اتخذ البنك المركزي المصري مجموعة من الإجراءات لضبط سوق الصرف نجحت في تحقيق انخفاض ملحوظ في سعر الدولار بالسوق الموازية، التي هبط سعر الدولار فيها اليوم، بحسب متعاملين، إلى ما بين 28 و30 جنيهًا بعد وصوله إلى 37 جنيها منتصف ديسمبر كانون الأول.

بدأت قرارات المركزي منتصف ديسمبر كانون الأول بإلزام مصدري الذهب بتوريد حصيلة عمليتاهم التصديرية خلال فترة سبعة أيام بحد أقصى من تاريخ شحن صادرتهم من المعدن النفيس بدلا من 180 يوما، وإلا اُدرجت شركاتهم في قائمة سوداء ومُنعوا من تنفيذ عمليات مماثلة في المستقبل.

وكشف تقرير صادر عن المجلس التصديري لمواد البناء والصناعات المعدنية أن صادرات مصر من الذهب، ارتفعت نحو47% في العشرة أشهر الأولى من 2022، لتبلغ 1.3 مليار دولار، مقابل 900 مليون دولار في نفس الفترة من العام السابق.

يقول مجدي عشم، أحد العاملين بالاستيراد والتصدير لـ «CNN الاقتصادية» إن «بعض المستوردين واجهوا تعطيلاً في أعمالهم بسبب القرار الملزم بتدبير النقد الأجنبي عن طريق البنوك… هذا التدبير يتأخر كثيرا. فقام البعض بتصدير الذهب عن طريق شركات عاملة في هذا المجال، ثم يقومون ببيعه في الخارج لاستخدام الإيرادات في شراء بضائع وذلك للالتفاف على قرار الاعتمادات المستندية. مما أدى لارتفاع سعر الذهب والدولار في السوق المحلية رغم نزولهما عالميًا. في ظل المهلة المحددة الجديدة سيكون من المستحيل القيام بهذه الدورة في سبعة أيام، بالتالي بدأ سعر الدولار في الانخفاض في السوق السوداء».

كان البنك المركزي المصري بدأ في مارس آذار العمل بنظام الاعتمادات المستندية لتحجيم الاستيراد وسط أزمة نقص في النقد الأجنبي عقب نزوح الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا بفعل الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي أكتوبر تشرين الأول أعلن البنك المركزي الإلغاء التدريجي لتعليمات استخدام الاعتمادات المستندية في تمويل الاستيراد حتى إتمام الإلغاء في ديسمبر كانون الأول 2022.

أعلن كذلك المركزي المصري في وقت سابق هذا الأسبوع اتخاذ إجراءات بحق مواطنين استُخدِمت بطاقات الخصم والائتمان الخاصة بحسابتهم خارج مصر بالرغم من عدم سفرهم. وقال بيان البنك «لاحظنا وجود زيادة مطردة في الاستخدامات الخاصة ببطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المباشر خارج البلاد»، مضيفا أن العمليات «بلغت ذروتها في منتصف الأسبوع الماضي، بمبالغ تصل إلى 55 مليون دولار في يوم واحد بزيادة تقدر بأكثر من خمسة أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق».

من جانبه، يرى عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن العامل الأساسي في هبوط الدولار بالسوق الموازية – السوق السوداء كما يسميها المصريون – هو أن «البنك المركزي وفر 5.5 مليار دولار للجهاز المصرفي للإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ ما أدى إلى تذبذب صغار المضاربين وإسراعهم في التخلص من الدولار خوفا من انخفاض قيمته أكثر. بالإضافة لهذا ضخ المركزي 300 مليون دولار فور إعلان صندوق الدولي عن الاتفاق على القرض».

أفرجت مصر عن واردات بخمسة مليار دولار بين الأول والثالث والعشرين من ديسمبر كانون الأول، بحسب بيان للمتحدث باسم مجلس الوزراء هذا الأسبوع.

ويؤكد فخري الفقي، رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب المصري ومستشار صندوق النقد الدولي، أيضا أن أهم عنصر في تحجيم سعر الصرف بالسوق الموازية هو “وصول أول دفعة من قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمتها 347 مليون دولار… هذا القرض بمثابة شهادة ثقة بالاقتصاد المصري. ما يحدث الآن هو هبوط سعر الصرف في السوق الموازية ليقترب نحو سعر السوق الرسمية، وليس العكس كما كان يحدث في الماضي”.

ويرى عشم أن التحدي الأكبر أمام المركزي حاليًا هو «الحفاظ على قدرته في توفير الدولار الأميركي خلال الأشهر القادمة حتى لا تعاود السوق الموازية فرض أسعارها على النظام المصرفي». ويقول الفقي «التدفقات المالية من صندوق النقد الدولي والشركاء الإقليميين ستساعد في توفير الدولار في السوق المصرية واستقرار سعر الصرف».