وصل الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض في عام 2021 في وقت كانت فيه البلاد تمرُّ بفوضى وعدم يقين بسبب جائحة كورونا، استخدم بايدن خطاب تنصيبه للترويج للوحدة، آملاً في تقديم أمة «أقوى وأكثر ازدهاراً وجاهزة للمستقبل».
ومع ذلك، كما اعترف بايدن طوال فترة ولايته، لا يزال هناك عمل متبقٍ، قد تسقط هذه المهمة الآن على عاتق نائبة الرئيس كامالا هاريس التي سترث وعود بايدن الانتخابية بإعادة بناء الطبقة الوسطى، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز التصنيع المحلي، وتخفيض تكاليف الرعاية الصحية.
منذ أن بدأت هاريس حملتها الرئاسية، كانت هناك سلسلة من الأخبار الإيجابية للاقتصاد الأمريكي، أرقام الناتج المحلي الإجمالي القوية وأدلة على قدرة الولايات المتحدة على خفض التضخم دون التأثير السلبي على الاقتصاد تعزز فرص هاريس في إقناع الناخبين بمنحها البيت الأبيض في نوفمبر، وفي يوم الجمعة، تراجع مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي ليقترب من هدف البنك المركزي البالغ 2%، ما يعزز احتمالية خفض الفائدة في سبتمبر.
ستستفيد هاريس من الاقتصاد القوي نسبياً الذي ورثته عن بايدن، ومع ذلك، يبقى من أكبر تحدياتها تحسين التصورات السلبية التي يشعر بها الكثيرون تجاه الاقتصاد، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل حاد في السنوات الأربع الماضية، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التصورات ستتحسن بعد خروج بايدن من السباق الرئاسي.
التضخم وأسعار الفائدة واقتصاد مرن
عندما تولَّى بايدن منصبه، كان التضخم منخفضاً نسبياً، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 1.4% سنوياً، لكن الوضع سرعان ما تفاقم، بحلول يونيو 2021، قفز معدل التضخم إلى أكثر من 5%، وبعد عام، عقب غزو روسيا لأوكرانيا الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، بلغ التضخم 9.1%، وهو أعلى مستوى في أكثر من 40 عاماً، لكن جزءاً كبيراً من هذا التضخم كان نتيجة للإنفاق الكبير في ظل إدارات ترامب وبايدن بعد الجائحة.
قانون البنية التحتية
قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف، وقانون خفض التضخم، خصصا أكثر من 1.6 تريليون دولار لإعادة بناء وتحديث البنية التحتية، ودعم استثمارات الطاقة النظيفة، وتعزيز الصناعة الأميركية، على الرغم من أن تحقيق التأثير الكامل لهذه التشريعات قد يستغرق سنوات، فإن الاقتصاد الأميركي قد شهد بالفعل بعض التأثيرات القريبة، مثل ازدهار المنشآت الصناعية، وزيادة وظائف التصنيع، وبدء مشاريع بلدية جديدة لاستبدال الجسور وأنابيب الرصاص.
تعزيز الطاقة النظيفة وإنتاج النفط
ارتبط إرث بايدن في مجال الطاقة بشكل رئيسي بالطاقة النظيفة، وليس الوقود الأحفوري، وشمل قانون خفض التضخم لعام 2022 دعماً كبيراً للمركبات الكهربائية ومحطات الشحن، بينما كان يُنظر إليه في كثير من الأحيان على أنه معادٍ للنفط، حيث انتقد شركات النفط بسبب ارتفاع أسعار البنزين بعد غزو روسيا لأوكرانيا، سجل إنتاج النفط المحلي رقماً قياسياً في عام 2023 بمتوسط يومي قدره 12.9 مليون برميل، وهو الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة.
الصداقة مع العمل المنظم
وصفت نقابة AFL-CIO (الاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية) بايدن بأنه الرئيس الأكثر «دعماً للنقابات في حياتنا»، ودعمت إدارته النقابات في قضايا متعددة، حيث أصبح أول رئيس ينضم إلى صفوف الإضراب في إضراب عمال السيارات عام 2023.
كما ارتفعت عضوية النقابات وتنظيمها خلال فترة ولايته، وفازت النقابات بزيادة في الرواتب بنسبة مزدوجة لقرابة مليون عضو، لكن إدارته فرضت أيضاً عقوداً غير شعبية على نقابات السكك الحديدية؛ ما أثار قلق بعض حلفاء العمل.
تخفيف معاناة المستهلكين والعائلات وكبار السن
ركَّزت إدارة بايدن على توفير المساعدات للمستهلكين والعائلات، من خلال إلغاء ملايين من قروض الطلاب، وتقليص الرسوم المضللة، وتقديم المساعدات الاقتصادية خلال الجائحة عبر قانون خطة الإنقاذ الأميركية، شمل القانون توسيع الائتمان الضريبي للأطفال؛ ما قلَّص معدل فقر الأطفال في الولايات المتحدة بشكل كبير، كما خففت الإدارة من ديون قروض الطلاب لإتاحة التعليم العالي كوسيلة للارتقاء الطبقي، حتى الآن، ألغت الإدارة 168 مليار دولار من ديون قروض الطلاب لـ4.8 مليون أميركي.
الأجندة القوية ضد الاحتكار
قادت إدارة بايدن حملة تنظيمية ضد بعض أكبر الشركات الأميركية، خصوصاً شركات التكنولوجيا العملاقة مثل أبل وأمازون وميتا وغوغل، رفعت لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل دعاوى قضائية لمنع الاندماجات التي تعتبر غير تنافسية، على الرغم من بعض الهزائم في المحاكم، مثل محاولتها منع استحواذ مايكروسوفت على شركة أكتيفيجن بليزارد، فإن الجهود لا تزال مستمرة في محاولة للحد من الطمع الشركاتي الذي يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
سجل مختلط في قطاع التكنولوجيا
اتخذ بايدن موقف حماية تجاه صناعة التكنولوجيا، بما في ذلك حظر تطبيق تيك توك المملوك للصين، وتعزيز إنتاج الرقائق المحلية من خلال قانون CHIPS والعلوم، لكن استقباله في وادي السيليكون كان أقل وداً، حيث زادت إدارته من التدقيق في عمليات اندماج شركات التكنولوجيا الكبرى، على العكس، هاريس تسعى لتكون أول رئيسة من وادي السيليكون، وتلقى استقبالاً دافئاً من صناعة التكنولوجيا.
أعلى مستويات تاريخية لمستثمري الأسهم
في فترة ولاية بايدن، شهد سوق الأسهم تقلبات ملحوظة، في عام 2021، ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 27%، في عام 2022 تراجع بنسبة 19% بسبب رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، في عام 2023، قفز المؤشر بنسبة 24% بفضل طفرة الذكاء الاصطناعي، في عام 2024، ارتفع المؤشر بنحو 16%، مسجلاً مستويات قياسية جديدة، بفضل الأرباح القوية للشركات واستمرار طفرة الذكاء الاصطناعي.
(إليزابيث بوتشوالد وكريس إيزيدور وبريان مينا، وأليسون مورو CNN)