تحلُّ في العاشر من فبراير شباط الحالي احتفالات رأس السنة الصينية الجديدة التي تُعرف باسم عيد الربيع وعيد الفانوس، وتُعد إحدى أهم وأطول العطلات في الصين، وتتخذ الاحتفالات لهذا العام التنين رمزاً لها.
وتُقاس السنة الصينية الجديدة حسب التقويم القمري الذي يعتمد على دورات القمر، وتصادف دائماً اليوم الثاني من الشهر الأول للتقويم.
ويشهد دائماً موسم رأس السنة بالصين ازدهاراً لما يُعرف باسم الهجرة الداخلية للصينيين، إذ تزداد في تلك الفترة معدلات سفر المواطنين من المدن الصينية الكبرى إلى الأقاليم التي ينتمون إليها.
وتأتي احتفالات العام الجديد وسط العديد من التحديات الاقتصادية التي تمر بها الصين، إلى جانب التوترات الجيوسياسية مع دول أخرى مثل أميركا وتايوان.
تحديات اقتصادية
تحتفل الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم بالعام القمري الجديد 2024 وسط تحديات وظروف اقتصادية متقلبة، إذ سجل الاقتصاد الصيني تباطؤاً في النمو لأول مرة منذ عقود، وسط استمرار أزمة ديون قطاع العقارات إلى جانب التوترات الجيوسياسية وتراجع معدلات الطلب العالمية.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع استمرار تباطؤ الاقتصاد الصيني خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل معاناة الصين من انخفاض الإنتاج وارتفاع معدل الأعمار بالدولة الآسيوية.
وأشارت بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الصيني قد يتراجع إلى نحو 3.5 في المئة بحلول عام 2028، فيما توقع أن يسجل النمو خلال عام 2024 نحو 4.6 في المئة، بينما بلغ نحو 3 في المئة عام 2022، كما سجّل الاقتصاد الصيني نسبة نمو بلغت 5.2 في المئة خلال العام الماضي متجاوزاً التوقعات عند خمسة في المئة.
وأرجع الخبراء ارتفاع النمو الاقتصادي خلال العام الحالي إلى الدعم المالي من السلطات الصينية إلى جانب التباطؤ الأقل حدة في قطاع العقارات.
انكماش النشاط التصنيعي في الصين
كشفت بيانات حكومية صينية انكماش نشاط الصناعات التحويلية بالدولة خلال شهر يناير كانون الثاني الماضي وذلك للشهر الرابع على التوالي.
وذكرت وكالة رويترز أن مؤشر مديري المشتريات الرسمي قد ارتفع إلى 49.2 في يناير كانون الثاني الماضي من مستوى 49.0 خلال شهر ديسمبر كانون الأول، لكنه لا يزال أقل من مستوى 50 الذي يفصل النمو عن الانكماش.
وسجّل المؤشر الفرعي لطلبيات شهر يناير كانون الثاني انكماشاً عند 49.0 للشهر الرابع على التوالي، بينما أثر ضعف الطلب الخارجي على النشاط الصناعي، لينكمش مؤشر طلبيات التصدير الجديدة عند مستوى 47.2 للشهر العاشر على التوالي.
وبحسب بيانات المصلحة الوطنية للإحصاء، فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي الذي يشمل الخدمات والبناء إلى 50.7 من مستوى 50.4 خلال شهر ديسمبر كانون الأول الماضي.
موسم الهجرة الداخلية
أوضحت الهيئة الوطنية الصينية للطيران المدني أنها تتوقع تسيير نحو 80 مليون رحلة جوية للركاب خلال ذروة السفر في عيد الربيع، فيما يُعرف باسم موسم السفر الصيني، ما يمثل زيادة نحو 44.9 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
وأشارت بيانات الهيئة إلى أن الرحلات من المتوقع أن تشهد ارتفاعاً بنحو 9.8 في المئة مقارنةً بالمستوى المُسجل خلال موسم عيد الربيع خلال عام 2019.
وتمتد ذروة موسم السفر لمدة 40 يوماً تبدأ في 26 يناير كانون الثاني، وتنتهي في 5 آذار مارس، ومن المتوقع أن يشهد القطاع تدفق نحو مليونَي رحلة ركاب يومياً خلال تلك الفترة.
وذكرت وكالة الأنباء الصينية أنه من المتوقع أن تصل ذروة تدفق الركاب أيام 8 و16 و20 و25 من شهر فبراير شباط الحالي، وأن يصل متوسط عدد الرحلات خلال تلك الفترة 16.5 ألف رحلة يومياً بزيادة بنسبة 24 في المئة على العام الماضي.
ازدهار قطاع التكنولوجيا واللوجستيات
وبالرغم من الأزمات وتدهور العديد من القطاعات بالاقتصاد الصيني، فإن صناعة التكنولوجيا في الصين ازدهرت خلال العام الماضي في عدة قطاعات من ضمنها صناعة الإنترنت وصناعة المعلومات الإلكترونية.
وذكرت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) أن الاستثمار بالأصول الثابتة في قطاع تصنيع المعلومات الإلكترونية قد ارتفع بنسبة 9.3 في المئة على أساس سنوي خلال العام الماضي.
وأوضحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية أن القيمة المضافة للشركات في القطاع ارتفعت بنسبة 3.4 في المئة على أساس سنوي، بينما ارتفعت بنسبة 9.6 في المئة على أساس سنوي في شهر ديسمبر كانون الأول الماضي.
وأظهرت البيانات ارتفاع إنتاج الهواتف المحمولة في الصين بنحو 6.9 في المئة على أساس سنوي إلى 1.57 مليار وحدة، كما ارتفع عدد الهواتف الذكية بنسبة 1.9 في المئة على أساس سنوي، ليصل إلى 1.14 مليار وحدة خلال عام 2023.
وأظهرت بيانات وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية نمو إيرادات أعمال وأرباح صناعة الإنترنت في الصين بنحو 6.8 في المئة على أساس سنوي.
وأشارت البيانات إلى أن عام 2023 شهد ارتفاع إجمالي إيرادات شركات الإنترنت الكبرى إلى 1.75 تريليون يوان (246.46 مليار دولار)، بينما بلغت الأرباح التراكمية للشركات الكبرى التي يبلغ دخلها التشغيلي أكثر من 20 مليون يوان سنوياً نحو 129.5 مليار يوان (17 مليار دولار) بزيادة سنوية قدرها 0.5 في المئة.
نمو القطاع اللوجستي بالتزامن مع الاحتفالات
نَمت صناعة اللوجستيات في الصين خلال شهر يناير كانون الثاني الماضي بدعم من ارتفاع معدلات الاستهلاك؛ استعداداً لاستقبال رأس السنة الصينية، وفقاً لبيانات الاتحاد الصيني للوجستيات والمشتريات.
وأشارت البيانات إلى أن مؤشر الأداء اللوجستي قد شهد ارتفاعاً بنحو 52.7 في المئة خلال الشهر الماضي مسجلاً زيادة بنحو 0.8 في المئة؛ ما يعكس استمرارية النمو والتوسعات المستمرة بهذا القطاع الحيوي.
وأكد ليو يوي هانغ مدير مركز المعلومات اللوجستية الصيني أن أنشطة السفر والتسوق أسهمت في تعزيز نمو قطاع لوجستيات التجارة الإلكترونية، ما أسهم في ارتفاع مؤشر صناعة البريد والتسليم السريع إلى 68.7 في المئة بدعم من ارتفاع الطلب على المنتجات المحلية والزراعية ومستحضرات التجميل بنسب تراوحت بين 30 و40 في المئة.