بدأت حكاية مصر مع صندوق النقد الدولي قبل نحو 79 عاماً، إذ كانت مصر ضمن الأعضاء المؤسسين للصندوق في ديسمبر كانون الثاني 1945.
ووقعت مصر على ميثاق إنشاء الصندوق ضمن 29 دولة أخرى، ودفعت مصر مقابل مشاركتها في تأسيس الصندوق 45 مليون دولار أميركي، وفقاً لاتفاقية تأسيس الصندوق.
وتبلغ حصة مصر في صندوق النقد حالياً 2.37 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة التي تعرف بـSDR، بحسب الموقع الإلكتروني للصندوق.
ويعمل الصندوق على تخصيص حصة لكل بلد عضو تكون إلى حد كبير على حسب مركزه النسبي في الاقتصاد العالمي.
وبناء على حصة البلد العضو يتحدد الحد الأقصى لالتزامه المالي تجاه الصندوق وما يتمتع به من قوة تصويتية، كما تؤثر الحصة على حجم التمويل الذي يمكنه الحصول عليه من الصندوق.
تاريخ اتفاقات مصر مع صندوق النقد
منذ بداية إنشاء الصندوق شهدت العلاقة مع مصر منعطفات وشداً وجذباً بين الطرفين في بعض الأحيان، لكن في السنوات الأخيرة تطورت الحكاية سريعاً، حتى أصبحت مصر الآن ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين.
وتبلغ قروض مصر لدى الصندوق حالياً نحو 10.654 مليار وحدة سحب SDR، أي ما يعادل 14.124 مليار دولار (كل SDR = 1.325750 دولار)، وفقاً لبيانات صندوق النقد.
ويقول الصندوق إنه رتب نحو 12 برنامجاً لمصر منذ بداية عضويتها في الصندوق حتى الآن.
وحصلت مصر على أول قرض من الصندوق في عهد الرئيس المصري السابق أنور السادات ففي عامي 1977- 1978، اقترضت 186 مليون دولار لحل مشكلات تتعلق بالمدفوعات الخارجية.
وبحسب الموقع الرسمي لصندوق النقد فإنه خلال الفترة بين 1987-1988، اتفقت مصر مع الصندوق على عقد اتفاق لاستعداد ائتماني بقيمة 250 مليون وحدة حقوق سحب خاصة لحل مشكلة المدفوعات الخارجية المتأخرة وأوجه الضعف الهيكلي التي انعكست في شكل تضخم محلي متزايد.
وفي الفترة 1991-1993 عُقد اتفاق استعداد ائتماني آخر مع مصر بقيمة 234,4 مليون وحدة حقوق سحب خاصة أي ما يعادل 375 مليون دولار في محاولة لخروجها من أزمة تعثر سداد ديون خارجية حادة.
وشهدت أعوام 1996 و1998 شداً وجذباً بين مصر وصندوق النقد وطلبت مصر قرضاً جديداً لكن تعثر المفاوضات تسبب في إلغائه.
ومنذ عام 1993 لم تطلب مصر أي قروض من الصندوق، واقتصر دور الصندوق على المشاورات والمساعدة الفنية، وفقاً لموقع الصندوق الإلكتروني.
انفراجه في علاقة مصر مع صندوق النقد
وعادت مصر مرة ثانية للصندوق في أعقاب ثورة 25 يناير كانون الثاني 2011، إذ طلبت أكثر من مرة الحصول على مساعدات من الصندوق، لكن المفاوضات كانت تتعثر بسبب شروط الصندوق
وشهد عام 2016 انفراجه في العلاقة بين مصر والصندوق بعد أن توصل الطرفان لاتفاق بشأن قرض قيمته 12 مليار دولار لمدة 3 سنوات انتهت في 2019.
وفي المقابل نفذت مصر برنامجاً للإصلاح الاقتصادي كان ضمن شروطه تحرير سعر صرف الجنيه وتنفيذ إصلاحات تتعلق بجذب استثمارات أجنبية.
وعقب انتهاء البرنامج عادت مصر سريعاً للصندوق فمع بدء تداعيات فيروس كورونا في الظهور على الاقتصاد حصلت مصر في مايو أيار 2020 على قرض بآلية التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار.
ثم في يونيو حزيران 2020 حصلت مصر على تمويل جديد بقيمة 5.2 مليار دولار على مدار عام.
وتبع هذا التمويل حصول مصر على دعم في أغسطس أب 2021 بلغت قيمته 2.8 مليار دولار ضمن مخصصات السحب الخاصة بالصندوق والذي وزعها على أعضائه.
ومع بدء حرب أوكرانيا طلبت مصر قرضاً جديداً واستمرت المفاوضات منذ مارس آذار 2022 وحتى ديسمبر كانون الأول من العام ذاته حتى وافق المجلس التنفيذي للصندوق على طلب مصر بالحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وفي مارس آذار 2024، وافق المجلس التنفيذي للصندوق على زيادة قرض مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، وأقر المراجعتين الأولى والثانية للقرض بما سمح لها بصرف 820 مليون دولار.
وتنتظر مصر حالياً موافقة مجلس إدارة الصندوق على المراجعة الثالثة والسماح بالحصول على شريحة جديدة بقيمة 820 مليون دولار.
وكان من المقرر أن يناقش الصندوق المراجعة الثالثة لمصر يوم الأربعاء 10 يوليو تموز، وكان الصندوق أدرج مصر على جدول أعماله في 30 يونيو حزيران الماضي.
لكن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر إيفانا فلادكوفا هولار قالت لـ«CNN الاقتصادية»، إن موعد اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بشأن مناقشة المراجعة الثالثة لقرض مصر أعيد جدولته ليكون في الـ29 من يوليو تموز الحالي بدلاً من موعده السابق.
بينما قالت المتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك إن المجلس التنفيذي للصندوق أرجأ النظر في صرف شريحة قرض قيمتها 820 مليون دولار لمصر حتى 29 يوليو تموز لوضع اللمسات النهائية على بعض التفاصيل المتعلقة بالسياسات، مضيفة أن مثل هذه التأجيلات ليست بالأمر غير المعتاد خلال الظروف الصعبة.
وأضافت كوزاك في إفادة صحافية دورية أن مصر تواصل العمل وسط ظروف إقليمية صعبة ناجمة عن الحرب في قطاع غزة وتصاعد هجمات حركة الحوثي اليمنية على سفن الشحن في البحر الأحمر، وهو ما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي.