلب سيارات الأجرة أيضاً دعوات للمقاطعة في ماليزيا بعد أن قالت زوجة الرئيس التنفيذي إنها وقعت “في غرام إسرائيل تماماً خلال زيارتها إلى هناك”.
وقال وكيلا جراب وماكدونالدز في ماليزيا بعد دعوات المقاطعة إنهما سيتبرعان بمساعدات للفلسطينيين.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أخلى البرلمان التركي مطاعمه من منتجات كوكا كولا ونستله، وأشار مصدر برلماني إلى «غضب شعبي» ضد العلامتين التجاريتين على الرغم من عدم قطع أي شركة تركية كبيرة أو وكالة حكومية العلاقات مع إسرائيل.
(رويترز)