بات اختيار وجبة الغداء أمراً صعباً بالنسبة لنرمين السيد، ربة منزل مصرية، بفعل الارتفاع الشديد في أسعار الطعام وقفزة التضخم التي تعاني منها مصر حالياً.
نرمين، التي تعمل مدرّسة والأم لطفلين، تقول لـ «CNN الاقتصادية» «كل السلع الضرورية ارتفعت بشكل كبير من طعام وشراب، مما يجعل من الصعب أن نقرر ماذا سنأكل كل يوم. فالحياة أصبحت مكلفة، بدءاً من اللحوم إلى الأرز والمعكرونة وحتى الخبز..».
تسجل زيادة الأسعار في مصر مستويات مرتفعة، إذ بلغ معدل التضخم السنوي في المدن 21.3 في المئة خلال ديسمبر كانون الأول، وهو أعلى مستوى منذ نهاية عام 2017.
فيما سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعاً بنسبة 37.9 في المئة خلال ديسمبر كانون الأول مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي.
ومنذ أكتوبر تشرين الأول، يسجل التضخم في مصر ارتفاعاً متتالياً مع تراجع الجنيه مقابل الدولار وتسجيله مستويات قياسية.
وأقدمت مصر على خفض الجنيه أكثر من مرة خلال العام الماضي في مارس آذار وأكتوبر تشرين الأول، كما شهد شهر يناير كانون الثاني الجاري تراجعاً جديداً ليتخطى في بعض الأيام حاجز الـ30 جنيهاً للدولار الواحد.
لماذا الارتفاع؟
لا يبدو أن ثمة تراجعاً تلوح في الأفق بالنسبة للتضخم في مصر خلال الأشهر المقبلة، إذ استبعدت رئيسة بعثة صندوق النقد في مصر، إيفانا هولر، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، تراجع ذروة التضخم في مصر قبل عامين من الآن. كما تشير أوراق قرض مصر مع الصندوق إلى أن الحكومة المصرية تتوقع أن يبقى التضخم مرتفعاً على المدى القريب.
وتوقعت الحكومة المصرية أن يبقي ارتفاع أسعار السلع المستوردة وانخفاض سعر الصرف، التضخم مرتفعاً على المدى القريب.
وهو ما تراه ورقة بحثية لـ«أس أند بي غلوبال ماركت انتليجنس»، إذ تتوقع أن يزداد التضخم سوءًا في مصر، حيث سيستمر ضعف سعر الصرف والاحتمال القوي لرفع أسعار الوقود محلياً في ممارسة ضغوط على التضخم، وهو ما يؤثر على الإنفاق الاستهلاكي.
وتتوقع الورقة البحثية أن يبلغ معدل التضخم السنوي 25 في المئة في الربع الأول من العام الجاري على أن يظل مرتفعاً لينهي العام عند ما بين 17.5 و18 في المئة.
وتذهب توقعات رئيسة قسم البحوث في «زيلا كابيتال» للاستشارات الاقتصادية آية زهير، لتكون مماثلة. إذ تشير إلى أن معدل التضخم السنوي في المدن المصرية قد يبلغ 25 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري.
وردّت في تصريح لـ«CNN الاقتصادية» السبب في ذلك إلى التذبذب في سعر صرف الدولار والذي «سيبقى مستمراً». كما أنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الوقود محلياً خلال الفترة المقبلة بين 7 و8 في المئة وهو ما سيؤثر على التضخم.
ومن المقرر أن تعلن لجنة التسعير التلقائي للوقود في مصر خلال أيام أسعاراً جديدة للوقود، إذ تقدم على تغيير السعر كل ثلاثة أشهر واضعة في اعتبارها أسعار البترول العالمية وسعر الصرف المحلي.
يذكر أن الحكومة المصرية تعهدت في أوراق قرضها الأخير مع صندوق النقد، بإخضاع أسعار الوقود لحركة الأسعار العالمية، واشارت إلى أنها أبقت الأسعار المحلية العام الماضي منخفضة رغم صعود السعر عالمياً، إلا أنها ستعود لتحديد أسعار الوقود محلياً وفقًا لآلية التسعير التلقائي التي تعتمدها.
ويخطط البنك المركزي لاستهداف معدلات تضخم منخفضة على المدى البعيد لتبلغ بين خمسة وتسعة في المئة في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى ثلاثة وسبعة في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
لكن الورقة البحثية لـ«أس أند بي غلوبال ماركت انتليجنس» ترى أن هذه الأهداف تبدو بعيدة عن كونها قابلة للتحقيق على المدى القريب.
لا تفهم نرمين السيد في لغة الأرقام والمستهدفات، وكل ما تريده أن تفي بالتزامات عائلتها. «أعمل في وظيفتين وزوجي لديه معاش تقاعدي، وفي المقابل لدي قروض وأقساط جامعة ومصروفات المنزل وأخشى ألا استطيع الوفاء بها في ظل الزيادات المتلاحقة في الأسعار»، قالت.