قال البنك الدولي في تقرير أصدره يوم الاثنين إن فجوة الدخل بين نصف دول العالم الأكثر فقراً وأغنى الاقتصادات تتسع لأول مرة هذا القرن في تراجع تاريخي للتنمية.

كما جاء في التقرير الذي جاء بعنوان (الانتكاسات الكبرى: الآفاق والمخاطر والسياسات في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية) أن الفارق بين نمو دخل الفرد في الدول الأكثر فقراً، وعددها 75 دولة، والدول الأكثر ثراء اتسع على مدى السنوات الخمس الماضية.

وبحسب التقرير، فإن البلدان الخمسة والسبعين المؤهلة للحصول على منح وقروض بدون فوائد من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي معرضة لخطر هدر عشر سنوات من التنمية ما لم تُجرِ تغييرات طموحة في السياسات وتتلقَ مساعدات دولية كبيرة.

ويعيش في هذه البلدان نحو 25 في المئة من سكان العالم، أي 1.9 مليار نسمة.

وفي وقت تزداد فيه أعداد المسنين من السكان في كل بلد آخر في العالم تقريباً، ستتمتع هذه البلدان بنسبة متزايدة من العمال الشباب حتى عام 2070، وعلى الرغم من فقرها فإن هذه البلدان غنية بالموارد الطبيعية، وتتمتع بإمكانات عالية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، كما أن لديها مخزوناً كبيراً من الثروات المعدنية التي يمكن أن تكون عنصراً بالغ الأهمية في تحول العالم نحو الطاقة النظيفة.

جنوب الصحراء الكبرى

ويقع أكثر من نصف البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية -39 بلداً إجمالاً- في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا؛ 14 منها في شرق آسيا وثمانية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ويبلغ دخل الفرد في 31 منها أقل من 1315 دولاراً سنوياً، وتشمل هذه الدول جمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان وهايتي.

وأصبح واحد من كل ثلاثة من البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية أفقر الآن مما كان عليه عشية الجائحة، وتضم البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية 92 في المئة من سكان العالم الذين يفتقرون إلى القدرة على الحصول على كمية كافية من الأغذية المغذية بأسعار معقولة، وتعاني نصف البلدان من ضائقة الديون، ما يعني أنها غير قادرة على خدمة الديون أو أنها معرضة بشدة لخطر عدم القدرة على ذلك.

وتحتاج هذه البلدان اليوم إلى استثمارات ضخمة، وفي أشد هذه البلدان فقراً سيتطلب سد الفجوات القائمة في قطاعات التنمية والبنية التحتية وبرامج الصلابة وبناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ استثمارات تعادل نحو 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ووفقاً لأيهان كوسي، نائب كبير خبراء الاقتصاد في البنك الدولي وأحد معدي التقرير، فإن النمو في العديد من البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية بدأ بالفعل في التراجع في هذه البلدان قبل جائحة كوفيد-19، لكنه سيبلغ 3.4 في المئة فقط خلال الفترة من 2020 إلى 2024، وهو أضعف معدل نمو في خمس سنوات منذ أوائل التسعينيات، كما أن الحرب الروسية في أوكرانيا وتغير المناخ وزيادة أعمال العنف والصراعات أثرت بشكل كبير على آفاق تلك الدول.

ويرى كوسي أن هناك حاجة إلى سياسات طموحة لتسريع الاستثمار، بما في ذلك الجهود المحلية لتعزيز السياسات المالية والنقدية والمالية، والإصلاحات الهيكلية لتحسين التعليم وزيادة الإيرادات المحلية، وبرأيه فإن الدعم المالي الكبير من المجتمع العالمي ضروري لإحراز التقدم المطلوب وتقليل مخاطر الركود طويل الأمد.

كما أشار كوسي إلى أن البنك الدولي يأمل في حشد تجديد قوي لأموال المؤسسة الدولية للتنمية بحلول ديسمبر كانون الأول.

وأضاف أن التنسيق الدولي الأقوى بشأن تغير المناخ وإعادة هيكلة الديون والتدابير الداعمة للتجارة عبر الحدود سيكون أمراً بالغ الأهمية أيضاً.

تحذير من التخلي عن مساعدة البلدان الفقيرة

وقال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس «لا يستطيع العالم تحمل تكلفة التخلي عن مساعدة البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، وتحقيق الرفاهية لهذه البلدان غاية في الأهمية كي تتسع آفاق الرخاء العالمي على المدى الطويل، فثلاثٌ من القوى الاقتصادية في العالم اليوم -الصين والهند وكوريا الجنوبية- كانت ذات يوم من البلدان المقترضة من المؤسسة الدولية للتنمية، وازدهرت هذه البلدان الثلاثة على نحو أدى إلى خفض معدلات الفقر المدقع ورفع مستويات المعيشة، وبفضل المساعدات الخارجية يمكن لهذا العدد من البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة اليوم أن تكون لديها القدرة على أن تسير على درب هذه القوى الاقتصادية».