يقترن مصطلح «الأموال السوداء أو المظلمة» بممارسات غير قانونية، بينما يمكن تعريفها سياسياً بوصفها أموالاً تضخ في حملات الانتخابات الأميركية من قبل مانحين أو منظمات مجهولة، ما يسلط الضوء على ماهية هذه الأموال وكيفية تأثيرها على السباق للبيت الأبيض.

ويمكن وصف الأموال المظلمة بأنها إنفاق مجهول المصدر من قبل المنظمات غير الربحية مثل منظمات الرعاية الاجتماعية (501 سي 4) والنقابات (منظمات 501 سي 5)، واتحادات التجارة (منظمات 501 سي 6)، إذ يمكن لهذه المنظمات تلقي تبرعات غير محدودة من الشركات والأفراد والنقابات دون الإفصاح عن الجهات المانحة لها، ومن ثم توجيه هذا الإنفاق للتأثير على المسار السياسي على نحو خفي.

ويمكن أن يكون للأموال السوداء تأثير كبير على الانتخابات، وهو ما ظهر بوضوح على مدار الدورات الانتخابية الأخيرة، ويبرز من جديد في سباق الانتخابات الأميركية لعام 2024.

الأموال المظلمة في انتخابات 2024

برز دور الأموال السوداء بشكل متسارع بدعم من بعض قرارات المحكمة العليا الأميركية العليا، ومنها حكم المحكمة بالأغلبية في قضية منظمة سيتيزنز يونايتد غير الربحية ضد لجنة الانتخابات الفيدرالية، بأن الشركات والنقابات تستطيع إنفاق مبالغ غير محدودة سواء لدعم أو التصدي للمرشحين السياسيين.

أدى هذا القرار إلى ظهور منظمات غير ربحية نشطة سياسياً في وقت لاحق، وبخاصة من منظمات الرعاية الاجتماعية (501 سي 4)، ما أسهم في قفزة في حجم الأموال السوداء من أقل من 5.2 مليون دولار في عام 2006 إلى ما يزيد على 300 مليون دولار في الدورة الرئاسية لعام 2012، وأكثر من 174 مليون دولار في انتخابات التجديد النصفي في عام 2014.

ويكشف تحليل جديد لمنصة أوبن سيكرتس OpenSecrets أن «الأموال السوداء» والشركات الوهمية توجه المزيد من الأموال من مصادر غير معلنة إلى الانتخابات بين عامي 2023 و2024 أكثر من أي دورة سابقة.

على سبيل المثال، ضخت الشركات الوهمية ومجموعات الأموال السوداء في عام 2023 وحده أكثر من 162 مليون دولار في المجموعات السياسية مثل لجان العمل السياسي الكبرى، ارتفاعاً من 106.2 مليون دولار في هذه المرحلة من دورة منتصف المدة 2022 و66.6 مليون دولار في دورة 2020، ما يضع انتخابات 2024 على المسار الصحيح لتحقيق رقم قياسي جديد.

وبحسب توقعات التحليل، قد يتجاوز إجمالي المساهمات من مجموعات الأموال السوداء في عام 2024 المبلغ المقدر بما يقرب من 660 مليون دولار من المساهمات في انتخابات 2020، وهي الدورة التي اجتذبت أكثر من مليار دولار من إجمالي الأموال المظلمة عند احتساب الإنفاق الإعلاني السياسي بجانب المساهمات.

الحزب الديمقراطي: المستفيد الأكبر

طالما أعرب الحزب الديمقراطي عن انتقاده لتدفق الأموال السوداء في المشهد السياسي داخل الولايات المتحدة، ومع ذلك يظهر تحليل أوبن سيكرتس أن الدورة الانتخابية لعام 2024 في طريقها لأن تكون الدورة الرابعة على التوالي التي يستفيد فيها الديمقراطيون من الأموال المظلمة أكثر من الجمهوريين، رغم أن الكثير يمكن أن يتغير خلال عام الانتخابات.

بدأ هذا الاتجاه خلال دورة منتصف المدة لعام 2018 عندما تجاوز إنفاق مجموعات الأموال السوداء الديمقراطية نظيرتها الجمهورية لأول مرة، ثم أبلغت اللجان السياسية الليبرالية عن نحو 318 مليون دولار من المساهمات السياسية من مجموعات الأموال السوداء والشركات الوهمية خلال دورة منتصف المدة في 2022، مقابل 263 مليون دولار من الجانب الجمهوري.

وبحلول مارس آذار 2024، أبلغت لجان العمل السياسي الكبرى واللجان السياسية الأخرى الداعمة للديمقراطيين عن نحو 85 مليون دولار من المساهمات السياسية من مجموعات الأموال السوداء والشركات الوهمية خلال دورة 2024، بينما أبلغت اللجان السياسية الداعمة للجمهوريين عن نحو 74 مليون دولار.

على جانب آخر، يبرز الإنفاق المتزايد أيضاً من قبل داعمي الحزب الجمهوري في الأشهر الأخيرة، ومع توقع أن تكون الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بمثابة مواجهة أخرى بين الحزبين، فمن المرجح أن يستمر الإنفاق الخارجي والأموال المظلمة في التدفق، وربما تكون أحد الأسباب في تحديد مصير الانتخابات الأميركية.