في حدث يعكس عمق العلاقات الثنائية بين الإمارات والهند، وصل الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، إلى العاصمة الهندية نيودلهي في زيارة رسمية، هذه الزيارة لم تقتصر على الجوانب البروتوكولية فحسب، بل شهدت استقبالاً عاماً امتد إلى الشوارع والميادين، ما يُبرز أهمية هذه الزيارة التي تتصدرها الملفات الاقتصادية.
قبل وصول الشيخ خالد بن محمد بن زايد إلى نيودلهي، امتلأت الشوارع والميادين بلافتات ترحيب بزيارته، بعضها تحمل صورته فقط، والبعض الآخر يحمل صورته مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
ولدى وصول ولي عهد أبوظبي المطار، كان في مقدمة مستقبليه بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة الهندي، حيث جرت مراسم رسمية لاستقبال الشيخ خالد بن محمد بن زايد، وتمَّ خلالها عزف السلامين الوطنيين لكل من دولة الإمارات والهند.
وصافح الشيخ خالد بن محمد بن زايد عدداً من كبار الشخصيات والمسؤولين في الحكومة الهندية، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، والدكتور عبدالناصر جمال الشعالي، سفير الإمارات لدى الهند.
ويُرافق الشيخ خالد بن محمد بن زايد، خلال زيارته الرسمية إلى الهند، وفد رسمي يضم الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ومحمد حسن السويدي، وزير الاستثمار، وخلدون خليفة المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، وأحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية- أبوظبي، وسيف سعيد غباش، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.
البعد الاقتصادي للزيارة
تشير مشاركة مثل هذا الوفد الإماراتي الرفيع في الزيارة، بشكل واضح إلى الأولويات الاقتصادية والاستثمارية التي تتصدر جدول أعمال هذه الزيارة، خاصة في ظل وجود شخصيات مثل الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، ومحمد حسن السويدي وزير الاستثمار، وأحمد جاسم الزعابي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية– أبوظبي، وهو ما يعكس تركيز الإمارات على تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والصناعة والاستثمار مع الهند.
تعزيز التعاون في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة
مشاركة الدكتور سلطان بن أحمد الجابر الذي يرأس وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، تعكس أهمية ملف الشراكات في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والصناعة الرقمية.
فالهند تعد من أسرع الاقتصادات نمواً في مجالات التكنولوجيا، وهناك فرص كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والابتكار الصناعي، ويتوقع أن يتم مناقشة إنشاء مشاريع مشتركة أو استثمارات إماراتية جديدة في هذا المجال داخل الهند.
التوسع في الاستثمارات الثنائية
يعد ملف الاستثمارات الثنائية مطروحاً بقوة خلال الزيارة، فقد تجاوزت الاستثمارات الإماراتية في الهند 16.2 مليار دولار خلال الفترة من 2019 حتى 2023، فيما بلغت الاستثمارات الهندية في الإمارات نحو 7.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
وأهم قطاعات الاستثمارات الإماراتية في الهند هي الطاقة المتجددة والمعادن والبرمجيات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والمواد الكيميائية وتصنيع المعدات الأصلية للسيارات.
ومن المتوقع بحث فرص الاستثمار في الهند، خصوصاً في البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، إذ تعد الهند سوقاً ضخمة وواعدة للشركات الإماراتية، ومع ازدهار القطاعات المختلفة في الهند، قد يتم الاتفاق على مشروعات استثمارية مشتركة لزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة.
التعاون في التجارة
الهند هي أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للإمارات، ويتوقع أن يتجاوز التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين الـ100 مليار دولار بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن يتم خلال الزيارة بحث سبل تعزيز التجارة البينية.
وارتفع إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين بنسبة 3.94% من 51.4 مليار دولار في عام 2022 إلى 53.4 مليار دولار في عام 2023.
وقد تشمل المناقشات المحتملة زيادة حجم الصادرات الإماراتية إلى الهند، خاصة في مجالات النفط، والبتروكيماويات، والمنتجات الغذائية، كما قد يتم مناقشة إزالة العقبات الجمركية أو تحسين سلاسل التوريد بين البلدين لتعزيز حركة التجارة.
التعاون في مجال الطاقة المتجددة
الإمارات تُعد من الدول الرائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة، ومع توجه الهند نحو زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، تظل المحادثات الثنائية حول تعزيز التعاون في هذا القطاع مطروحة خلال الزيارة.
والهند لديها خطط طموحة لتوسيع اعتمادها على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو مجال تتفوق فيه الشركات الإماراتية، ويظل وجود تعاون في تمويل مشروعات الطاقة المتجددة أو بناء محطات طاقة في الهند بتمويل إماراتي مطروحاً.
دور أبوظبي كمركز مالي دولي
مشاركة أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، تشير إلى احتمالية مناقشة تعزيز التعاون المالي والاقتصادي بين البلدين.
أبوظبي تُعد مركزاً مالياً عالمياً، وقد تجذب الشركات الهندية للاستفادة من البنية التحتية المالية المتقدمة في الإمارات.
ويمكن أن يتم التفاوض على فتح مزيد من فروع البنوك الإماراتية في الهند أو تأسيس شركات مالية مشتركة لدعم الاستثمارات المتبادلة.
ويبدأ الشيخ خالد بن محمد بن زايد، اليوم الأحد 8 سبتمبر أيلول 2024 الجاري، زيارة رسمية إلى الهند، يلتقي خلالها رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في العاصمة نيودلهي، ويبحث خلال الزيارة مع كبار المسؤولين في الهند سُبل تعزيز فرص التعاون المشترك في القطاعات الحيوية الاقتصادية المختلفة، والبناء على ما وصلت إليه العلاقات الاستراتيجية من تطور خلال الفترة الماضية، بما يخدم المصالح المشتركة ويعود بالخير والنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.
تمثل الزيارة خطوة جديدة ومهمة في مسار تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين التي باتت نموذجاً دولياً يُحتذى في التعاون البناء في المجالات، لا سيما التعاون الاقتصادي، وتحفيز الاستثمارات، والتجارة البينية، وتعزيز التنمية المستدامة، ومواجهة تحديات التغير المناخي، ودعم الاستقرار والسلام العالمي.