بعد ثلاثة أعوام من عودة حركة طالبان إلى سدة الحكم، لا يزال اقتصاد أفغانستان راكداً وسكانها يعانون من أزمة إنسانية متفاقمة.

    يعيش ثلث سكان أفغانستان البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة على الخبز والشاي، وفقاً للأمم المتحدة، ومعدلات البطالة مرتفعة للغاية، ويحذر البنك الدولي من نمو صفر في المئة على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

    ولكن هناك أيضاً بعض التغييرات الإيجابية خلال هذه السنوات الثلاث، على الرغم من عدم اعتراف أي دولة أخرى بحكومة طالبان، فسعر العملة أصبح مرناً، ولم يعد الفساد منتشراً بشدة، وتحسن تحصيل الضرائب، كما قامت السلطات ببناء علاقات «اقتصادية وتجارية واستثمارية» في المنطقة، وفقاً لأحمد زاهد، نائب وزير التجارة والصناعة.

    وتتمتع أفغانستان بثروات معدنية وزراعية كبيرة، وتحاول حكومة طالبان استغلالها، لكن هناك العديد من المعوقات أهمها البنية التحتية الضعيفة ونقص الخبرة وقلة رأس المال المحلي والأجنبي.

    ورغم ترحيب الأفغان بتحسن الوضع الأمني، فإن كثيرين منهم يحاولون فقط تلبية احتياجاتهم الأساسية.

    عزيز الله رحمتي، تاجر زعفران، تضاعف حجم شركته في ولاية هرات غرب أفغانستان منذ عام 2021، حيث استطاعت الشركة الاستغناء عن خدمات الحراسة المسلحة المرافقة لقوافل التوابل الثمينة من المصنع إلى المطار، بفضل تحسن الأوضاع الأمنية، وهكذا استطاع رحمتي التوسع في التصدير إلى 27 دولة.

    ورغم القيود التي فرضتها حكومة طالبان على النساء وأدت إلى خفض مشاركتهن في القوى العاملة، فإن شركة رحمتي من بين 50 في المئة من الشركات التي ما زالت توظف النساء.

    ولكن التحدي الرئيسي الذي يواجه رحمتي، وأفغانستان ككل، يتمثل في القطاع المصرفي المُعطل بسبب العقوبات الدولية وتجميد أصول البنك المركزي، لهذا لا يستطيع رحمتي إرسال الأموال إلى الخارج أو تلقي التحويلات عبر البنوك الأفغانية.

    ويمثل الحصول على تأشيرات للسفر إلى الخارج معوقاً كبيراً بعد أن أغلقت العديد من الدول الأجنبية سفاراتها في أعقاب سيطرة طالبان على السلطة،

    ويصنف مؤشر هينلي، الذي يقيس سهولة السفر على مستوى العالم، جواز السفر الأفغاني في المرتبة الأسوأ في العالم.

    وبسبب كل هذه العراقيل يتخوف رحمتي من الاضطرار إلى وقف التصدير إلى الأسواق العالمية.

    حظر العديد من الأنشطة

    حظرت حكومة طالبان العديد من الأنشطة، ومنها العروض العامة للموسيقى، واعتبرتها غير إسلامية، كما أمرت بإغلاق صالونات التجميل، ما أدى إلى إفقار الآلاف من المشاركين في هذه الأنشطة.

    تحول وحيد نكزاي لوجاري من العزف في الأوركسترا الوطنية الأفغانية إلى العمل كسائق سيارة أجرة، ليتراجع دخله بنسبة 80 في المئة إلى نحو 70 دولاراً شهرياً، ويشكو لوجاري «لم يقل لنا أحد: لا يمكنكم عزف الموسيقى، لكننا سنجد لكم طريقة لإطعام أسركم».

    وقررت إحدى السيدات إعادة افتتاح صالون التجميل الخاص بها «سراً»، لكن الصالون السري لا يستقبل العدد نفسه، «في السابق كان لدينا 30 إلى 40 زبوناً يومياً، والآن أصبح العدد ستة أو سبعة»، ما أدى إلى انخفاض راتب السيدة، التي رفضت ذكر اسمها، إلى النصف، من 25 ألف أفغاني شهرياً (353 دولاراً) إلى ما بين 8 آلاف و12 ألفاً.

    (أ ف ب)