تبدأ من 80 ألف جنيه وتصل إلى 350 ألف جنيه في العام الدراسي الواحد، هذا هو المبلغ الذي تدفعه الأسرة المصرية لدراسة طالب واحد لعام واحد بإحدى الجامعات الخاصة المنتشرة في مصر.
71 في المئة هو كل ما تحصل عليه أسامة في الثانوية العامة المصرية ولا يعرف في أي جامعة سيدرس، فربما سيحظى بمقعدٍ في صفوف كلية التجارة في إحدى المدن البعيدة عن القاهرة أو أقل حسب ما تستقر عليه ترشيحات مكتب التنسيق بالقبول بالجامعات.
يحاول أسامة إقناع والديه بدراسة علوم الحاسوب والبرمجة والذكاء الاصطناعي بإحدى الجامعات الخاصة الواقعة بمدينة السادس من أكتوبر إلى الغرب من العاصمة المصرية، لكن سيتطلب هذا ضخ نحو 80 ألف جنيه في العام رسوماً دراسية، وهو ما تستطيع الأسرة تدبره ولكن بصعوبة.
أسامة ليس الوحيد الذي وجد نفسه في هذا الوضع، فإعلان نتيجة الثانوية العامة يأتي تحت عنوان معضلة «تكون أو لا تكون» كما يحلو للعائلات في مصر تسميتها، إذ تستقبل الجامعات الخاصة والأهلية والأجنبية نحو 12 في المئة من الطلاب الناجحين في الثانوية العامة أو الحاصلين على درجة البكالوريا.
وبدأت الجامعات الخاصة في مصر عام 1994 بإنشاء جامعة 6 أكتوبر، وقبل 30 عاماً كانت هي الجامعة الخاصة الوحيدة، إلى أن وصل عددها اليوم إلى 34 جامعة خاصة.
ويجري الكثير من الطلاب وراء حلم دراسة الطب، فشريف الذي حصل على 80 في المئة يحاول الالتحاق بكلية الطب في إحدى جامعات غرب القاهرة الفخمة التي تدرس مناهج جامعة تكساس بالولايات المتحدة، والمصاريف تبلغ 280 ألف جنيه في العام الواحد أي نحو 5500 دولار أميركي.
وقال الخبير بمركز البحوث التربوية في مصر كمال مغيث في اتصالٍ مع CNN الاقتصادية «إن انتشار الجامعات الخاصة هو الامتداد الطبيعي لانتشار المدارس الخاصة في مصر، وإن البداية كانت في منتصف التسعينيات بعد تبني قانون الجامعات الأهلية عام 1992».
وكان ما سُمي بقانون الجامعات الأهلية بمثابة أولى خطوات مصر في التحول من النظام الاشتراكي إلى الاقتصاد الحر، إذ كانت مصر «دولة اشتراكية» بموجب دستور عام 1971 الذي تبناه الرئيس المصري السابق أنور السادات، ثم بدأت موجات خصخصة الشركات، ثم تبنت مصر تعديلاً دستورياً عام 2005 يحذف من دستور عام 1971 المواد والفقرات الخاصة باشتراكية الدولة في مصر.
وتبلغ ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نحو 117 مليار جنيه في مصر، 76 مليار جنيه منها مخصصة لتمويل 27 جامعة حكومية تنتشر في أغلب أنحاء مصر.
ولدى أستاذ النقد بكلية الآداب جامعة عين شمس إيمان عز الدين تجربة قصيرة في التدريس في إحدى الجامعات الخاصة تعود إلى فترة انتشار جائحة كورونا.
وقالت عز الدين في اتصالٍ مع CNN الاقتصادية «إنه على الرغم من مرور نحو 30 عاماً على بداية العمل في أول جامعة مصرية خاصة، فإن التجربة لم تكتمل بعد كي تقيم بشكلٍ موضوعي، وأن المستويات التعليمية متفاوتة جداً في الجامعات الخاصة، فهناك جامعات ذات مناهج تدريس جيدة وهناك جامعات لا ترتقي إلى المستوى الأكاديمي المطلوب».
وأضافت عز الدين أن طلاب الجامعات الخاصة في مصر «يختلفون في أمور عدة ولكن النقطة الوحيدة التي يجتمعون فيها هي قدرة ذويهم على دفع المصروفات والنفقات».
يصل عدد الجامعات الخاصة في مصر إلى 34 جامعة، بينما وصل عدد الجامعات الأهلية إلى 20 جامعة، فيما يبلغ عدد الجامعات المصرية الحكومية 27 جامعة لا تضم جامعة الأزهر التي تؤول أمورها إلى مشيخة الأزهر، بينما تتمتع الجامعة الأميركية بالقاهرة بوضع مستقل.
بلغ عدد الطلاب الجامعيين في مصر في العام الدراسي الماضي نحو 3.7 مليون طالب بحسب المجلس الأعلى للجامعات 12 في المئة منهم يدرسون في الجامعات الخاصة وبحسب إحصائيات مؤسسة تعليم 30 في المئة من الأسر المصرية تستطيع مجابهة مصروفات الدراسة في الجامعات الخاصة.
في النهاية تعتبر الدراسة في الجامعات الخاصة بمثابة خيار أو ملاذ مقبول لعدد من الأسر المصرية لتمكين أبنائهم من إتمام دراستهم الجامعية ولاعب يسهم في تقليل عدد الملتحقين بالجامعات الحكومية ما سيؤدي ربما إلى تقليل الاكتظاظ بقاعات المحاضرات ورفع جودة التعليم العالي الممول من الدولة.