يبدو أن الدولار الأميركي سيكون الفائز الوحيد من الحرب التجارية المحتملة بين الغرب والصين، وسط حالة عدم اليقين التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ حرب التجارة بين أميركا والصين عامي 2018 و2019.

وقد يؤدي تزايد النزعة الحمائية وتقلص التجارة عبر الحدود إلى تثبيط النمو في كل مكان، لكن الولايات المتحدة، القوة الاقتصادية والعملة الرئيسية في العالم، تتمتع بحماية لا تتمتع بها البلدان الأخرى.

وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن تعاني، إذ سيتباطأ النمو وقد يرتفع التضخم، ولكن ارتفاع معدلات التضخم يؤدي إلى تأخير أو ربما إلغاء تخفيضات أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، لذا سيكون النمو في أوروبا وآسيا أكثر عرضة للخطر مقارنة بأميركا.

ويرجح الخبراء أن يكون الألم أكثر حدة في العملات الأخرى، التي لا تتمتع أي منها بوضع الملاذ الآمن الذي يتمتع به الدولار أيضاً، ولكن في عالم أسعار الصرف، كل شيء نسبي.

وكتب الاقتصاديون في غولدمان ساكس أن «ارتفاع حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية يشكل خطراً كبيراً على توقعاتنا للنمو العالمي في النصف الثاني من 2024، وعام 2025، مع تأثيرات أكبر في الاقتصادات التي تمثل فيها الصادرات حصة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي».

اليورو واليوان في موقف حرج

إن المشكلات الاقتصادية المحلية في الصين وموقفها الجيوسياسي كافية لجعل الأجانب حذرين من الاستثمار في البلاد، لذلك ليس من قبيل الصدفة أن تتراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين بأسرع وتيرة لها منذ 15 عاماً مع تصاعد التوترات التجارية مرة أخرى.

وكان أداء الأسهم الصينية ضعيفاً، بينما تكافح بكين للحفاظ على اليوان الذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر مقابل الدولار.

على جانب آخر، لم تتفاعل الأسهم الأوروبية واليورو بشكل إيجابي مع العناوين الأخيرة حول التعريفات الجمركية التي تفرضها بروكسل على بعض الواردات من الصين، ونظراً لمدى العلاقات التجارية الوثيقة بين منطقة اليورو والصين فلا ينبغي أن يكون هذا مفاجئاً، إذ تستورد منطقة اليورو من الصين سلعاً أكثر من أي مكان آخر في العالم.

وباعتبار الاقتصاد الأميركي أقل انفتاحاً بكثير من نظيريه الأوروبي أو الصيني، سيعني أن تعطيل التجارة يجب أن يكون له تأثير محدود نسبياً، إذ شكلت صادرات الولايات المتحدة من السلع والخدمات 11.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وفقاً للبنك الدولي، مقارنة بـ20.7 في المئة في الصين.

وكان يُنظر إلى العجز التجاري المستمر لسنوات على أنه عائق كبير أمام الدولار، إذ اضطرت الولايات المتحدة إلى امتصاص كميات هائلة من رأس المال الأجنبي لسد الفجوة ومنع الدولار من الانخفاض.

لكن بلغ العجز التجاري في الولايات المتحدة في العام الماضي 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل بكثير من العام السابق، ونصف ما كان عليه في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويتوقع المحللون في دويتشه بنك أن يظل الدولار أقوى لفترة أطول هذا العام وفي العام المقبل، وكتبوا يوم الأربعاء الماضي «الدولار يقلل تداعيات المخاطر الناجمة عن الحمائية الأميركية».

(رويترز).