تتجه أنظار العالم إلى قاعة جاكسون هول بولاية وايومنغ على مدار الأيام الثلاثة المقبلة، حيث يلتقي كبار خبراء الاقتصاد من مختلف أنحاء العالم ويختلطون بالمراسلين والمستثمرين المتعطشين للحصول على أدلة حول التوقعات الاقتصادية، والأهم الاستماع إلى خطاب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي من المقرر أن يُلقيه يوم الجمعة في تمام الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، في توقيت شديد الأهمية للاقتصاد الأميركي والعالمي.

في الشهر الماضي، قفز معدل البطالة في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع إلى 4.3 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2021، وفي الوقت نفسه، وظف أصحاب العمل 114 ألف عامل جديد فقط في يوليو، وهو ثاني أدنى مستوى شهري منذ ديسمبر 2020، وأثارت تلك البيانات المخيبة للآمال بعض المخاوف من أن الاقتصاد قد يدخل قريباً في حالة ركود، أو الأسوأ من ذلك: أن يكون بالفعل في حالة ركود.

وقد عرض ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي لكمية كبيرة من الانتقادات لقراره بعدم خفض أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير، والذي عُقد قبل يومين فقط من صدور تقرير الوظائف لشهر يوليو.

الآن مع تباطؤ سوق العمل وانخفاض التضخم قليلاً، ليقترب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة، من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في سبتمبر، لكن بعض خبراء الاقتصاد قلقون من أن محافظي البنوك المركزية انتظروا لفترة طويلة، وأن مزيداً من التأخير قد يؤدي إلى تفاقم ضعف سوق العمل.

وبسبب ذلك، يعتقد عدد متزايد من المستثمرين الآن أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يختار خفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية الشهر المقبل بدلاً من الخفض المعتاد بربع نقطة مئوية، وفقاً لبيانات العقود الآجلة لصناديق بنك الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى ذلك، رفعت البيانات الضعيفة احتمالات قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة أكثر من مرة هذا العام.

كيف تتفاعل الأسواق مع خطابات جاكسون هول؟

في العام الماضي، فسر المستثمرون تصريحات باول في جاكسون هول على أنها إشارة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي انتهى من رفع أسعار الفائدة.

وقتها ارتفعت الأسواق، وأضاف مؤشر داو جونز 241 نقطة، أو 0.7 في المئة، وانتهى الأمر إلى تأكيد صحة تفسير المستثمرين، حيث لم يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة منذ يوليو تموز الماضي.

على العكس من ذلك حصل خطاب باول الرئيسي في جاكسون هول لعام 2022 على رد فعل سلبي تماماً، حين أكد باول إصراره على خوض معركته ضد التضخم دون أي اعتبار لآلام الأسر والشركات من رفع تكلفة الاقتراض.

يومها أغلقت مؤشرات داو جونز الصناعي وستاندرد آند بورز 500 وناسداك المركب، جميعها، منخفضة بنسبة 3 في المئة على الأقل.

تلا ذلك الاجتماع ارتفاعان في أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة.

معدل خفض أسعار الفائدة

يتوقع خبراء الاقتصاد أن يتبنى خطاب باول لهجة تميل إلى التيسير وتدعم خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد، بدلاً من التركيز على كبح التضخم.

وتوقع خبراء اقتصاد في سيتي جروب في مذكرة، أمس الأربعاء، أن يتم خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في اجتماع سبتمبر أيلول، ثم نصف نقطة أخرى في اجتماع نوفمبر تشرين الثاني.

ويتوقع خبراء الاقتصاد في غولدمان ساكس أن يعرب باول عن «مزيد من الثقة في آفاق التضخم في المستقبل»، وربما يعلن أن المسؤولين منتبهون بشدة إلى بيانات سوق العمل مع الإشارة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي «في وضع جيد لدعم الاقتصاد إذا لزم الأمر».

وقال خبراء الاقتصاد في غولدمان ساكس في مذكرة في وقت سابق من هذا الأسبوع إن تعليقات مثل هذه من شأنها أن تعزز التوقعات بالخفض في سبتمبر ولكنها ستبقي مسألة «معدل» خفض أسعار الفائدة «دون تحديد»، حتى صدور تقرير الوظائف عن شهر أغسطس، والمقرر صدوره في السادس من سبتمبر.

وفي حين أنهم لا يتوقعون أن يقول باول أي شيء يوحي بأن مستوى السعر الحالي «غير مناسب» في ضوء التقدم المحرز في كبح التضخم، ولكن إذا فعل ذلك ستزيد احتمالات خفض أكبر في سبتمبر ومزيد من التخفيضات في الاجتماعات المستقبلية.