بلغ إجمالي الأصول المالية الخاصة بالأسر في العالم نحو 239 تريليون يورو في نهاية عام 2023 مسجلة نمواً ملحوظاً عن العام قبل الماضي بنسبة 7.6 في المئة مقارنة بخسائر شهدها العام 2022 الذي تراجع نمو الأصول فيه بنسبة 3.5 في المئة.
وطال النمو ثلاث فئات رئيسية في الأصول المالية مع تفاوت لافت لكل منها، ففي حين استفادت الأوراق المالية (بنسبة +11.0%) والتأمين/ المعاشات (+6.2%) من ازدهار سوق الأوراق المالية وارتفاع أسعار الفائدة، الذي حقق أعلى متوسط نمو له خلال السنوات العشر الماضية انخفض نمو الودائع المصرفية بعد سنوات الطفرة المرتبطة بالجائحة، إلى 4.6%، ويعتبر ذلك من أقل الزيادات في السنوات العشرين الماضية.
جاء ذلك في تقرير أليانز Allianz لتوزيع الثروات العالمية للعام الحالي الذي وصف السنوات الثلاث الماضية بالضائعة بالنسبة للمدخرين نتيجة المستويات المؤلمة من التضخم.
تركز في الثروات
خلص التقرير إلى أن معدل تركز الأصول المالية لا يزال عالياً على نطاق عالمي، إذ يستحوذ على 10 في المئة -أي 570 مليون شخص- من سكان العالم على لقب الأغنياء بمتوسط صافي الأصول المالية بلغ 273.850 يورو، وتصل نسبة التملك الجماعي لهذه الأصول إلى 85.7 في المئة من إجمالي صافي الأصول المالية في 2023، ولو أن هذه الحصة انخفضت عن مثيلتها خلال العقدين الماضيين عندما وصلت إلى 91.9 في المئة إلا أن التقرير اعتبر أن مستوياتها لا تزال عالية عن المتوسط الوطني الذي كان يبلغ نحو 61.1 في المئة لجميع البلدان.
ولكن ما أظهرته أرقام التقرير كان بشارة للاقتصادات الناشئة وأصحاب الثروات المتوسطة التي يبدو أنها تحجز مكاناً لها على طاولة الثروات.
وأفاد التقرير بأن عدد أعضاء الطبقة المتوسطة ارتفع خلال العقدين الماضيين من 34 في المئة إلى 78 في المئة (850 مليون شخص).
واعتبر التقرير أن مشاركة الاقتصادات الناشئة بشكل متزايد في الرخاء العالمي هو أمر بالغ الأهمية بعد أن كانت نسب مشاركتها لا تتعدى الواحد في المئة سابقاً، ولفت التقرير إلى أن ثلث مالكي الأصول المالية مصدرهم اليوم الصين وكل واحد من أربعة يأتون من آسيا.
أما على المستوى الوطني فلم تتغير خارطة توزيع الثروات كثيراً، فبالرغم من ازدياد الأغنياء ثراءً، فإن الفقراء لا يزدادون فقراً كما نسب في التقرير.
وظلت الطبقة الوسطى مستقرة في حجمها في الغالبية العظمى من البلدان الأمر الذي يوافق بين إطلاق العنان لقوى النمو والتوزيع العادل للثروات.
ولفت التقرير أنه قبل عشرين عاماً، كان هناك بالكاد أي ثروات خاصة في بلدان مثل كمبوديا وإندونيسيا أو فيتنام؛ وهذا ينطبق أيضاً على الهند والصين.
ومقابل ذلك شهدت المملكة المتحدة والولايات المتحدة تقلصاً في أعداد الطبقة الوسطى، ونفت البيانات أي دليل على وجود مظاهر للتدهور الاجتماعي لقطاعات واسعة من السكان.
الديون الخاصة ليست أزمة وشيكة
في وقت تغرق فيه الدول بأزمة ديون عامة خانقة تنجو الأسر الخاصة من احتمالية دخولها في أزمة ديون وشيكة، وأوضح التقرير أنه «لا توجد مشكلة ديون خاصة عالمية» شارحاً علاقة الديون مع الناتج المحلي الإجمالي.
واستناداً للتقرير فإن نمو النشاط الاقتصادي العالمي ظل عند أعلى مستوياته 6.5 في المئة فيما انخفض معدل الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.5 نقطة مئوية ليسجل 65.4 في المئة، وذلك للعام الثالث على التوالي.
ومع ذلك، لحظ التقرير اختلافات كبيرة بين المناطق، فإن شهدت الاقتصادات المتقدمة استقراراً في النمو إلا أن شمال أميركا واليابان وأوروبا الغربية عانت انخفاضاً حاداً (-8.4 نقطة و-6.9 نقطة أساس على التوالي)، وفي حين أن المعدل في أوروبا الغربية قد ارتفع بمقدار 1.3 نقطة عند 69.0 في المئة، فإنه لا يزال أقل من ذلك في اليابان 70.1 في المئة وأميركا الشمالية 77.2 في المئة.
وسجلت كل من أستراليا ونيوزيلندا الاستثناء الوحيد بين الدول الصناعية، إذ ارتفعت نسبة الدين بمقدار 19 نقطة لتصل إلى 111في المئة، ومع ذلك لا يزال هذا الرقم أقل من الارتفاع السابق البالغ 122 في المئة في عام 2020.
والصورة تختلف معالمها في آسيا وفي معظم الأسواق الناشئة، إذ ارتفعت ديون الأسر الخاصة فيها بشكل حاد خاصة خلال العقديين الماضيين وفق التقرير، وتتبوأ الصين الحصة الأكبر إذ تضاعف معدل الديون إلى الناتج المحلي الاجمالي أربع مرات ليسجل نحو 64 في المئة.
ورغم تضاعف الديون في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية؛ فإنها بقيت عند مستويات معتدلة كما ارتفعت ديون الأسر في الدول التي تعاني من أزمة الدين أو الأسواق الناشئة مثل الهند وفيتنام والفلبين.
ومع التفوق الأميركي وازدياد نصيب الفرد من الأصول المالية في الصين في 2023 بعشرة أضعاف يبقى السويسريون (382.910 يورو) أكثر ثراءً من الأميركيين (314.930 يورو).