أعلنت ألمانيا يوم الخميس أنها ستتخلص تدريجياً من استخدام مكونات من شركتي الاتصالات العملاقتين الصينيتين هواوي وزد تي إي في شبكات الجيل الخامس في السنوات المقبلة بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وكانت هذه أحدث خطوة من جانب برلين للحد من الاعتماد الاقتصادي على بكين، وهو ما يخشى البعض أن يجعلها عرضة للخطر، وتأتي في أعقاب تحذيرات من الاتحاد الأوروبي بأن الشركات تشكل خطراً على الكتلة.
لماذا تحظر برلين المشاركة الصينية في شبكات الاتصالات؟
وقالت وزارة الداخلية في برلين إن أجزاء من هواوي وزد تي إي لن تستخدم بعد الآن في شبكات الجيل الخامس «الأساسية» للهاتف المحمول بحلول نهاية عام 2026 على أقصى تقدير.
وفي البنية الأساسية للوصول إلى الجيل الخامس ونقله، يجب استبدال أنظمة شركات الاتصالات بحلول نهاية عام 2029.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر «نحن نحمي الجهاز العصبي المركزي لألمانيا كموقع تجاري، ونحن نحمي اتصالات المواطنين والشركات والدولة».
وأضافت الوزيرة الألمانية «يجب علينا الحد من المخاطر الأمنية، وعلى عكس الماضي، تجنب التبعيات من جانب واحد».
وقالت الوزارة إن شبكات الجيل الخامس تشكل جزءاً من «البنية التحتية الحيوية» في ألمانيا وهي مهمة لعمل القطاعات التي تتراوح من الصحة إلى النقل والطاقة، معقبة أنه يجب حماية شبكات الاتصالات من الهجمات الإلكترونية، والتي قد تشكل «تهديداً وجودياً».
توصل المسؤولون إلى اتفاقيات مع مشغلي شبكات الجيل الخامس في ألمانيا، دويتشه تيليكوم وفودافون وتليفونيكا، بشأن حظر هواوي وزد تي إي.
كانت مصادر حكومية قد أشارت بالفعل في سبتمبر أيلول من عام 2023 إلى أن برلين تفكر في مثل هذه الخطوة، على الرغم من أن التواريخ المعلنة تأتي بعد تلك التي تم تصورها في الأصل لإعطاء الشركات الوقت لتبني التدابير الجديدة.
لم تتطرق فيزر إلى ما إذا كانت تخشى إجراءات انتقامية من الصين، على الرغم من أنها قالت إن بكين أُبلغت بالحظر.
وقالت في مؤتمر صحفي «بالنسبة لي كوزيرة للداخلية، فإن الأمر يتعلق بإيجاد لوائح لشبكات الاتصالات والبنية التحتية الحيوية، وقد فعلت ذلك».
وقد شملت العوامل التي نظرت فيها السلطات عند اتخاذ القرار بشأن الحظر ما إذا كانت الشركة المصنعة خاضعة لسيطرة الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر، أو ما إذا كانت متورطة في أنشطة كان لها تأثير ضار على ألمانيا أو دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
العلاقات الألمانية- الصينية
كانت العلاقات بين الصين وألمانيا وثيقة منذ فترة طويلة، إذ تصدر الشركات المصنعة الألمانية الأساسية -من شركات السيارات إلى صناع الأدوات الآلية- كميات هائلة من المنتجات إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ولكن غزو روسيا لأوكرانيا وأزمة الطاقة اللاحقة أثارا البحث عن الذات في أكبر اقتصاد في أوروبا إزاء الاعتماد المفرط على الحكومات الاستبدادية، ودفعا برلين إلى السعي إلى «تقليص المخاطر» من خلال خفض اعتمادها على الصين.
كشفت برلين عن استراتيجية لإدارة العلاقات مع بكين العام الماضي، إذ سعت إلى إيجاد توازن بين المصالح المتنافسة، ووصفت الصين بأنها «شريك ومنافس منهجي».
كانت هناك علامات متزايدة على نهج الحكومة الجديد الأكثر صرامة.
في الأسبوع الماضي، منعت برلين بيع وحدة توربينات غاز تابعة لشركة تابعة لمجموعة فولكس فاغن لمستثمر صيني بعد أن أشارت تقارير إعلامية إلى أن لها روابط وثيقة مع صناعة الأسلحة الصينية.
أصبحت دول الاتحاد الأوروبي حذرة بشكل متزايد من استخدام التكنولوجيا من هواوي أو غيرها من البائعين من خارج الاتحاد الأوروبي الذين قد لا يمتثلون لقوانين حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي.
وصفت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، العام الماضي هواوي وزد تي إي بأنهما تشكلان خطراً على التكتل، ودعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى استبعاد معدات الشركتين من شبكاتها المحمولة.
بعد المملكة المتحدة في صيف عام 2020، أصبحت السويد ثاني دولة في أوروبا وأول دولة في الاتحاد الأوروبي تحظر صراحة هواوي من جميع البنية التحتية للشبكة اللازمة لتشغيل شبكة الهاتف المحمول من الجيل الخامس.
كما كانت هناك ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات ضد هواوي وسط التنافس التكنولوجي بين بكين وواشنطن بشأن مخاوف الولايات المتحدة من إمكانية استخدامها في عمليات التجسس الصينية.