هبط سعر الدولار في السوق الموازية في مصر ليصل إلى نحو 56 جنيهاً خلال تعاملات مساء الجمعة، بعد إعلان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن تفاصيل صفقة مشروع رأس الحكمة والتي ستتيح تدفق استثمارات أجنبية تُقدر بنحو 35 مليار دولار خلال الشهرين القادمين.
قال أحمد شوقي الخبير المصرفي، في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، إن «الشائعات سواء كانت سلبية أم إيجابية تؤثر بشكل كبير في سعر الدولار في السوق الموازية، وما حدث خلال أمس الجمعة هو تصريح من رئيس الحكومة بتفاصيل مشروع رأس الحكمة أدى إلى خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وسيكون التأثير أكبر في الأيام والأسابيع المقبلة».
ويضيف شوقي أن صفقة رأس الحكمة التي تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، والتي وصفها رئيس الوزراء المصري بأضخم صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر «ستساعد البنك المركزي المصري في تخفيض سعر الصرف الرسمي بشكل آمن كي لا ترتد السوق الموازية مجدداً».
وقد بدأت السوق الموازية في مصر خلال عام 2022 بفارق جنيهات قليلة على حساب السعر الرسمي للصرف إلى أن بلغت ذروتها في بدايات فبراير شباط الحالي، لتقف عند نحو 72 جنيهاً لكل دولار، إلا أنها عادت إلى الهبوط مرة أخرى مع تسريب معلومات غير دقيقة عن عقد صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي الغربي، ليتراوح سعر الدولار في نهاية الأسبوع الأول من الشهر الحالي بين 57 و64 جنيهاً.
سد الفجوة التمويلية
وتقول العضو المنتدب بشركة «جلف كابيتال» ورئيسة قسم إفريقيا، ميراي ذكي، في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، إن «تدفق 35 مليار دولار من السيولة سيكون له أثر إيجابي على تقليل الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء في المدى القصير والمتوسط ولكن على المدى البعيد يجب على الحكومة المصرية إيجاد حل جذري لمشكلة الدولار في مصر؛ حيث إن الواردات تمتص 85 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما الصادرات تبلغ 15 في المئة فقط».
وقال بنك «غولد مان ساكس» في تقرير صدر مساء أمس الجمعة، إن السيولة الدولارية التي سيتم توفيرها بفضل الشراكة الاستراتيجية بين مصر والإمارات في مشروع رأس الحكمة، ستؤمّن سيولة تكفي لتغطية فجوة التمويل في مصر على مدى السنوات الأربع القادمة.
ويقدر خبراء أن مصر بحاجة إلى ما بين 20 و28 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة القادمة للوفاء بديونها وتأمين احتياجاتها من الاستيراد.
بلغت قيمة الدين الخارجي المصري بنهاية الربع الثالث من عام 2023 نحو 164.522 مليار دولار، وذلك وفقاً للبيانات البنك المركزي المصري، ويتوجب على مصر سداد ديون وفوائد ديون قيمتها 32.79 مليار دولار أميركي خلال عام 2024.
لا يتنبأ المراقبون بسعر الصرف الجديد الذي ستفرضه تدفقات سيولة صفقة رأس الحكمة، لكنهم يقطعون بأنها ستؤثر على سعر الصرف الرسمي وسعر صرف السوق الموازية.
تغطي الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري والبالغ حجمها 11 مليار دولار جزءاً من الصفقة، على أن يتم ضخ المبلغ المتبقي من الاتفاق في غضون شهرين.
التفاصيل المالية للصفقة
وقَّع الصفقة من الجانب الإماراتي محمد السويدي وزير الاستثمار والرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي التنموية القابضة، ومن الجانب المصري عاصم الجزار وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة.
وستتضمن الصفقة شقّين، أحدهما مالي يسدد كمقدم وجزء آخر في شكل حصة من أرباح المشروع طول مدى المشروع، حسب ما قاله مدبولي.
وأضاف «المقدم سيتضمن استثماراً أجنبياً مباشراً يدخل في ظرف شهرين بإجمالي 35 مليار دولار على دفعتين، الدفعة الأولى خلال أسبوع بإجمالي 15 مليار دولار، وهي عبارة عن 10 مليارات دولار سيولة من الخارج مباشرة، بالإضافة إلى تنازل الإمارات عن جزء من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري وهو 5 مليارات دولار.
أما عن الدفعة الثانية فستكون بعد شهرين بقيمة 20 مليار دولار، وهي عبارة عن 14 مليار دولار سيولة ستأتي مباشرة بالإضافة إلى 6 مليارات باقي الودائع الإماراتية في البنك المركزي المصري»، وقال مدبولي «سيقوم البنك المركزي المصري بتحويل تلك الاستثمارات إلى العملة المصرية لتمويل المشروع، وهو ما سيسهم في تحقيق استقرار لأسعار الصرف في السوق المصرية».