يشعر الصينيون بآثار التباطؤ الاقتصادي الذي يرغمهم على اتخاذ تدابير تقشف مثل زيادة مدخراتهم والطهي بدل الذهاب إلى المطاعم واختيار رحلات أقل كلفة للسفر، غير أنهم يؤكدون ثقتهم في المستقبل على المدى البعيد.
وقال يو كي لوكالة فرانس برس «هذه السنة، نشعر فعلاً بالضغط الاقتصادي سواء كشركات أو كأفراد».
وقال الموظف في شركة تأمين «هذا الضغط يبدو أكبر مما كان قبل ثلاث سنوات، خلال (تفشي) الجائحة، الواقع أنه انطباع عام نشعر به أنا وأصدقائي».
وسجلت الصين تباطؤاً اقتصادياً خلال الفصل الثاني من العام الجاري، إذ أظهرت بيانات رسمية الاثنين نمواً بنسبة 4.7 في المئة فقط.
وقد تطمح دول كثيرة ولا سيما في أوروبا لتحقيق مثل هذا النمو، غير أنها أضعف نسبة تسجلها الصين منذ مطلع 2023، عند رفع القيود الصحية المتشددة التي فرضت لمكافحة تفشي كوفيد-19 والتي كبّلت النشاط الاقتصادي، كما أنها بعيدة عن نسب النمو التي اعتادها البلد في فترة ما بين 1980 و2010 والتي كانت تفوق 10 في المئة.
ملابس وإجازات
روت تشاو كينغ، البالغة 39 عاماً والتي تعمل في المجال المالي «قبل سنتين كنا نذهب في غالب الأحيان إلى المطعم، أما الآن فندّخر ونطهو بالأحرى في المنزل».
وتابعت جالسة في مقهى يرتاده ميسورون من سكان بكين لشراء القهوة «بالنسبة للملابس، كنت أقصد المتاجر الفاخرة، أما الآن فأقصد الإنترنت أو محلات صغيرة بحثاً عن ملابس أدنى ثمناً».
فبين أزمة القطاع العقاري وارتفاع البطالة بين الشباب من خريجي الجامعات، وصعوبة العثور على وظيفة، والمتاجر التي أغلقت خلال أزمة كوفيد، تدفع الأوضاع برمتها إلى الحد من الاستهلاك.
وقالت لي شاوجين، الموظفة البالغة 43 عاماً «لم نعد نسافر إلى الخارج لقضاء عطلة، نفضل الأماكن الأقرب مع عدد أقل من المحطات للحد من التكاليف».
غير أن بعض النفقات لا تزال خارج هذا التقشف، وقالت يو كي بهذا الصدد إن «آخر ما سنحدّ من الإنفاق عليه هو وسائل الترفيه للأطفال».
الاقتصاد يسير على مراحل
غير أن الكل يؤكد أنه أوقف كل النفقات الكبرى من طراز شراء ملك عقاري.
وأوضحت لي شاوجين «نعتقد أن الاقتصاد سيبقى في ركود لفترة طويلة، وبالتالي هناك قدر من التشاؤم.. الجميع يميل إلى التعامل مع أمواله بمزيد من الاحتراس وإلى الادخار»، مبدية أملها في «عالم يسوده المزيد من السلام» يكون «ملائماً أكثر للمبادلات الاقتصادية الهادئة»، في إشارة إلى التوتر السائد بين واشنطن وبكين.
غير أن معظم الصينيين يتمسكون بالتفاؤل على المدى البعيد، مؤكدين ثقتهم خصوصاً في الطاقات الصينية في مجال الإبداع.
ورأت لي شياوجينغ «حين كنت شابة عشرينية متخرجة في الجامعة كان النمو هائلاً، وبالتالي، إن سجَّل ركوداً أو تباطأ قليلاً الآن لفترة من الزمن فهذا ليس في غاية الخطورة» إذ إن الصين حققت تطوراً كبيراً خلال كل تلك السنوات.
ولفتت تشاو كينغ إلى أن «الاقتصاد يسير على مراحل، أحياناً يزدهر وأحياناً يراوح مكانه، الآن نحن في منخفض لكنني على ثقة بأن الوضع سيتحسن».