من المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف يوم الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 200 ألف وظيفة في ديسمبر كانون الأول ، مع بقاء معدل البطالة ثابتًا للشهر الثالث على التوالي عند 3.7%.
ومن المحتمل أن تأتي حصيلة التوظيف الشهرية الأخيرة لوزارة العمل لعام 2022 ببعض الوقائع المألوفة.
– من المتوقع أن يظل نمو الوظائف قوياً ، على الرغم من أنه لا يزال أبطأ من الوتيرة السريعة لمكاسب الوظائف العالية التي حدثت بمعدل تاريخي خلال المراحل الأولى من التعافي الاقتصادي من وباء كورونا.
– ما زال العمال لا يعودون إلى القطاعات المتضررة بشدة مثل الترفيه والضيافة والخدمة العامة ورعاية الأطفال.
– في حين يحافظ سوق العمل القوي على إبقاء حركة الاقتصاد إلا أنه يظل نشطأ بالقدر الكافي الذي يجعل الاحتياطي الفيدرالي يخفض من التضخم عن طريق تخفيف الطلب.
– يحتاج سوق العمل لمزيد من العمال، في حين لم يعد نمو الأجور إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا بعد، لكن ذلك سيساعد على تهدئة المخاوف من دوامة الأجور و الأسعار ، إذ تتسبب الأجور المرتفعة في ارتفاع الأسعار والذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأجور.
و قالت جوليا بولاك ، كبيرة الاقتصاديين في موقع «زيب ريكروتر» لسوق التوظيف عبر الإنترنت: «تشير عدة أدلة إلى أن سوق العمل لا يزال قريبًا من الوضع الطبيعي».
التضييق التاريخي
لا يزال سوق العمل الأميركي ضيقًا بشكل غير معتاد، الأمر الذي سُلط الضوء عليه يوم الأربعاء عندما أصدر مكتب إحصاءات العمل تقرير استقصاء فرص العمل ودوران العمالة لشهر نوفمبر تشرين الثاني، إذ أظهر أنه لا يزال هناك 10.5 مليون وظيفة شاغرة في الشمال ، أو حوالي 1.7 وظيفة متاحة لكل شخص عاطل عن العمل يبحث عن عمل.
و أشارت بولاك أن ذلك التقرير أظهر أيضاً أن أن ما تم اعتباره «الاستقالة الكبرى» لا يزال يلوح في الأفق. فقد ترك عدد قياسي من العمال وظائفهم خلال جائحة كورونا و ذلك طواعيةً منهم بحثًا عن مراعي أكثر خضرة – سواء كانت ظروف عمل أفضل أو أجور أعلى أو مرونة متزايدة.
فقد وصل عدد الأشخاص الذين يتركون عملهم شهرياً لما هو فوق أربعة ملايين شخص على مدار 18 شهر متتاليين، إذ كان العدد المتوسط للاستقالات 2.6 مليون شهرياً على مدار العقدين ما قبل وباء كورونا.
و قالت بولاك: “لا تزال الشركات تكافح صعوبات كبيرة في الاحتفاظ بالموظفين لديها”.
و لم يظهر تقرير مكتب إحصاءات العمل الصادر مؤخراً أي بوادر لانفراج الأزمة في سوق العمل كما كان يأمل البعض، و لكنه أشار لبعض الاختلافات التي تحدث عندما تلجأ بعض الشركات لزيادة التعيينات لتلبية طلب المستهلكين في حين البعض الآخر قرر ان يقلص حجم العمل بسبب الانتفاخ ، أو الآثار المتتالية لأسعار الفائدة المرتفعة، أو لمجرد الاستعداد لما هو قادم من اقتصاد أقل إنتاجاً.
و قالت بولاك إن بالنسبة للوظائف المتصلة بخدمات الإقامة و الطعام فقد سجلت نسب تسريح للموظفين بأقل من 50 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني بالمقارنة لمتوسط المعدل في الفترة بين عام 2000 و فبراير شباط 2020.
و قالت: «أعتقد أنه مجرد تعافي لما قبل وباء كورونا» و أضافت: « بالنسبة لقطاعات الترفيه و الضيافة فهي ما زالت تعاني من قلة العمالة و لكنها في تصاعد، و ذلك يرجع إلى تعافي حالة الإنفاق أسرع من معدل التشغيل»
و اعتبارًا من أكتوبر تشرين الأول 2022 ، كان قطاع الترفيه والضيافة لا يزال دون مستويات التوظيف السابقة للوباء بأكثر من مليون وظيفة ، أو ما يعادل 6.3٪ ، طبقاً لتحليل أجرته «سي إن إن» لبيانات صادرة عن مكتب إحصاءات العمل.
التخفيضات و التجميد
استحوذت شركات التكنولوجيا على نصيب الأسد من تخفيضات الوظائف التي تم الإعلان عنها في الأشهر الأخيرة. فخلال فترة الوباء حين تم ترحيل الأشخاص للعمل و أيضاً إنفاق أموالهم من المنزل، تجمعت شركات التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية لتلبية الطلب.
خلال عام 2022 ، كانت التكنولوجيا هي الصناعة الرائدة في مجال قطع الوظائف ، حيث تم الإعلان عن 97,171 تخفيضًا للوظائف ، وفقًا لتقرير إعلان خفض الوظائف الأخير الصادر عن تشالنجر ، جراي آند كريسماس ، الصادر يوم الخميس.
و وفقاً للتقرير فبشكل عام، اتجهت تخفيضات الوظائف صعودًا في عام 2022 عند 363،824 مقارنة مع 321،970 في العام السابق. فقد تم الإعلان عن استغناء الشركات ل43,651 وظيفة في ديسمبر كانون الأول ، بزيادة 129٪ عن ديسمبر كانون الأول 2021.
وأظهرت بيانات تشالنجر وجراي وكريسماس أن التخفيضات للوظائف التي تم الإعلان عنها في عام 2022 كانت ثاني أقل تخفيضات مسجلة منذ عام 1993. و في عام 2019 ، تم الإعلان عن 592.556 استقطاعًا للوظائف.
وقال أندرو تشالنجر ، نائب الرئيس الأول لشركة تشالنجر ، جراي آند كريسماس ، في التقرير: “لا يزال الاقتصاد الكلي يخلق فرص عمل ، على الرغم من أن أرباب العمل يخططون بنشاط على ما يبدو لحدوث انكماش اقتصادي”.
ثاني أفضل عام مسجل لنمو الوظائف
إذا جاءت مكاسب الوظائف الشهرية كما هو متوقع يوم الجمعة ، فهذا يعني أن الاقتصاد أضاف أكثر من 4.5 مليون وظيفة في عام 2022.
سيكون هذا ثاني أعلى إجمالي سنوي على الإطلاق ، بعد المكاسب الهائلة البالغة 6.7 مليون في عام 2021 ، والتي كانت بحد ذاتها تأرجحًا للمعدلات من 9.2 مليون وظيفة في عام 2020 ، وفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل.
قال نيك بنكر ، مدير الأبحاث الاقتصادية لأميركا الشمالية في «إنديد هايرينج لاب»: “يود مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يرى رقمًا (نموًا شهريًا للوظائف) أقرب إلى 100,000 أو أقل من ذلك”.
«وهذا يتماشى بشكل أكبر مع سوق عمل أهدأ أو في طريقه لذلك»
يتوقع الاقتصاديون أيضًا أن يتباطأ متوسط نمو الدخل في الساعة على أساس شهري وعلى أساس سنوي ، إلى 0.4٪ و 5٪ على التوالي ، وفقًا لرفينيتيف.
و بالنسبة لمكاسب الأجور ، فعلى الرغم من تجاوزها للتضخم ، تظل أعلى بكثير من متوسطات ما قبل الوباء وتتجاوز ما يريد بنك الاحتياطي الفيدرالي رؤيته في حملته لكسر الأسعار. بينما أقر الرئيس جيروم باول بأن الزيادات في الأجور لم تتسبب في ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا ، فقد أشار مرارًا وتكرارًا إلى أن استمرار نمو الأجور في سوق العمل الضيق هذا يمكن أن يحافظ على مستويات التضخم مرتفعة.
قال بنكر: «هذه مجموعة من بيانات سوق العمل التي [استمرار نمو قوي للأجور شكلياً] بالنسبة للعمال والباحثين عن عمل ، إنها أخبار إيجابية للغاية». «لكن بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية ، فإنهم يرون أن هذا يمثل مشكلة.»
بدأ التضخم في الانخفاض في الأشهر الأخيرة ، حيث أظهرت المقاييس الرئيسية انخفاضات. ولكن لكي يصل الاحتياطي الفيدرالي إلى هدفه المنشود وهو التضخم 2٪ ، سيتعين على سوق العمل أن يتعرض لضربة ، مع ارتفاع معدل البطالة إلى حوالي 4.6٪ هذا العام ، ذلك وفقًا لتوقعات البنك المركزي الصادرة في ديسمبر كانون الأول.
و قال بنكر: «حقيقة ما يبدو عليه التضخم في طريقه للهدوء دون أن يتعرض سوق العمل لضربة محققة قد يعني أن معدل التضخم المتزايد لم يكن مدفوعًا بسوق العمل وأنه من الممكن أن ينخفض التضخم من هذه المستويات»
«لكن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن ينخفض التضخم دون أن يتدهور سوق العمل ، أو بالأحرى ، ليس من الواضح ما هي الوتيرة الأساسية للتضخم مع ضيق سوق العمل بهذا الشكل.»