تمتلك شركات إدارة الأسهم كل ما يخص الاقتصاد، من المنازل العائلية ومتاجر التجزئة وشركات مستحضرات التجميل وصولاً إلى مرافق حيوية مثل المستشفيات.
من حيث الحجم، تضاعفت الأصول التي تسيطر عليها مجموعات مثل بلاكستون، وأبولو جلوبال مانجمنت، ومجموعة كارلايل أربع مرات منذ عام 2012، إلى نحو ثمانية تريليونات دولار.
ومع هذا النمو الهائل في حجم صناعة الأسهم الخاصة زاد حجم الديون التي استخدمتها الصناعة لشراء هذه الأصول، استغلالاً لعقد من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، وهكذا تحملت البنوك عبء إقراض صناديق الاستثمار التي تستحوذ على الشركات، والشركات المُستحوذ عليها، والشركات التي تدير عملية الاستحواذ، والمستثمرين الذين يدعمون العملية برمتها.
وستشكّل أسعار الفائدة المرتفعة ضغوطاً على المقترضين، ما يطرح سؤالاً مهماً: هل يمكن أن تشكّل صناعة الأسهم الخاصة خطراً على النظام المالي ككل؟
طبقات متراكمة من الديون
تقوم عمليات الاستحواذ على طبقات من الديون، حيث تستخدم صناديق الأسهم الخاصة أموال المستثمرين ومبالغ كبيرة من الديون للاستحواذ على الشركات، هذا أبسط شكل من أشكال الروافع المالية، ولكن على مر العقود تعقدت مسألة «الروافع».
في هذه المرحلة تكون قيمة الأسهم هي الضمان لسداد القرض، وقد بلغت فاتورة هذا النوع من الاقتراض 900 مليار دولار عام 2023.
يعتمد نموذج الاستحواذ بشكلٍ كبير على سوق نشطة لبيع وإدراج الشركات، وبالتالي يستطيع الصندوق التخارج من الشركة في وقت قصير واسترداد استثماراته وتوزيع الأرباح على المساهمين، ولكن التباطؤ الذي دام قرابة ثلاث سنوات في قطاع الاستحواذ جعل من الصعب إعادة البيع وإعادة النقود إلى المستثمرين، وبالتالي الاضطرار إلى الاقتراض لتمويل عمليات رد الأرباح.
وأدى التباطؤ الاقتصادي إلى ازدهار الصناديق المتخصصة التي تشتري حصصاً في شركات الأسهم الخاصة (في قطاعات معينة من المحفظة الإجمالية)، وغالباً ما يتم إطلاقها من قبل شركات أسهم خاصة أيضاً.
هذه الصناديق المتخصصة الجديدة «الثانوية» تستدين لتشتري حصة من إيرادات وأرباح صناديق الأسهم «الأساسية».
وماذا تفعل الصناديق الأساسية لسداد هذه الحصة؟
اضطرت الصناديق الأساسية للاستدانة لتمويل إيرادات وأرباح الصناديق «الثانوية» أو ما يسمى «إعادة رسملة الأرباح».
هذا شكل جديد من الاستدانة.
وتجاوزت ديون «إعادة رسملة الأرباح» 30 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وفقاً لبيانات من PitchBook، وهو ما يعادل تقريباً إجمالي «نوعية الديون نفسه» عام 2021.
ماذا عن الشركة المُستحوذ عليها؟ هي على الأغلب مديونة للبنوك، ويحاول البنك عادةً بيع هذه الديون، ولكن في حال الركود يضطر البنك إلى الاحتفاظ بالديون في انتظار سدادها.
في الوقت نفسه يمكن للصندوق اقتراض أموال من البنوك باستخدام حصصه في محفظة الشركات المستحوذ عليها كضمان أساسي، ما يطلق عليه تمويل «صافي قيمة الأصول».
بهذا تكون أصول الشركة ضمان لقرضين، ومن هنا جاء مصطلح «الرافعة المالية للرافعة المالية».
وقد قُدر تمويل «صافي قيمة الأصول» بنحو 100 مليار دولار في 2023.
ما يزيد الأمور تعقيداً أن مديري الصناديق و«الصناديق الثانوية» يمكن أن تقترض أيضاً بضمان حصتهم من رسوم الإدارة والأرباح المُحتملة «للشركات نفسها».
وهو القرض الثالث بضمان الأصل نفسه.
وليست البنوك وحدها هي التي تخدم صناعة الأسهم الخاصة، بل شهدت صناديق الائتمان الخاصة التي تقرض الصناديق ازدهاراً واضحاً في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت أصولها 1.7 تريليون دولار، ما يوفر سيولة ضخمة لطبقات الاقتراض المتراكمة.
وتستخدم صناديق الائتمان الخاصة أيضاً تسهيلات ائتمانية وخطوط تمويل من البنوك لتمويل أنشطة الإقراض الخاصة بها.
وهذه هي الطبقة الرابعة من القروض.
مخاوف متزايدة
ومع كل هذه الطبقات هناك القليل من الشفافية في سوق الائتمان الخاص، ولا يطلع على كل هذه التفاصيل إلّا مؤسسو الصناديق الاستثمارية، الأمر الذي يجعل المنظمين يشعرون بالقلق من تأثير أي صدمة اقتصادية على البنوك.
«لا ينبغي أن يكون هناك جزء في السوق يتشابك مع الكثير من قطاعات الاقتصاد بهذه الطريقة»، تقول فيكتوريا إيفاشينا، الأستاذة في كلية هارفارد للأعمال والمتخصصة في إدارة رأس المال الخاص، إن «الأمر قد يكون محفوفاً بالمخاطر أو قد لا يكون محفوفاً بالمخاطر، نحن لا نعلم».
وفي أبريل نيسان الماضي حذّر ناثانيال بنجامين، المسؤول في بنك إنجلترا عن استراتيجية الاستقرار المالي والمخاطر، من وجود تساؤلات حول مخاطر ترتيبات التمويل هذه، «الروافع المالية على الروافع المالية»، وأضاف بنجامين «أن غموض القطاع وتعقيده وترابطه جعل تقييم تطوراته أمراً صعباً، هذه التطورات يمكن أن تشكّل مخاطر على الاستقرار المالي».
وفي مراجعته للاستقرار المالي في مايو أيار، قال البنك المركزي الأوروبي إنه على الرغم من أن الأسواق الخاصة تتمتع بمستوى منخفض نسبياً من المخاطر في الإجمال، فإنها تتمتع أيضاً «بقدر من الغموض» وهو ما كان مصدراً للقلق، لأن «أي ضغط على الصناعة يمكن أن ينتشر عبر النظام المالي الأوسع».
(فايننشال تايمز)