منذ أوائل التسعينيات، أظهرت تايلاند نمواً اقتصادياً ملحوظاً، ما جعلها واحدة من أبرز النمور الآسيوية في الاقتصاد العالمي، هذا التحول الكبير لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الاستراتيجية التي قادتها البلاد، وتطوير بنيتها التحتية، وتعزيز صناعاتها الرئيسية.
بدأت قصة النمو القوي لتايلاند في أواخر الثمانينيات والتسعينيات، عندما تبنت سياسات تصنيعية وتصديرية قوية مكنت الاقتصاد من تحقيق تقدم سريع مع زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحسين بيئة الأعمال، إذ شهدت البلاد نمواً اقتصادياً سريعاً وتوسّعاً في قطاعات التصنيع والخدمات.
ومع ذلك، لم تكن رحلة النمر التايلاندي خالية من التحديات؛ فقد واجهت تايلاند أزمات اقتصادية، بما في ذلك الأزمة المالية الآسيوية في 1997، التي أثرت بشكل كبير على النمو.
ومع ذلك، تمكنت تايلاند من التعافي بسرعة بفضل إصلاحاتها الهيكلية وتعزيز الشفافية المالية.
اليوم، تحت قيادة رئيسة الوزراء الجديدة بايتونغتارن شيناواترا، تستعد تايلاند لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادي؛ مع التركيز على الابتكار، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الاستثمارات، فإن تايلاند تسعى لتوسيع دورها كمركز اقتصادي رئيسي في المنطقة، ما يعزز مكانتها كأحد أبرز النمور الآسيوية.
في 16 أغسطس آب 2024، أصبحت بايتونغتارن شيناواترا، زعيمة حزب «بويا تاي»، رئيسة الوزراء الجديدة لتايلاند بعد فوزها في تصويت البرلمان التايلاندي لاختيار رئيس الوزراء الجديد، لتصبح شيناواترا أصغر من يشغل المنصب في تاريخ البلاد.
ويأتي انتخاب شيناواترا في وقت حاسم إذ تسعى تايلاند لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز دورها في التجارة الدولية.
أجندة شيناواترا الاقتصادية
تعهدت شيناواترا بزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، وتعزيز الابتكار، وتطوير نظام التعليم، كما تركز على تعزيز الشفافية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال.
وتسعى شيناواترا إلى زيادة الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية الكبرى لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.
وتشمل هذه المشاريع تحسين شبكات النقل والطاقة والمرافق العامة.
وستعمل على تعزيز قطاع التكنولوجيا والابتكار، بما في ذلك دعم الشركات الناشئة والتكنولوجيا الحديثة لزيادة القدرة التنافسية لتايلاند على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
كما تركز شيناواترا على الإصلاحات المالية، حيث ستعمل على تعزيز الشفافية في النظام المالي والإداري لتقليل الفساد وتعزيز الثقة في المؤسسات الحكومية.
كما ستعمل على تبسيط الإجراءات الإدارية والتقليل من البيروقراطية لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية.
الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية
تعهدت شيناواترا بتحسين نظام التعليم من خلال التركيز على المهارات التقنية وتعليم الابتكار لتجهيز الأجيال القادمة لمتطلبات سوق العمل المتغير.
وأكد أنها ستعمل على تحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية وتعزيز جودة الرعاية الصحية في البلاد.
وشددت شيناواترا على تنفيذ سياسات لدعم الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع وتقليل الفجوة الاقتصادية بين المناطق الحضرية والريفية.
وبالنسبة للتجارة الدولية والتكامل الإقليمي، تسعى شيناواترا إلى تعزيز الروابط التجارية مع الشركاء الدوليين وزيادة الصادرات التايلاندية من خلال التفاوض على اتفاقيات تجارة جديدة وتوسيع الأسواق.
الاقتصاد التايلاندي
وفقاً لبيانات البنك الدولي، سجلت تايلاند نمواً اقتصادياً بنسبة 4.0% في عام 2023، بعد فترة من التعافي من تأثيرات الجائحة والأزمة الاقتصادية العالمية.
قامت تايلاند بإصلاحات اقتصادية منذ الأزمة المالية 1997، بما في ذلك تحسين النظام المصرفي وتعزيز الشفافية في الأسواق المالية؛ هذه الإصلاحات ساعدت في تحقيق استقرار اقتصادي ونمو مستدام، وفقاً لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وأسهمت الصناعات التحويلية في تعزيز النمو الاقتصادي في تايلاند، مع نمو قدره 5.2% في قطاع التصنيع في عام 2023، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الوطني التايلاندي.
التجارة الدولية
تعتبر تايلاند واحدة من أكبر اقتصادات التصدير في المنطقة؛ ففي عام 2023 حققت البلاد صادرات بقيمة 290 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 8% مقارنة بالعام السابق، بحسب بيانات وزارة التجارة التايلاندية.
وشهدت تايلاند زيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات 15 مليار دولار أميركي في عام 2023، بزيادة 10% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لوكالة ترويج الاستثمار التايلاندية.
وتسعى الحكومة إلى تعزيز قطاع التكنولوجيا والابتكار، مع تركيز على تطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير الحوافز للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وفقاً لما ذكرته وزارة الاقتصاد الرقمي والمجتمع في تايلاند.